كتاب 11

03:12 مساءً EET

الحرامي المؤدب!

تفاجأت باتصال من أمي تخبرني بأن هناك «حرامي» دخل منزلها الواقع في «المحرق»، علماً بأن هذه هي المرة الثانية خلال أقل من 6 أشهر التي يتعرض فيها المنزل لدخول «حرامي»!! في المرة الأولى، تسلق الحرامي الجدار وفتح النافذة وتسلل إلى داخل البيت مستغلاً عتمة وظلام الليل وسرق هاتف جوال واختفى.
أما في المرة الثانية فالحرامي كان مؤدباً جداً، حيث دخل الحرامي من الباب الرئيس للمنزل في وضح النهار، وخلع الحرامي المؤدب حذاءه لكي لا يتسخ المكان، وتسلل إلى عدد من الغرف دون أن يسرق شيئاً!! إنه بمعنى الكلمة حرامي مؤدب!! أو هو حرامي محترف ينوي ارتكاب جرائم أخرى غير السرقة!!
دخل هذا الحرامي المؤدب إحدى الغرف، وما أن شاهد أهل البيت حتى أغلق الباب وأخذ حذاءه وخرج من الباب الرئيس!!
أمر غريب، ولكنه ليس بمستبعد، فالبيت يقع في منطقة غير آمنة فرغم كل الجهود الحثيثة التي تبذلها هيئة الثقافة والآثار لتطوير المنطقة إلا أن المنطقة أصبحت أشبه بالعشوائيات بعد أن هجر بيوتها السكان الأصليون ليحل بدلاً منهم مستأجرون من العمالة الأجنبية!!
تحدثت مراراً وتكراراً عن خطر وجود العمالة الأجنبية وسط الأحياء السكنية وما يمكن أن يتسبب فيه من أضرار مجتمعية، وتحدثت أيضاً في أحد مقالاتي عن تجربة دولة قطر الشقيقة مع ملف سكن العمالة الأجنبية، والذي حددت فيه حكومة قطر أماكن معينة لسكن العمالة الأجنبية تكون بعيدة عن الأحياء السكنية، فلا أذكر أنني شاهدت عاملاً أجنبياً أعزب قط يسكن في بيت بالقرب من مواطن قطري، حيث تشترط دولة قطر على العمالة الأجنبية السكن في سكن العمال والذي يبعد عن الأحياء السكنية كثيراً، وله شروط ومواصفات عالمية ويحقق التوازن للعامل الأجنبي وللدولة ويحافظ على الأمن المجتمعي.
أما في البحرين فلا توجد شروط تحدد سكن العمال!! حيث يأتي العامل الأجنبي إلى البحرين باحثاً عن أي مسكن بأرخص سعر ليعيش فيه، حتى بعض «تجارنا» أو بعض «أصحاب الأعمال» بمعنى أصح ربما لا تهمهم مصلحة الوطن، ولا تهمهم الأضرار المجتمعية الناتجة عن سكن العمال في وسط الأحياء السكنية، فيأتي «صاحب العمل» بالعامل ويستأجر له أرخص مكان دون مراعاة للعوائل الساكنة في هذا المكان، ودون أن يراعي أن وجود سكن عمال بالقرب من الأماكن السكنية قد يؤدي إلى كوارث بل إلى أزمات!!
ليست دولة قطر هي الوحيدة في الخليج التي انتهجت مبدأ سكن العمال، حتى الإمارات العربية المتحدة أصبحت نموذجا يحتذى به في هذا الجانب، حيث يسكن العمال العزاب في سكن عمال مؤهل ومراقب أمنياً، هذا السكن كفيل بحفظ حقوق العامل وحق المجتمع أيضاً، والأمثلة في هذا الجانب كثيرة.
أكرر، لم أستغرب عندما دخل بيتنا الحرامي المؤدب، فالمنطقة التي تسكنها «أمي» هي «المحرق القديمة»، هي المحرق «العريقة»، هي المنطقة التي أطلق عليها حضرة صاحب الجلالة لقب «أم المدن»، هي المحرق التي كانت يسكنها أشهر العوائل البحرينية، هي المنطقة التي كان فيها مقر الحكم سابقاً!! هي المنطقة التي تجاهد الشيخة مي بنت محمد آل خليفة لكي يستوطنها البحرينيون لكي تكتمل صورة مشروع اللؤلؤ الذي سجل على الخارطة العالمية قبل أن يرى النور.. فهل من مجيب!!

التعليقات