كتاب 11

02:33 مساءً EET

حقوق الإنسان في البحرين

منذ أحداث 14 فبراير (شباط) 2011 ومملكة البحرين تتعرض لحملة إعلامية شرسة خاصة ممن تسمي نفسها بـ«منظمات حقوق الإنسان»، وتقف وراء هذه الحملة وتمولها دول أجنبية، وخصوصًا إيران في إطار الحرب النفسية التي تتعرض لها البحرين منذ ذلك الوقت. وآخر المستجدات التي طرأت على هذه الحملة هو تقرير المفوضية السامية لمجلس حقوق الإنسان في تقريرها عن حقوق الإنسان في البحرين، ولقد استنكرت البحرين ودول مجلس التعاون هذا التقرير الذي هو بعيد عن الحقيقة، لأنه لم ينظر إلى القضية إلا بمنظار واحد وهو وجود معتقلين كانوا أداة لإيران لتنفيذ المؤامرة على البحرين.
والذي يثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أن الحملة الإعلامية المسعورة التي تتعرض لها البحرين هي ذات أهداف سياسية بالدرجة الأولى، ولم يتعب نفسه كاتب التقرير لكي يرجع إلى مصادر معلومات من البحرين أو من دول الخليج العربي، ولذا ومن منطلق توضيح الحقائق ووضع النقاط على الحروف نقول: «إن مملكة البحرين لها تاريخ عريق وحافل في مجال حقوق الإنسان»، فهي دولة عرفت المجتمع المدني منذ بدايات القرن العشرين، حيث حصل المواطن البحريني على كثير من الحقوق والمكتسبات من قبل الدولة مثل مجانية التعليم والرعاية الصحية والإسكان وفرص العمل والحرية الدينية لكل الطوائف والمذاهب، وفوق كل ذلك وذاك شهدت البحرين تجربة ديمقراطية بإنشاء المجلس التأسيسي في عام 1973م وأصبح للمواطن البحريني حق الترشيح والانتخاب، وكان هذا المجلس من أقوى المجالس الديمقراطية في العالم العربي ولولا التدخل الأجنبي من قبل إيران وغيرها من الجهات لاستمرت هذه التجربة ولما أقدمت الحكومة على حل المجلس.
وعندما جاء عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة بدأ بمشروع إصلاحي كبير، حيث رجعت كل رموز المعارضة للبحرين وبدأت تجربة ديمقراطية لا تزال مستمرة رغم تعرض البحرين لمحاولة انقلاب في 14 فبراير 2011 تقف وراءها إيران وجهات أجنبية، وذلك في إطار التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية. ماذا يراد من دولة يتعرض أمنها الوطني لخطر خارجي كاد يلغي وجودها كدولة عربية؟ هل تتفرج الدولة على هذا الخطر؟
لا أريد هنا التحدث عن حقوق الإنسان في البحرين بمجملها، فهذه يمكن الرجوع إليها في كثير من المراجع والمصادر، ولكن أستطيع أن أقول ككاتب صحافي ما يمكن أن يقال في مجال حقوق الإنسان في البحرين إنه منذ تولي الملك حمد مقاليد الأمور عام 1999م، قامت المملكة وفي ظل المشروع الإصلاحي للعاهل البحريني بخطوات رائدة في مجال حقوق الإنسان شهد بها العالم كله.
وتبدو هذه المنجزات في مجال حقوق الإنسان واضحة على أكثر من مستوى؛ الأول: القانوني، حيث قامت مملكة البحرين بالتصديق على غالبية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الحقوقية، وفي مقدمتها العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، واتفاقيات مناهضة التعذيب والعمل الدولية ومكافحة التمييز العنصري وحقوق الطفل والمرأة وغيرها من المعاهدات.
المستوى الثاني، وهو المؤسسي، حيث أنشأت البحرين الكثير من اللجان والمؤسسات الحقوقية، ومنها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التي أنشئت وفقًا لمبادئ باريس العالمية، ولجنة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية والأمانة العامة للتظلمات ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين ووحدة التحقيق الخاصة، كما تم تشكيل لجنتي حقوق الإنسان في مجلسي النواب والشورى، وسمحت البحرين بتأسيس جمعيات تعنى بحقوق الإنسان وقد ازداد عددها ودورها، منها الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وجمعية مراقبة حقوق الإنسان وجمعية كرامة وغيرها. المستوى الثالث، ويتمثل في مجال ممارسة العمل السياسي، حيث صدر القانون رقم 24 لسنة 2002 بشأن الجمعيات السياسية، والذي جاء في مادته الأولى: «للمواطنين رجالاً ونساءً حق تكوين الجمعيات السياسية، ولكل منهم الحق في الانضمام لأي منها»، وقد تم تشكيل أكثر من 20 جمعية سياسية تمارس عملها من دون معوقات، هذا فضلاً عن ممارسة حقي الانتخاب والترشح بشكل منتظم خلال الانتخابات التي شهدتها البحرين طوال العقد ونصف العقد الماضيين، والذي لم يقتصر على العمل العام فحسب، وإنما امتد للعمل النقابي والأهلي أيضًا.
ويعكس هذا السجل الحافل والمشرف لمملكة البحرين عدة حقائق جوهرية، منها: أن الحريات بمفهومها الواسع مكفولة بنصوص الدستور والميثاق الوطني والقانون والممارسة على الأرض، وانطلاقًا من ذلك، تم توفير الكثير من الآليات والقنوات الشرعية للتعبير السلمي عن الحريات والحقوق، وأبرزها حرية الرأي كحرية الصحافة والإعلام والسماح بتنظيم الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والحلقات النقاشية؛ والتي وصل عددها منذ تولي الملك حمد حتى 2015 أكثر من 5 آلاف ندوة ومؤتمر ومحاضرة وحلقة نقاشية، أتيح فيها لقوى المجتمع المختلفة التعبير عن نفسها والإدلاء بآرائها. ولا شك أن دعم القيادة السياسية للحوار الوطني من أبرز البراهين التي تؤكد إصرار البحرين وعزمها على إزالة أية عقبات في سبيل البناء والتنمية، فمنذ تولي الملك أمانة المسؤولية لم ينقطع الحوار أبدًا وشهدت البحرين بعد عام 2011 أكثر من جولة حوار كان يدعو لها الملك حمد على الرغم من محاولات تعطيلها واستكملت جميع جولات الحوار الوطني، ونجح في الخروج بتوافقات كثيرة، وتم تنفيذ المرئيات المنبثقة عنه بتوجيهات من العاهل البحريني، وأعلنت مملكة البحرين للعالم العام الماضي نجاح الحوار الوطني في جميع مراحله، كما أكدت أن الحوار متواصل دائمًا ولن يستثنى منه أحد.
وختامًا.. فإن البحرين كغيرها من الدول التي تعطي أولوية قصوى لحماية مقومات قوتها ومنجزاتها، وبالتالي لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي أمام أية محاولة للمساس بأمن الوطن والمواطنين والمقيمين، وهو ما تقوم به دومًا، وستظل تقوم به لتأكيد حقوق الناس في العيش في أمان واستقرار.

التعليقات