كتاب 11

01:38 مساءً EET

«حلاق الصحة» والمشروع الاستيطاني

 
كلما واتتنا فرصة جديدة لنبدأ ونتفادى أخطاءنا أضعنا الفرصة وكررنا مآخذنا، والفرصة التي حصلنا عليها آخيرا بفضل 30 يونيو قيد الضياع، مازلنا نتكلم عن فلول، وعن عودة نظام مبارك، وعن دولة بوليسية تطل برأسها من جديد، وكل هذا الهري يتم خارج الملعب القانوني الذي تركناه لخصمنا يصول ويجول، ولو كانت الملكية عادت لعاد نظام مبارك، والشعب ضرب أصنام الخوف في مقتل وغابت الدولة البوليسية إلى الأبد، والمؤسسة العسكرية لا تطمح في الحكم ولا يعنيها إلا الأمن القومي، ولا يوجد فلول غير اليمين المتطرف، ما نقوله ليس دعوة للتشاؤم، فتفاؤلنا لا حد له، لكنها دعوة لإنقاذ الثورة من أنفسنا.

فمنذ يناير من العام 2011 ومصر تعيش حالة ثورية تهدأ ثم تنشط من جديد حسب ما يتم على أرض الواقع، ثورة لها خصوصيتها، غيرت وتغير في المفاهيم العامة لفكرة الثورة، ولا تتشابه مع أي من الثوارات قديها وحديثها، ثورة ذات تركيبة اجتماعية مختلفة عن أي ثورة قرأنا عنها أو عايشناها، وهي أيضا الثورة الوحيدة التي بالإجماع الشعبي، وسيظل العالم يلجأ إلى دراستها والتعلم منها في كل حين وكلما اقتضت حاجة الشعوب للثورة على الأوضاع الشاذة والنظم الفاسدة والطغاة، فنحن أمام ثورة ممتدة منذ عامين ونصف العام ومازالت تتدافع موجاتها وتقدم نموذجا فريدا متقدما حين تفضح من يخدعها وتتجدد ذاتيا، ولا تخبو ولا تنطفيء بل تشتعل كلما ناصبها الأوغاد العداء، ثورة تؤججها قطرة دم واحدة سالت من جندي أو ضابط، استشهد أو أصيب على أرض الفيروز فى سيناء، وبسائر أرجاء المحروسة التي تستمد طهرانيتها من طهارة دماء الشهداء، ولا فرق بين دماء ودماء سالت من أجل حرية الوطن، دماء عسكريين أو مدنيين، فقطرة دم من من جيكا وكريستي والجندي وضباطنا وجنودنا أطهر من دماء المرشد وعصابته ومريديه، ولا أشعر بالقلق أبدا على ثورتنا، ومازلت على تفاؤلي، رغم المشروع الاستيطاني الذي بدأ المجرمون المحتلون تنفيذه بعد 30 يونيو، ومن ثم، أتفهم تروي الأمن في فض الاعتصام الإجرامي، لكنني لا أتفهم إطلاقا أن يسمح لهم باحتلال مساحات أخرى، ولا أتفهم أبدا السكوت عن أغاليط يتم نشرها في محاولة أصفها بـ "الحرب النفسية" عن طائرات تجسس على القوات المسلحة وخلافه، في الوقت الذي تمتلك فيه الأجهزة الأمنية المدنية والعسكرية ما يمكنها من اكتشف ذلك بسهولة، ومثل هذه الأغاليط لا تنطلي إلا على من يريد أن يصدقها.نعم في مصر أكثر من 30 مليون مواطن يستطيعون تطهير البلاد بأنفسهم مثلما فعل أهالي الألف مسكن وغيرهم من المواطنين الذين بلغ كرههم للأخوان – بفضل الإخوان – مداه، فالشعب الذي أسقط الجماعة وأيتامها من حماس لقادر على سحق المشروع الاستيطاني الإرهابي، ويبق عنصر الوقت هو الأهم، فكلما تركنا لهم مساحات يتحركون فيها كلما كان من الصعب القضاء على هذا المشروع الشيطاني إلا بمزيد من الخسائر المادية والبشرية، سيما وأن هناك من الشخصيات العامة التي تدعم الإرهاب وتعضده رغم أنهم صدعوا رؤوسنا بالحديث عن الديمقراطية من أمثال أيمن نور وعبد المنعم أبو الفتوح والعوا وأحمد مكي وكل هذه الوجوه الشائهة.ولو كان شعبنا الثائر يمتلك القدرة على المقاومة، وله من آيات الباسالة والشجاعة ما يجعل القضاء على الأجلاف بالأمر اليسير، والتاريخ لخير شاهد على عظمة هذا الشعب، هذا من ناحية، لكن من ناحية أخرى نقر بأن الشعب لا يمتلك القدرة الاستخباراتية لكشف ما يتم في سيناء، ولا التعرف على طرق الإمدادات التي يحصل عليها الإرهابيين، سيما الأموال التي تنفق على مدى أكثر من شهر، وطبيعي أن تدخل هذه الأموال عن طريق غير مشروع، ونعتقد أن هناك دبلوماسيين أجانب على شاكلة السفيرة الأمريكية – التي رحلت – كانوا ومازلوا هم الجسر الذي تصل الإمدادات عبره، فهذا من صميم عمل أجهزة الدولة، لذا ننتظر منها أن تخبرنا عما تعرفه عن طرائق حصول زعماء العصابة وأصحاب المشروع الاستيطاني على المبالغ الطائلة – بالعملة الصعبة – التي ينفقونها على الإرهاب والإعاشة في مستوطنتي رابعة والنهضة وسيناء، ويؤسسون بها مستوطنات جديدة لتعقيد المشهد، ومنها "مستوطنة سفينكس" الوليدة التي تعد مؤامرة من الطابور الخامس لصالح "رابعة" ولتعضيد فكرة "الانقلاب" ويحمل جينات سكان مستوطنتي "رابعة" و"النهضة"، من خلال المشروع الاستيطاني، ولم يعد هناك مساحة من الوقت فالثورة على المحك والخطر يحدق بقوة، ولو لم ننقذ 30 يونيو ممن ذكرناهم سلفا من المسوخ أحمد مكي وعبد المنعم أبو الفتوح وأيمن نور وسليم العوا وأمثالهم، فهم رؤوس الأفاعي في الطابور الخامس، وما من شك أننا معرضون لمأزق تاريخي، لو تقاعسنا من جديد، خاصة وأن هناك كثيرين صاروا عبئا مضاعفا على الثورة، فأغلب الحقوقيين الآن يقومون بوظيفة "حلاق الصحة" التي كانت مصر تعرفها قديما، بعد أن نشطوا كثيرا في عملية كبرى لختان المحروسة، و"حلاقون الصحة" من المعروفين بـ "النشطاء" أزادوا من ارتباك الأوضاع، وأطالوا من عمر مستوطنتي رابعة والنهضة، ورعونتهم تدفع لوجود مستوطنات أخرى على أرض الواقع، طالما كانت الدولة تخشى حناجرهم وأصواتهم الزاعقة.ونؤكد مرة أخرى، الإخوان يجندون حركات وشخوصا للعك، وتعقيد المشهد، وتحقيق أكبر قدر من الفوضى باسم المعسكر الثالث، أو الميدان الثالث – الطابور الخامس – ولا يوجد هناك غير شعب مصر وعصابة فقط لا غير، ولو لم يتحرك الجميع بسرعة سيكون الفساد الأكثر سرعة، والهدف هو خلق دولة موازية تستدعي التدخل الأجنبي.
 

التعليقات