كتاب 11

12:27 صباحًا EET

ابطالنا …المجرمون العظماء

ابتسم احيانا عندما اري الجدال الدائر و علامات الفزع من كم العنف في المجتمع الانساني. ثم لا تلبث ان تتحول ابتسامتي الي ضحكة عالية عندما ينادي احدهم بالانسانية. و اهم ان اجادله و لكني اوثر الصمت لانه لكي يري ما اري يجب ان نبدا الرحلة معا من ١٣٠٠٠ عام مع اخر عصر جليدي و ذوبان الجليد و هذا ما لن يطيقه معي. ولكني قررت ان اشارككم معي هذه الرحلة و هي رحلة في التاريخ و في نفس الوفت في الجانب المظلم من عقلنا.

مع انحسار الجليد كان الانسان يعيش حياة العصر الحجري يسكن الكهوف و يعتمد علي الصيد و النباتات البرية  و ذلك حتي ١٠٠٠٠ عام مضت عندما بدا الانسان في الزراعة. هنا انفسمت المجتمعات الي مجتمعات صيد و اخري زراعية. و اختلفت خصائصهم فمجتمعات الصيد كانو كثير الترحال و الحروب و الهجوم على التجمعات الاخري و ذلك لنيل الغنائم. اما المجتمع الزراعي فكان مسالما كثير الصبر يعيش حياة رغدة مقارنة بالصيادين. و من هنا بدات عصابات الصيادين او المحاربين بالاغارة علي المزارعين من اجل المحاصيل. و في وقت غير معلوم تفتق ذهن عبقري شرير من المحاربين الصيادين انه بدلا من الاغارة على المزارعين يمكنه حمايتهم نظير اتاوة. و كان هذا اصل الضرائب. و مع الوقت اصبح المحاربين الاقوي لهم منطقة يتجمع حولها مزارعين تحت حمايتهم و كان هذا اصل المدينة. و كان رئيس عصابة المحاربين هو الملك. اذا فالملك او السلطان ما هو الا مجرم جماعي و ليس على مستوي فردي. تلك هي النقطة التي يجب ان نتفق عليها. الملك او الزعيم هو مجرم عظيم فاق باجرامه الحدود الفردية ليكون على مستوي الجماعة و في صالح الجماعة و ليس ضدها.
ان ما ننكره علي الفرد نقبله علي المستوي الجماعي. فليس اخلاقيا ان تسرق او تغتصب او تقتل علي المستوي الفردي و لكن في الحروب  و علي مستوي الجماعة ذلك مباح بل محمود … فالغنائم و السبايا و القتل عامل مشترك في كل الحروب الا ما ندر. و كلما قتلت اكثر اصبحت اكثر شهرة و كلما نكلت باعدائك خلدك التاريخ . ابحث في ذاكرتك او حتي في اي منهج ستجد العظماء هم السفاحوان. لا تجد ذكرا لمن اضاف للحضارة الانسانية فلا نجد تمثالا للخوارزمي او بن رشد او جاليليو او نيوتن بل تجد عظمائنا هم هؤلاء السفاحبن المقتدرين. كل جماعة تعتبر لها عظماؤها الذين نكلو باعدائهم. فكاليماكوس في معركة ماراثون ب ١١٠٠٠ مقاتل اباد نصف الحيش الفارسي وهم حوالي ١٠٠٠٠٠ مقاتل. و الاسكندر الاكبر في موقعة ارابيلا ب اربعون الف مقاتل و اجه داريوس ب ٢٥٠٠٠٠ مقاتل و نحر نصف جيشه. تلك هي المعارك التي خلدتهم. هانيبال بمغامرته الشهيرة بعبور الالب بجيشه ليفاجئ الروم من الخلف اضاع نصف جيشه في الصقيع و انتصر بالنصف الاخر على الجيش الروماني و اباد حوالي ٧٠٠٠٠ مقاتل رجع بخواتمهم الي قرطاج. و كذلك مذابح اتيلا ملك الهون ، جنكيز خان، تيمور لنك، صلاح الدين ، محمد علي . لم يكن صلاح الدين الايوبي ذلك الذي ظهر في شاشة السينما فقد اباد ١٠٠٠٠٠ شيعي فاطمي و حول مصر من التشيع الي السنة مرة اخري. و كذلك محمد علي في مذبحة المماليك . و العظيم ابراهيم باشا القائد الذي لم يهزم في معركة دخلها.
نحن كانسانية نمجد العنف طالما في صالح الجماعة. فلنواجه انفسنا و لنراها عن حق. عظماؤنا هم الاكثر قوة و بطشا و ليسو الاكثر نفعا. حتي في الحب و العشق و الهوي تحلم الفتاة بفارس او مقاتل بمعني اخر قاتل محتمل. و عندما كنا قبائل كان ليلفت ذكر ما نظر فتاة يذهب للقبيلة المعادية و يمارس عادة نحر الرئوس و يرجع غانما فتراه بطلا. و ما اسهل ذلك بشرط ان تعود حيا. فلنراجع ادبياتنا ستجدونها مليئة بذلك.
حضارتنا الانسانية نسجت على الدماء و العنف و المذابح … ابطالنا هم من كانو الاكثر بطشا و الخير كان ينتصر فقط عندما يكون اكثر بطشا. ان اكذوبة الانسانية النبيلة التي اخترعها جان جاك روسو في عصر النهضة لا تستقيم مع تاريخنا الدموي و ما يبثه الاعلام كل يوم و نتجاهله و لا نري الي احلاما وردية. فحتي نقلع عن عادة نحر الرئوس التي مارسناها منذ بدا الخليقة فلا تحدثني عن نبل الانسان.
ملحوظة … استثني من هذا كل رمز ديني فتلك حالة خاصة

التعليقات