كتاب 11

04:51 مساءً EET

رحلوا من أجل أن نحيا

في احتفالية طغى عليها طابع الحزن الممزوج بالفخر والعزة، أقيم مؤخراً معرض «هالات» الخيري، الذي أقيم تحت شعار «عطاؤهم روى الكثير»، للإعلامية والفنانة التشكيلية السعودية هالة الناصر، تحت رعاية سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، رئيس الاتحاد البحريني لألعاب القوى، والذي أناب نجله سمو الشيخ فيصل لحضور حفل الافتتاح، حيث أضفى حضور سموه – حفظه الله – نكهة خاصة على المكان.

إذ خالط سموه أبناء الشهداء بحب وعفوية، وليس بغريب على سموه أن يقوم بهذا الفعل الهمام، وهو لم يبلغ الخامسة بعد، فقد حدثني بعض أفراد العوائل التي تسكن الرفاع، أن سمو الشيخ ناصر وسمو الشيخ خالد كانا يتواصلان معهم في سن مبكرة، وأبلغني أحدهم بأن سموهما كانا يزورانهم لتقديم واجب العزاء، حيث كانت أعمارهما حفظهما الله لا تتجاوز السابعة، فلا أجد غرابة في أن أجد سمو الشيخ فيصل يقوم بهذا الواجب بتواجده في هذا المعرض، الذي قدم لوحات تشكيلية لتخليد ذكرى جنودنا البواسل وشهداء الواجب، والذي خصص ريعه لأسر الشهداء، هؤلاء الشهداء الذين «رحلوا من أجل أن نحيا، هؤلاء الذين ما زالوا رغم رحيلهم عنا يسكنوننا، هؤلاء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن ننعم بالأمن والأمان».
إن رجال أمننا البواسل يقدمون لنا خدمة يفقدها الملايين حول العالم، هم يقدمون لنا خدمة الأمن والأمان، هم الذين يستيقظون يومياً من نومهم «المزعج» بسبب أحلامهم الكئيبة جراء المشاهد المروعة التي يواجهونها يومياً، يستيقظون ليودعوا أبناءهم وزوجاتهم وآباءهم ذاهبين إلى عملهم لتحقيق الأمن لنا جميعاً، يغادرون منازلهم وهم لا يعرفون هل سيعودون إليها أم لا؟
فعجبي من «شرذمة» تحاول الكيد لهم، عجبي من «خونة» يحاولون قتلهم دون حجة إلا أن هؤلاء البواسل يحاولون «تقييد جرمهم»!! جرمهم الذي سئمنا منه، جرمهم الذي حرق «وطناً نشترك بالعيش فيه».
إن حرقك الإطارات في شوارع وطننا على أقل تقدير يزعجني!! يخيفني!! يثير الذعر في قلوب أبنائي!! إنني حينما أعلم بأنك تحمل سلاحاً «ينشف دمي» فأنا لا أعرف أين ستصوب «سلاحك»!! فالذي أوهمك بأن رجل الأمن يستحق «القتل» قد يوهمك بأنني أستحق «القتل» أيضاً وسيضع لك أسباباً ليبيح لك قتلي وقتل الآخرين!!
للأمانة، لا أعرف لمن أوجه خطابي حالياً، فعقلي لا يستوعب أن يحرق أحدهم بيته، فما بالكم بوطنه!! إن عقلي لا يستوعب أنني إذا اختلفت مع الآخر يجوز لي قتله!! إن عقلي لا يستوعب أن أخون وطني وأبيعه وأعيش دون وطن، أو أن أعيش في وطن مدمر يسوده الخراب!! إن عقلي لا يستوعب ألا نتقبل اختلافاتنا، وألا نحترم أفكار الآخرين ومعتقداتهم!! أو أن يؤثر هذا الاختلاف ويتصاعد إلى خلاف يكون المتضرر فيه وطننا ورجال أمننا البواسل الذين يؤدون عملهم بكل إخلاص وتفان.
معرض «هالات» هو انعكاس للدور الراقي الذي يلعبه الفن في خدمة المجتمع، ويستمر لغاية 2 يونيو المقبل، ويذهب ريعه بالمجمل لأسر الشهداء، فليشارك الجميع في دعم هذا المعرض عبر اقتناء اللوحات المعروضة.

التعليقات