أفضل المقالات في الصحف العربية

01:48 مساءً EET

هل عاد «الإخوان» لإعادة التدوير؟

خبر قيام السلطات المصرية بتوقيف كل من أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط ونائبه عصام سلطان قبل أيام، هو في الواقع خبر يحمل الكثير من الدلالات، أبرزها أنه يشرح بشكل غير مباشر إحدى الألاعيب التي يمارسها الإخوان المتأسلمون، سواء للالتفاف على الإجراءات القانونية التي تتخذ ضدهم، أو لمخاطبة المترددين من جمهورهم، وحتى لاستقطاب بعض المعترضين على سياساتهم وأفكارهم، من خلال عملية بسيطة تشبه إعادة التدوير!

ومع أن الإخوان ليسوا أول من استخدم هذه الفكرة في التنظيمات الشمولية والإرهابية، إلا أنهم أبرز من استخدمها في المنطقة العربية ولأغراض معروفة وواضحة.
فكرة تأسيس حزب الوسط، مثلاً، جاءت للالتفاف على القانون الذي كان يمنع تأسيس أحزاب على خلفية دينية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، حيث بدأت العملية بتقديم طلب منفصل عن الإخوان لتأسيس حزب سياسي جميع أعضائه من الإخوان، ولدعمهم بشكل غير مباشر قام مكتب الإرشاد بفصلهم جميعاً.. وها هي الأيام تثبت أن ذلك الفصل كان صورياً، وها هو حزب الوسط في أدبياته ومواقفه السياسية وتحالفاته، ليس سوى نسخة هزيلة من حزب الإخوان الرئيس (الحرية والعدالة)، حتى أن محمد محسوب الرجل الثالث في الوسط والوزير السابق في حكومة مرسي، حين علق على توقيف القياديين ماضي وسلطان، تحدث عن الالتزام بمبادئ "الحزب والجماعة"!
شاهدنا هذا المنطق قبل ذلك وفي أكثر من مكان.. في السودان مع حسن الترابي، وفي تركيا مع أردوغان، وفي المغرب مع جماعة الإحسان والعدالة والتنمية، وأخيراً في الأردن مع مجموعة ما يعرف باسم مبادرة زمزم.
والمشترك في كل هذه الحالات، هو إعادة تدوير أشخاص أو مجموعات لخدمة غرض أوسع للإخوان، والالتفاف على اعتراضات الناس عليهم. وقد لاحظنا على سبيل المثال، أنه في مواجهة الرفض الشعبي العارم في مصر ضد الجماعة ومرشدها وقيادييها، تم بعد 3 يوليو الترويج لمجموعة شبابية تحت مسمى "إخوان بلا عنف"، في محاولة لإعادة تسويق شباب الإخوان جماهيرياً ودمجهم بشباب ثورة 30 يونيو، التي لم يتمكنوا من سرقتها كما فعلوا مع ثورة 25 يناير.
هذا الأسلوب إذن متعارف عليه لدى هؤلاء القوم، وهم لا يهتمون هنا لا بالمصداقية ولا بالشفافية، فما يهمهم هو التمكين لتنظيمهم وأفكارهم وتحقيق أجندتهم هم.. ولا يضيرهم بعد ذلك لا سلامة أوطان، ولا أمان مواطنين، ولا رفاهية دول. المهم سلامة التنظيم وحمايته، حتى لو اضطرهم الأمر إلى تقديم بعض أعضائهم قرابين يضحى بهم لضمان سلامة الباقين. ألم يقل مكتب الإرشاد لمحمد مرسي حين طلب منه رفض التجاوب مع مبادرة الجيش المصري، إن دمه سيكون منارة للأجيال!
لكن لماذا نقول هذا كله اليوم؟ الواقع أن هنالك من بدأ في الفترة الأخيرة يبشرنا بحدوث انشقاقات في صفوف الإخوان في الخليج، وضمن بقايا أصحاب الفكر الضال في الدولة. وما نخشاه، بل ونحذر منه هنا، هو أن تكون هذه مجرد محاولة إخوانية لإعادة إنتاج التنظيم السري الذي تم تفكيكه، من خلال ترويج فكرة الانشقاق وتقديم "جيل ثانٍ" ووجوه جديدة، بشعارات وعناوين أكثر مرونة ودبلوماسية.
وقد سبق أن كانت هنالك محاولة مماثلة في التسعينيات، لم تسفر سوى عن إعادة إنتاج التنظيم الذي فرغنا للتو من تفكيكه! لذلك لا يجوز لنا أن نتوقع حسن النية، فقط لأنهم يستخدمون مفردة الانشقاق.
المطلوب لإثبات حسن النية، هو حسن التصرف، وهذا يتطلب البراءة التامة والعلنية والقطيعة الكاملة مع تنظيم الإخوان، فكراً وسلوكاً وسياسة وتنظيماً، كما يتطلب إثبات حسن النية تجاه الوطن الأم، وذلك بكشف مخططات هذا التنظيم التي تهدد أمن الدولة وسلامة مواطنيها، ومساعدة السلطات المختصة في معالجة ما بقي من آثار هذه الدماميل الفكرية القميئة.
أما مجرد رفع الشعارات، فليس سوى إعادة تدوير.. ليست مقبولة ولا مكان لها في مجتمعنا الآمن المسالم!.

التعليقات