كتاب 11

09:46 صباحًا EET

كله عند العرب صابون

موضوع  كنت اتمنى الا اتناوله اكرر العودة اليه  وهو كسل واهمال  صحفيين يصل حد تضليل  القراء والمستمعين والمشاهدين  ، ربما بسبب الجهل باللغة او ثقافة المكان  .
مهمة الصحفي دائما ، حسب تدريبي عندما بدات قبل نصف قرن  ( لا في معاهد الاعلام وانما مع صبيان المطبعة في فليت ستريت)   تدمج مهنتين الطبيب والمحامي.
خطا الاول قد يؤدي الى هلاك المريض  .
المهنة الثانية معاملة الخبر كما يعامل المحامي قضيته بالتاكد من دقة المعلومات  نفسها التي  تقنع المحلفين بادلة لايرقى اليها الشك ويسمح القاضي  بتقديمها  لمشروعية الحصول عليها.
بديهي  ان تدريب  الصحفي  يكون  بمفهوم  تدريب الطبيب والمحامي بجانب الخبرة  .
هناك ايضا الموهبة او الحس الصحفي كسمات  فردية  كانف يشم الخبر، وحب الاستطلاع،  وملاحظة التفاصيل او ما هو غير عادي  بطريقة لايلاحظها الاخرين   وموهبة سرد القصة على الاخرين، وبدورها تتطلب الخيال، وسرعة البديهة، وخفة الدم او روح الدعابة، وبالطبع اتساع الافق  والتعلم المستمر لاكتساب المعرفة.  وهي صفات  يلاحظها المعلمون  في سنوات تعليم الطفولة في  المراحل الابتدائية  كاساسيات  بدونها لن ينفع اي تدريب  او دراسة في خلق صحفي ناجح.
يمكن  لوم صحفيين كافراد، او  حثهم على التطور ، لكن الامر يدعو للياس  عندما تكون المؤسسة  الصحفية نفسها   مصدر  الخطا   ومسؤولة  عن تضليل  المشاهدين  والقراء والمستمعين.
تكرار الخطا ي اصبح عادة . ” الكريسماس” Christmas   عيد الميلاد .. مفرد  لاجمع . يوم واحد 25 ديسمبر في الكنائس الكاثوليكية والانجليكية ، و السابع من يناير في  القبطية والارثوذكسية كالروسية والارمنية  واليونانية. فعما  اذا تتحدث الصحف  والشبكات العربية  بتكرارها ” اعياد الميلاد” بالجمع ولسنوات طويلة دون ان يصحح احد هذه الخطأ البديهي؟
اما الترجمة او النطق االصحيح للاسماء فكارثة، خاصة من اذاعيين  وصحفيين تلفزيونيين يعيشون في بريطانيا .
النطق الصحيح لاسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  Putin   ، بتحريك مطول  لل ” و” بين الباء والتاء  وسقطة قصير  لل “ي”  بين التاء والنون ..  تن علي وزن  ” تن”  كلاسم  النسائي  فاتن  ؛ كثير من  الصحفيين العرب ينطقونه  خطئا بياء مطولة وصبح ” بوتيين ” على وزن ثمرة التين.
زعيم حزب الاستقلال البريطاني نايجل فاراج   ربما اكثر اسماء الساسة التي  تكررت  في الصحافة العالمية   طوال 2016  بسبب  نجاح الحملة غير المتوقع في الخروج من الاتحاد الاوروبي ..  فاراج  ينطق بتطويل الالف الاولى والالف الثانية  بنغمة متساوية الطول   لكن  كثير من الصحفيين العرب ينطقونه  فرراج   بتشديد الراء وكانها راء مكررة والغاء الالف الاولى  وكانها فاء مفتوحة  بلاوجود للالف الاصلية بعد  الفاء.
اما الرئيس الامريكي المنتخب حديثا، دونالد ترمب  Trump    والاسم يعني  االورقة الرابحة  ،   يكتبه وينطقه  معظم الصحفين العرب  بوضع ونطق الالف امام الراء  ترامب   Tramp  وهي تعني متشرد .. بينما يفترض ان يكون ترمب،  بفتح التاء وليس بالف امام الراء.
بعض  النماذج على سبيل المثال لا الحصر؛  والتدريب على النطق الصحيح  للاسماء ومعرفة الاماكن واسمائها يحتاج  الى تدريب بسيط  يجب ان يمر به الصحفي  . كل مؤسسة اذاعية  تحترم المهنة فيها  قسم بحوث المعلوماتية  يمارس التعرف على النطق الصحيح لشخصيات او اماكن او منتجات ياتي ذكرها لاول مرة في الاخبار، خاصة من ثقافة او لغة غير اللغة الاصلية للوسيلة الصحفية ( الاذاعة او التلفزيون ) .  هذه الاخطاء المحرجة لكثير من الصحفيين العرب، مسؤولية ادارات  التحرير والمسؤولين عن هذه المحطات   اكثر من الصحفيين انفسهم.  فتدريب  الصحفيين  وصياغة  style book   اي   اسلوب  الكلمات والتعريفات والاتفاق عليها  هو قرار اداري يتخذه المسؤواون عن المؤسسة  يتكرر تدريب الصحفيين في اطاره.
كم عمر المؤسسات الصحفية العربية في لندن؟ يكاد يقارب نصف قرن،  و من مؤسسيها   مسؤولين اليوم عن هذه الشبكات؛  وحتى الان لم يصلوا الى ترجمة صحيحة للمؤسسات الديموقراطية والمناصب البرلمانية  البريطانية  رغم القائهم المحاضرات علينا صباحا ومساء عن الديموقراطية.
لا اذكر برنامج واحد  او سلسلة مقالات في  صحيفة عربية واحدة  نورت المتفرجين والمستمعين والقراء العرب   بكيفة عمل ام البرلمانات في وستمنستر، او حتى علمتهم الترجمة الصحيحة للمناصب والمؤسسات.
اهم منصب وزاري ( واقدم من منصب رئيس الوزراء) هو  chancellor of the exchequer  والترجمة الاقرب له هو وزير المالية والاقتصاد  ( حاليا فيليب هاموند) ومع ذلك يصر الصحفيون العرب على تسميته وزير الخزانة، رغم ان الخزانة هي وزارة تحتية داخل قسم المالية ووزير الخزانة  هو دافيد غوك   David Gauke  . والامر محير  لاسباب  استمرار هذه الاخطاء وعدم تكلفة المؤسسات الصحفية العربية نفسها عناء البحث عن ترجمات صحيحة.
اقسام ( وزارات)  الحكومة البريطانية department   ( كالمعارف؛ والاعمال والمعاشات؛ و البيئة   والزراعة)   وهناك  office  ( كالداخلية ؛ والخارجية )   وفيها وزارات تحتية  لكل منها وزير، بينما ال  Ministry  تكون وزارة بلا وزارات تحتية ( كالدفاع) .
و”كلها عند (الصحفيين )العرب صابون ” يسمون كل منها ” وزارة ”   وتكاسلوا عن ابتكار ترجمات دقيقة.
كشفت الاسابيع الماضية جهل معظم الصحفيين العرب عندما استانفت الحكومة  قضية خسرتها امام المحكمة العليا   high court    لتنظرها محكمة اعلى منها هي  ال supreme court   وهي تختلف عن نظيرتها الامريكي ( التي تصدر قوانين) في حين ان البريطانية هى  أصلا جزء من البرلمان كالسطة القانونية العليا في مجلس اللوردات ( الشيوخ) فقد غيرت حكومة توني بلير  اسم  ل  law lords  او قضاء مجلس اللوردات  الى المحكمة  السامية اي عملها دستوري. ترجمها الصحفيون العرب  خطئا ” المحكمة العليا”  بينما  الترجمة الاقرب للصحة ” المحكمة السامية ”   وكانت اخطاء  بعض  الصحف مضحكة في بليتها فالاستئناف   دائما في محكمة اعلى في السلطة من  التي اصدرت الحكم ؛ و بعض المقالات اشارت لل  supreme court  باسمين في المقالة نفسها مرة “العليا”  عندما  ذكرت  بمفردها ، ومرة  “السامية “عندما وجد المصحح او سكرتير التحرير نفسه في مازق ( من صنعه هو )   عندما واجهته جملة واحدة  شملت المحكمتين المختلفتي الدرجة القانونية  .  وربما لو اجتهد  (  قد يكون اسير  ذهنية التحريم  التي برمجت عقله على منع كلمة السامية ) لكان ابتكر  تعبير ” المحكمة الاعلى”  ( اقل دقة من “السامية “)  للتمييز عن المحكمة العليا.
ولعل سبب اخفاق الصحفيين العرب لسنوات  عن   تقديم  مجرد ترجمة دقيقة لمصطلحات معروفة  يعود الى عجزهم عن التفكير خارج  محرمات سجن العقل بقضبان الرقابة الذاتية  التي صبتها انظمة  تعليم عربية  قتلت الخيال الذي  هو  مفتاح كنز المعرفة في ذهنية اي طفل  بشري… خيال  الطفل العادي الذي ينمو  الى مواهب متعددة اذا  هرب الطفل   الاسعد حظا الى  المدارس الاولية  خارج البلدان العربية.

التعليقات