كتاب 11

01:17 مساءً EET

هل أنت عنصري؟

بصراحة، كل النكات التي يلقيها البعض على البعض الآخر عنصرية. منذ طفولتي وأنا أسمع نكاتًا عن شخصية أبو عبد البيروتي. لم يتحدث أحد عن طيبة قلبه أو شهامته أو رجولته، بل عن غبائه. وبما أنه شخصية بيروتية، فإن النكتة التي تبدو بريئة هي شتيمة مبطّنة، حتى وإن لم يخطر ذلك ببال قائلها.
الكثير من الناس لديهم نكات حول «آخرين»: المصريون حول الصعايدة، واللبنانيون حول الحماصنة، والبريطانيون حول الآيرلنديين، ومن يعرف، فلربما هناك فئة من الهنود تمارس عليها الغالبية الضحك، أو ربما كان الصينيون مولعون بإلقاء النكات على الفلبينيين. وأهل الريف في كل مكان عرضة لتهكم أهل المدن.
هذه النكات قد تضحك كثيرًا. هناك راوٍ ماهر وراء من جاء بكل واحدة، ثم مقلدون مهرة عندما تنتقل النكتة من شخص لآخر. لكن وشاحًا من العنصرية يلفّها جميعًا. وهي وجه من وجوه الصورة العنصرية التي تلف العالم كلّه. يتعرض إليها الآن بعض العرب والمسلمين عندما يتنقلون في الغرب، لكنها ممارسة فيما بيننا قبل سوانا.
السينما، التي هي أكبر المرايا عكسًا للواقع، لم تخل بالطبع من هذه النظرة الفوقية على الآخر، وجرى للسينما الأميركية، فقط من باب المثال، استخدام وصفات محددة للأقوام الأخرى: المواطنون الأميركيون الأصليون صاروا هنودًا حمرًا. نفهم أن كولومبوس اعتقد أنه وصل إلى الهند فأصبح المواطن الأميركي هنديًا على نحو تلقائي، لكن ماذا عن حمر؟ هل هم حمر البشرة؟
الصينيون هم الصفر، لكن هل هم صفر الوجوه؟ لا التباس بالنسبة لذوي البشرات الداكنة، فهم سود على الرغم أن الأسود لون مختلف كثيرًا، ثم هل البيض فعلاً بيض؟ الأبيض لون الحليب.. فهل البيض هم بيض فعلاً؟
الجواب على كل هذه الأسئلة هو لا. ويجب ألا يفوتنا أن السينما ذاتها، والسينما الأميركية في عدد كبير من أفلامها، حاربت العنصرية. سبقت الواقع في مناهضة أسبابه وفي شرح أن «الآخر» هو شخص فعلي يشابهك تمامًا في كل شيء، وفي مقدمة الأشياء الأحاسيس والمشاعر.
للأسف، فإن الجموع تتحرك بتلقائية عاطفية. حين يهاجم نازيون جدد مسلمًا أو يهوديًا، فإنه لا أحد منهم يعترض لأنه لا يريد الخروج عن القطيع. من الأسهل عليه أن يوافق، وبذلك يظهر تعاضده و«رجوليته». يكاد يسمع من سيقول له إذا لم يشترك: «هل أنت امرأة؟ لماذا لم تضربه؟»، سيعتبر مثل هذه العبارة إهانة إليه (في حين إنها إهانة للمرأة وإهانة لقائلها في الواقع فهي تحدده كمتخلف).
العنصري، بصرف النظر عن جنسيته، لا يريد أن يوازيه الشخص الآخر إذا ما اختلف عنه. الدين ولون البشرة والجنسية التي يحملها هي منافذ قوّة يوظفها العنصري سريعًا لصالحه. يريد العنصري أن يشعر بأنه مميّز. أعطه مثل هذه الميزة قد يحبك. عامله كند سوف يكرهك. هذا لا ينطبق على العنصري الأبيض فقط، بل جرّب أن تعيش في بعض أركان آسيا الجنوبية، وستجد أن الوضع لا يختلف. دائمًا هناك نحن وهم. هي موجودة داخل البلد الواحد فلم لا تكون موجودة بين المجتمعات المختلفة؟
ما الحل؟ بالثقافة. أين نجدها؟ كتبنا المدرسية تخلو منها، لكن هذا يجب ألا يمنع المرء من تلقيها. حال يدرك أن الآخر هو أيضًا هو، فإن أمورًا كثيرة تتغير.

التعليقات