كتاب 11

12:32 صباحًا EET

ثقافة الاختلاف و”فك الارتباط”

لقد خلقنا الله عز وجل مختلفين في الشكل والمضمون حتى وان تقاربت  الملامح وتوحدت اللغة  نجد طباع وتصرفات واهتمامات مختلفة من شخص لأخر ناهيك عن اختلاف اللغة والدين والطبيعة والعادات والتقاليد بين الأقطار والقارات  المختلفة ومع ذلك خلقنا الله لنتعارف ونشارك ونتكاتف فيما بيننا ويفيد كل طرف الأطراف الأخرى حتى تستمر الحياة وان اندلعت الحروب بين الناس وتصارعت القوي علي الامتلاك ..قال الله تعالي «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير»
وعلي الرغم من كل الفروق بين الناس في المأكل والمشرب  والملبس والمسكن إلا أن الإسلام جاء  ليساوي بين البشر كما قال الرسول صلي الله علية وسلم في حديثة الشريف ” لا فرق بين عربي وأعجمي ولا ابيض ولا اسود  إلا بالتقوى»،وبعيد عن المساواة التي دعا إليها الرسول والتعارف والاختلاط  والتكامل الذي دعا إلية الله عز وجل ترسخت فكرة الاختلاف والتباين بين البشر في الرأي والتصرفات واللغة والدين والانتماء والحب والكراهية  .
وليكن حديثي اليوم عن الاختلاف الفكري لأنه هو جوهر الاختلاف الحقيقي وهو الذي يقود إلي ظهور الاختلاف والعنصرية ….فنحن في “مصر “لا نعرف ثقافة الاختلاف ولا ثقافة” فك الارتباط ” في أعمالنا ،إذ يصحب الاختلاف في الرأي موجة قوية عتيدة من التلاسن والسخافات ويصحب أيضا “فك الارتباط “في الحياة بصفة عامة وفي العمل والزواج بصفة خاصة موجة عاتية من الكذب والافتراء من اجل إظهار  العيوب وإنكار المميزات هذا واقع نشاهد عقب كل اختلاف في الرأي أو “فك ارتباط “….ومع ذلك نتشدق بكلمات وأمثال بعيدة كل البعد عن الواقع فدائما ما نقول “أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية “و الواقع أن الاختلاف يفسد الود ويخلق الضغينة ويؤجج النفوس ..و الاختلاف قال عنة الإمام الشافعي رضي الله عنه “رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب” ومع ذلك تقوم الحروب والثورات دافعا عن الآراء والمعتقدات حتى لو كانت خطا  ،ونحن نؤيد رأينا ونثور دون أن يكون لدينا أدلة وبراهين علي صحة ما نقول ..ولذلك حتى نكون مختلفين اختلاف صحي لابد أن نمنح العقل والمنطق والبرهان دور أساسي في مساندة ما نقول .
الرأي الصحيح القوي دائما يكون قولا “لين “يغلب فيه الحق وينقي من شوائب الباطل والهوى ويستمد برهانه من العقل  والإقناع ،أما قول الباطل ورأي الهوى  فهو لا يستند إلي عقل ولا منطلق ولا يرتكز علي برهان علمي وصاحبة عالي الصوت غير مدرك ما يقول لا يقبل المناقشة والرأي الأخر.
وفي النهاية أوضح أن حديثي عن الاختلاف الحياتي في القول والرأي لا الاختلاف العقائدي   وعلينا أن نرسخ مفهوم لدي كل الناس أن الاختلاف في الرأي والفكر تجاه أي قضية حياتية يجب أن يكون في إطار العقل والمنطق والتحليل ونتجنب كل ما يدعوا إلي التلاسن المهاترات التي تظهر في الاختلاف ..وعلينا أن ندرك أن “فك الارتباط “قد يكون بداية لارتباط جديد مع نفس الأشخاص ووقتها يبقي كل ما قيل محفور في ذاكرة هؤلاء المتجاوزين والمتجاوز في حقهم .

التعليقات