كتاب 11

03:50 مساءً EET

التاريخ لا يعيد نفسه!!

يتحفظ المفكرون والكتاب وعلماء الاجتماع والسياسة على عبارة »التاريخ يعيد نفسه«، على اعتبار أن الأحداث لا تتكرر حتى وإن بدت متشابهة في تفاصيلها، فهناك أزمة في مؤسسة الحكم في كوريا هذه الأيام، الرئيسة خانت القيم وثقة الشعب عندما جعلت صديقتها تتدخل في شؤون الدولة، ما جعل الكوريين يغضبون ويثورون وينزلون إلى الشوارع مطالبين الرئيسة بترك منصبها.

هذا المشهد الغاضب للكوريين ليس هو نفسه مشهد الباريسيين الذين انتفضوا عام 1789 معلنين ثورتهم التاريخية على حكم لويس السادس عشر وحاشيته الفاسدة وسنوات من الجوع والحرمان والقهر! هناك دائماً اختلاف في التفاصيل والدوافع الخفية والظاهرة ، حتى وإن تشابهت القراءة الإعلامية أو الاجتماعية لجذر القصة، ألا وهو الفساد !!

نحن من يعتقد أن الحدث يتكرر كما هو، لكن ذلك غير صحيح، الحدث يصنعه إنسان مختلف في كل مرة وفي زمن مختلف عن اللحظة التي مضت، حتى وإن تشابهت الجغرافيا، صحيح أن الإنسان هو هو لن يتحول إلى كائن آخر، لكن الزمن يختلف حتماً، وكذلك القيم الفاعلة والغرائز المحركة والقوانين المؤثرة، كل ذلك يختلف باختلاف الدرجة التي وصل إليها الإنسان في سلم التحضر والتقدم، لذلك يفترض ألا يكرر الإنسان أخطاءه وكوارثه ولا يعيد إنتاج إفلاساته الحضارية، إلا إذا كان مفلساً بالفعل أو لم يتعلم عبر مسيرته شيئاً يحصنه ضد غباء تكرار الأخطاء، حتى لا يتشابه مع الفئران التي تدخل إلى المصيدة في كل مرة تشم فيها رائحة نفاذة!

في عالمنا العربي لدى الإنسان هواية التكرار والإعادة، ولديه عادة التشبث بما يعرفه وبما هو معتاد عليه، هذه الصفة هي السبب في صراعات الأجيال وخلافات الآباء والأجداد مع الصغار، نحن لا نتقبل الجديد بسهولة ولا نعي الأفكار الجديدة بشكل سريع، وكل جديد ننظر إليه بريبة وبعدم ثقة، على اعتبار أنه يشكل تهديداً مباشراً لقيمنا وعاداتنا وهويتنا… الخ، دون أن نحاول بعض الشيء التمعن في الأمر، فلو أننا فكرنا قليلاً لعرفنا أن الحياة لا تقف في المكان نفسه، وإلا لبقينا في العام الأول قبل الميلاد نراوح المكان نفسه والحياة البدائية نفسها، لكن التغيير سنة ثابتة من سنن الله في الكون وفي الخلق، وعلى هذا القانون قام العالم كله.

التعليقات