كتاب 11

12:07 صباحًا EET

قواعد اللعبة وأدواتها بالنسبة لدول الخليج العربي

في ٢٧ يونيو ١٩٨٦ أصدرت محكمة العدل الدولية حكما ضد الولايات المتحدة الامريكية ولصالح حكومة نيكاراغوا في قضية تمويل ودعم أنشطة عسكرية لجماعات داخلية تعمل لاسقاط النظام القائم وقتها لتعويضها عن الأضرار البالغة التي لحقت بها نتيجة هذا العمل فيما بات يعرف بقضية ايران-كونترا او ايران غيت.

ولا داعي للدخول في تفاصيل هذه القضية التي تعد من أشهر الفضائح السياسية للولايات المتحدة الامريكية بالاضافة الى قضية محاولات التدخل لاسقاط حكومة محمد مصدق المنتخبة في ايران في بداية الخمسينات الا انه من الضروري التطرق الى ان امريكا قبلت ان تتعامل بالخفاء مع ايران عندما كانت علنا تسميها بالعدو، وقبلت ان تبيعها أسلحة أمريكية عندما كان ذلك محظور. وبالمقابل قبلت ايران ان تشتري أسلحة من الشيطان الاكبر “امريكا” وعن طريق العدو المعلن اسرائيل، فهي كانت الوسيط في هذه الصفقة مقابل تدخل ايران لدى حزب الله من اجل إطلاق سراح رهائن امريكان اختطفهم الحزب داخل الاراضي اللبنانية.

منذ بداية حكم الملالي في ايران وهي تعتمد أدوات خطيرة لتحقيق أهداف سياستها الخارجية بما لا يتوافق مع أعراف المجتمع الدولي ولا اي مبادئ دولية. وعلى رأس هذه الأدوات هو تأسيس او دعم جماعات غير حكومية في دول اخرى خارج حدودها لتقوم بالقيام بأعمال ارهابية وإجرامية ومن ثم تدخل ايران على خط المفاوضات لكي تتفاوض على مكاسب معنية من غير ان تحاسب او تدفع ثمن ارهاب هذه الجماعات التابعة لها. وهذه القضية هي صورة واحدة من صور هذه الاستراتيجية الإيرانية والتي للاسف قبلت امريكا ان تتعامل معها من منظور براغماتي بوجهة نظهرها الى انه يعتبر مكافأة للإرهاب من اي منظور وإخلال بمبادئ وأعراف المجتمع الدولي الذي تعمل من خلاله الدول وتحدد تعاملاتها مع بعضها البعض.

وهنا يجب ان تسأل دول الخليج العربي نفسها، ماذا يمكنها ان تفعل لتواجه هذه الأدوات وهذه الاستراتيجية؟

ان كان لنا ان ننصح دولنا الخليجية فعلينا ان نحثها على إيجاد استراتيجية تراعي مصالحها وتعمل ضمن مبادئها وقيمها النبيلة وان لا تنحدر لمستوى النظام الإيراني ولا القبول بالتصرفات الإيرانية المخالفة لأي أعراف تحت مسمى البراغماتية التي تبرر امريكا تعاملها وقبلوها للابتزاز والارهاب الايراني.

انما عن طريق الأدوات الرسمية والعمل من خلال المجتمع الدولي كدول لها سيادتها وتحترم النظام الدولي -برغم ما تعرض له النظام الدولي من خروقات حتى من الدول العظمى- فهناك الكثير من الأدوات التي بالإمكان تفعيلها لكي نحمي مصالحنا وأمننا وسيادة دولنا.

وعلى رأس هذه الأدوات هو اللجوء الى محكمة العدل الدولية لمطالبة إيران بدفع تعويضات للبحرين والسعودية واليمن والكويت مقابل الأضرار الجسيمة التي لحقت بهم بسبب التدخلات الإيرانية في شؤونهم الداخلية ودعم جماعات ماديا ولوجيستيا وتقديم التدريب العسكري والأسلحة لهم لتنفيذ أجنداتها في المنطقة والأدلة على ذلك فاقعة ولايمكن إخفائها. وكذلك مطالبتها بإرجاع الجزر الاماراتية المحتلة والكف عن التدخل والسيطرة على العراق ولبنان واحترام سيادتهم ومصالح شعوبهم. وكذلك اجبار ايران على سحب قواتها الرسمية والغير رسمية من ميليشيات ومرتزقة وغيرهم من الاراضي السورية وترك الشعب السوري يقرر مصيره بنفسه من غير دعم نظام الأسد الاجرامي ضد شعبه.

وهذا مسار قررت ايران اتباعه مؤخراً، فرفعت دعوى ضد امريكا في محكمة العدل الدولية ضد حكم المحكمة العليا الامريكية الصادر في ٢٠ ابريل ٢٠١٦ بتعويض امريكا وأسر ضحايا الارهاب الايراني المتمثل في تفجير عام ١٩٨٣لمنشأة البحرية الامريكية في بيروت وكذلك تفجير أبراج الخبر عام ١٩٩٦ في السعودية والذي كان اغلب سكانه من الأمريكان وقضت المحكمة الامريكية العليا فيه بإدانة ايران بدفع ٢.٦٥ مليار دولار وخصمها من الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الامريكية.

وبرغم الإحباطات التي نراها بسبب ضعف وسلبية المجتمع الدولي والنظام العالمي في التعامل مع قضايانا الا انه من العدل ان ننظر بواقعية وان نعترف بقصورنا نحن كذلك في تفعيل الأدوات المتاحة لنا بالشكل المطلوب ومحاولة نقل الصورة الصحيحة والتأثير على الرأي العام في تلك الدول والضغط على الامم المتحدة وباقي مؤسسات المجتمع الدولي لتفعيل هذه الأدوات للحفاظ على أمن واستقرار العالم وعدم مكافأة الارهاب وبالذات الدول التي لا تحترم مبادئ وأعراف المجتمع الدولي وتعمل كراعي اول للإرهاب وتستعمله كأداة ضغط على المجتمع الدولي.

ولنا أمثلة إيجابية كثيرة في تحركاتنا الاخيرة كدول مجلس التعاون في أروقت المجتمع الدولي والنتائج الإيجابية التي حققها هذا التحرك مثل قرار مجلس الأمن رقم ٢٢١٦ التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن وكذلك سحب الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون المغالطات في بيانه الذي زج بإسم التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في قائمة الدول التي تنتهك حقوق الأطفال في مناطق الصراعات وكذلك قرار منظمة التعاون الاسلامية في اجتماعها الأخير في ابريل ٢٠١٦ بمدينة اسطنبول بإدانة تدخلات إيران في الشؤون الداخلية للعديد من الدول ودعمها الواضح للإرهاب. وهناك العديد من الأمثلة الاخرى التي تؤكد لنا انه عندما تتحرك دول الخليج العربي ككتلة واحدة وتستعمل الأدوات الرسمية للمجتمع الدولي كدول تحترم سيادتها وتحترم النظام الدولي ولن تقبل ان تتعرض مصالحها وأمنها لأي تهديد فعندها تكون النتائج منصفه لنا ولمصالحنا من غير الاخلال بمبادئنا وقيمنا التي نعتز بها.

فلا اجد اليوم اي مبرر يمنعنا من سرعة التحرك بتفعيل هذه الأدوات والدفاع عن مصالحنا ابتدائاً من رفع دعوى في محكمة العدل الدولي نطالب فيها ايران بدفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بِنَا بسبب سياساتها في المنطقة ورعايتها للارهاب والتدخل في شؤونا الداخلية. وان نشغلها بنفسها بدل ان تشغلنا بإشعال النار في دولنا.

التعليقات