كتاب 11

09:03 صباحًا EET

حديقة حيوان ميدان رابعة

ليس اعتصاما بريئا هذا التجمع بميدان رابعة من البسطاء والمغيبين، وما هو إلا حماية من كتل بشرية لمجرمين صنعوا من أجساد الأطفال والنساء والشيوخ دروعا، المجرمون الذين يتشدقون بكلام قميء عن الشرعية ما هم إلا ذئاب في النازع الآخير، يهربون بين الناس ويحتمون فيهم متصورين أن ذلك ينجيهم من مصيرهم المحتوم خلف الأقفاص، فهم يدركون جيدا حجم الجرائم التي ارتكبوها، والتي تصل إلى حد الخيانة العظمى، ومنهم من ينتظره حكم بالإعدام، فما أكثر مصائبهم وما أفدح ما اقترفته آياديهم الملوثة بدماء المصريين منذ 28 يناير من العام 2011 وحتى لحظة كتابة هذي السطور المتواضعة، إذن هي بالنسبة لهؤلاء معركة بقاء، رغم أن كل يوم يمر تزداد صحيفة سوابقهم سوادا على سواد، ولا سبيل للخروج الآمن بعد أن فات الميعاد، وقطع المصريين بأنه لا تصالح في دم، ولا تنازل عن إعلاء راية دولة القانون.

لكن هؤلاء يسكنهم الوهم، ويظنون أنهم يستطيعون بالتآمر على الوطن والاستقواء بالخارج أن يحرروا المعزول ليصبغ عليهم حمايته من جديد، فكم حرر إرهابيين وكم دعم إرهاب، وما من مصري حر وواع إلا ويريد القصاص منهم بما يرض الله والقانون، وقد قلت منذ عدة أشهر أن "مرسيهم" لن يجد ترفا وجده سابقه المخلوع أثناء المحاكمة، فالمخلوع مبارك رغم قبحه، ورغم فساده، ورغم ما ارتكبه في حق المصريين، إلا أنه لم يجنح للخيانة العظمى، ولم يكن جاسوسا ولا مفرطا في حبة رمل من الأراضي المصرية، ولم يعقد الصفقات ويحصل على المليارت ثمنا للتفريط، وكيف للقوات المسلحة الشريفة صاحبة العقيدة الراسخة أن تحرر مجرما، وهي من سلمت رجلا كان يوما من رجالاتها وشارك في أكتوبر العظيم إلى المحاكمة؟، مهما اختلفنا مع فترة الجنرال "العجوز" طنطاوي.
والمؤسسة العسكرية لا يجرحها أن يتطاول عليها لقطاء لا يعرفون معنى الوطنية، وليس لهم من الدين إلا بقايا كلمات ونتف من العبارات لازالت عالقة بألسنتهم فقط، ولو قضوا عاما معتصمين بميدان رابعة لن يتحقق لهم هدفا إلا أن يصبح الميدان موبوءا، ولن يتحوَّل حتى لمزار كحديقة الحيوانات، رغم أن أهم إنجازات كبيرهم محمد بديع أنه البيطري الوحيد في العالم الذي استطاع تحويل الدواب من كائنات نباتية إلى كائنات شرسة ودموية تستحق العيش في أقفاص شديدة الحراسة.

التعليقات