كتاب 11

03:22 مساءً EET

السيّد حسن دحلان .. وبيت التجـار والرؤية 2030

أحسنت الغرفة التجارية والصناعية بجدة في تعيين الأستاذ السيّد حسن دحلان أميناً عاماً للغرفة، فهو يملك من القيم والثقافة والتعليم والخبرة والقدرة على التواصل، وقبل ذلك وبعده حسن الخلق ما يمكنه من النجاح بإذن الله. جمعتني الظروف بالأستاذ السيّد الدحلان أكثر من مرة في مناسبات خاصة، كنت أحمل رأياً سلبياً متشائماً عن رؤية 2030 وكان السيّد حسن يستمع جيداً لطرحي، فهو من الموالين والداعمين للرؤية بعقلانية بعيدة عن التصفيق، يملك مقدرة فذة على الإستماع والإقناع وذلك بالتركيز على بعض بنود الرؤية لكي يجد محدثه نفسه متقبلاً للإيجابيات. ولذا، فأنا متفائل جداً بتعيين حسن دحلان أميناً عام لغرفة جدة المعروفة ببيت التجار لعدة أسباب: (1) تهيئة البيئة المناسبة في محافظة جدة لرؤية 2030؛ (2) خدمة قطاع الأعمال في جدة الذي يعتبر من أهم قطاعات الأعمال في السعودية؛ (3) خدمة الشباب السعودي (ذكور وإناث) في جدة التي باتت مصب لكل الشباب المهاجر والباحث عن عمل من سبعة مناطق مجاورة؛ (4) خدمة محافظة جدة ومنطقة مكة المكرمة عبر مسئولية الغرفة الإجتماعية في المؤتمرات والندوات واللقاءات؛ وبأهمية خاصة (5) لأن غرفة جدة تعتبر الحاضنة الرئيسية للوزراء قبل تعيينهم. فنتمنى لأستاذنا السيّد حسن دحلان العون والتوفيق من الله.

 

لا أظن أن الغرف التجارية، وخاصة غرفة جدة، كان لها أي أهمية في الماضي بقدر أهميتها اليوم، بسبب إعتماد الرؤية على القطاع الخاص المحلي في الخصخصة؛ والإستثمار المحلي والأجنبي؛ والسياحة بكل أنواعها؛ وانطلاق قطاع الترفيه؛ وتفعيل العمرة والزيارة؛ وتوظيف الكفاءات الوطنية في ظل منافسة شرسة؛ وفتح الأفاق في ريادة الأعمال من الجنسين؛ وتمكين المرأة؛  والتخلص من التشوهات الكبيرة والمستجدة في قطاع الأعمال وسوق العمل. ومن هنا نجزم بأن نجاح الغرفة التجارية والصناعية في جدة بات ضرورة قصوى لنجاح رؤية 2030 لسببين: (1) أنها أقدم غرفة تجارية وتملك موروث تجاري متنوع طويل وثري؛ (2) أن مرتكزات الرؤية تمر عبر محافظة جدة في السياحة والعمرة وبالتالي الإستثمار المحلي والأجنبي. (3) أن إثنين من الوزراء الفاعلين في الرؤية حالياً: وزير الإقتصاد والتخطيط ووزير التجارة والإستثمار هم من أبناء غرفة جدة.

 

حماس وكفاءة غرفة جدة لا تكفي ولن تكفي، حتى لو جيء بشخصية ديناميكية وكفؤة مثل السيّد حسن دحلان فنحن نجزم أنه لا يملك “عصا موسى”. فالغرف التجارية عموماً، وغرفة جدة خصوصا التي يعوّل عليها في كثير من مرتكزات ومحاور الرؤية، أو هكذا نظن، لم يلقى لها بال في “برنامج التحوّل الوطني” الذي إقتصر على (23) وزارة وهيئة حكومية وركّز على تحسين الأداء الحكومي فقط، في خطة تهدف إلى تخفيف الإعتماد على الحكومة وزيادة الإعتماد على القطاع الخاص، ورصدت الدولة قرابة (270) مليار ريال لتحسين أداء القطاع الحكومي في خمس سنوات، لكن الغريب والمثير، أننا لم نشاهد برنامجاً لدعم الغرف التجارية وتحسين أدائها لتخدم توجهات رؤية 2030. هذا العجز بين التخطيط والتنفيذ Descripency، مطلوب من أمين عام الغرفة في جدة تلافيه بأسرع وقت ممكن. وننصحه بكل أمانة أن لا يتبع الأسلوب التقليدي في المكاتبات والخطابات، بل يقدم دعوة رسمية لأمير الرؤية ورئيس المجلس الإقتصادي والتنمية لزيارة الغرفة بعد أن يرسم خطة بالتعاون والتنسيق مع التجار، وتقديم عرض مباشر، بعيداً عن وزراء الرؤية.

مطلوب من أستاذنا السيّد حسن دحلان، وفقه الله وأعانه، أن يشكل فريق قوي لمحادثات طويلة ومضنية مع الحكومة، ووزارة المالية خصوصاً لإنهاء مستحقات المقاولين ودفعها بأسرع وقت ممكن للحفاظ على أولئك التجّار كمحرك رئيس في الإقتصاد والحفاظ على نسبة توظيف عالية للكفاءات الوطنية فيها. فلا يمكن لقطاع الأعمال في جدة، أو في أي مكان في السعودية، وكبار التجار والمقاولين يتعثرون مالياً بسبب تأخر الحكومة في صرف مستحقاتهم. إذا أرادت الحكومة أن تنجح في إنطلاق رؤية 2030 فيتحتم عليها التخلص من إرث الماضي الذي سيشكل دفعة قوية للأمام، أو يكسر ظهر التجار ثم تترنح الرؤية. ولا بأس أن يدخل أمين عام الغرفة في مفاوضات ومقايضات مع أصحاب المستحقات بضمان التالي: (1) زيادة توظيف الكفاءات الوطنية في منشأتهم؛ (2) التوسع في الأعمال بما يتماشى وأهداف الرؤية؛ (3) استيعاب رواد الأعمال أما. بمنحهم عقود من الباطن أو ترك بعض الأعمال الصغيرة والمتوسطة لهم.

 

أخيراً، نجزم بأن السيّد حسن دحلان بما يملك من قيم وخبرة وذكاء وحسن تواصل لديه العديد من الأفكار العملية، ولديه القدرة على التعبير والإقناع ليصل إلى أهدافه الوطنية السامية. لكننا نتقدم له بثلاث نصائح: (1) الإبتعاد عن إرتداء “البشت” لأن فيه سر “باتع” يقضي على المسئول، وهو الإيحاء لمن يلبسه بأنه من طينة غير طينة البشر، وأنه أوتي مالم يؤت أحد من العالمين، وله في وزراء الرؤية الذين خرجوا في حلقة “الصدمة” خير مثال وعبرة، فما أن نزعوا بشوتهم ظهروا على حقيقتهم المزيفة للعامة، كشفوا أنفسهم، وكشفوا الحكومة، و”إنكفشوا” من الرأي العام; (2) خصص يوم مفتوح معيّن كل شهر لقضاءه مع الكتاب والمثقفين والإعلاميين ولا بأس من طعام غداء فالمثل يقول “إطعم الفم تستحي العين” ونضيف يستحي القلم وكل الجوارح وإذا كانت الميزانية لا تكفي فقدم لهم “شاي بالنعناع”، يكفي؛ (3) كن أنت يا سيّد حسن. فالوطن بحاجة للمخلصين الأكفاء أمثالك، ولَك منا الدعاء بأن يعينك الله ويوفقك في مهمتك الشاقة والعسيرة، وكل مسئول كفؤ في بلادنا. حفظ الله الوطن

 

كاتب سعودي
turadelamri@hotmail.com
@Saudianalyst

التعليقات