كتاب 11

08:56 مساءً EET

الإخوان.. «حزن» الختام

 
كشفت عملية فض اعتصامي أنصار الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، كم الغل الذي حملته جماعة "الإخوان المسلمين" لمصر والمصريين، فبخلاف الجثث الكثيرة التي اكتشفت فيما يشبه المقبرة الجماعية خلف مسجد رابعة العدوية المتاخم للبؤرة الرئيسية لاعتصام أنصار مرسي، بدأت منذ صباح يوم الفض تحركات واسعة لأبناء الجماعة والموالين لها من المنتمين للجماعات الإرهابية المتطرفة في استهداف عدد من أقسام الشرطة، وصلت إلى نحو 21 قسماً بحسب وزارة الداخلية، وليس هناك أبشع من جريمة قتل والتمثيل بجثث عدد من الشرطيين في قسم كرداسة، لكن اللافت للنظر هو استهداف عدد كبير من الكنائس ودور العبادة المسيحية وبعض المتاجر والبنايات المملوكة للأقباط في عدة محافظات، أبرزها في صعيد مصر.

وفي الوقت الذي لم تستقو فيه الكنيسة المصرية بالخارج، ولم يطالب الأقباط بتدخل الولايات المتحدة لحمايتهم طوال الأسابيع القليلة الماضية التي شهدت استهداف مسيحيين وأقباط على يد ميليشيات الإخوان المسلحة، كانت المفاجأة استقواء الإخوان "المسلمين" بالعم سام! وربما يكشف هذا الموقف عمالة الجماعة الراديكالية للغرب وأنظمته المعادية للإسلام "الحقيقي" لا إسلام أحفاد حسن البنا وسيد قطب، مثلما يكشف في الحقيقة أيضاً مدى ولاء وانتماء ووطنية الأقباط لبلدهم الذي يتشاركون فيه المثل بالمثل مع أشقائهم المسلمين.
وإذا كانت أحلام الإخوان بالعودة إلى الحكم تحت قيادة المعزول مجدداً قد تبخرت في الهواء، بعد نجاح عملية "الفض" التي سالت فيها دماء مصرية حزنها عليها، سواء لرجال الأمن أو حتى مُضلَلَي رابعة والنهضة، فقد جاءت النهاية على قدر حجم الثقة ذاتها التي امتلكها الشعب للتخلص من هؤلاء الذين عاثوا في الأرض فساداً، فقد كان يقين كبير يملأ قلوب المصريين الشرفاء بأن وطنهم عائد إليهم منذ اليوم الأول الذي تولى فيه مرسي حكم البلاد في 30 يونيو 2012 وليس حتى قبل عزله في 3 يوليو الماضي.
على أية حال، أتصور أن قيادات الجماعة ذاتهم كانوا على يقين من قدرة قوات الأمن على فض اعتصامهم بسهولة، وأن لحظة الحسم قادمة لا محالة، لذا فهم بالتأكيد، ومن ورائهم أنظمة عالمية صهيونية تعاونها أنظمة عميلة في المنطقة، وضعوا استراتيجيات تضمن بقاءهم بعيداً عن قبضة الشرطة، وكذا تضمن لهم القدرة على تحريك الفتن في الشارع المصري لتستمر الفوضى ويؤول الحال إلى احتلال.
ومن هنا أتصور أن استهداف الأقباط وكنائسهم في السويس والمنيا وبني سويف وسوهاج والأقصر وغيرها من المحافظات، كانت خطة مُعدة سلفاً منذ قتل القس مينا تاروبيم في سيناء قبل أكثر من شهر، ومنذ تحريض منصة "رابعة العدوية" ضد المسيحيين وبابا الأقباط تواضروس الثاني، وهو ما قد يُفسر إلغاء الأخير لعظته الأسبوعية للأسبوع السابع على التوالي حتى الآن، وما تلا ذلك من اقتحام لكنائس وإضرام النيران فيها بل وحرق منازل بعض المسيحيين ومتاجر مملوكة لهم في مناطق متفرقة من الصعيد بالتزامن مع عملية "الفض".
وأعتقد أن الخطة هي الزج بقضية الأقباط إلى المشهد الدولي، لإجبار أميركا والاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرار بالتدخل العسكري في مصر لحماية المسيحيين باعتبارهم "أقلية"، ولكن أحسب أن الأقباط أنفسهم هم أول من أدرك هذا الفخ، والدليل على ذلك هو صمتهم تجاه هذه الاعتداءات المتكررة وعدم ردهم ميدانياً باشتباكات على الأرض، والاكتفاء بالشجب والإدانة.
وحين نفسر موقف "الجماعة الخاسرة" من إضرام هذه الفوضى في ربوع مصر، نجد أن السبب هو الحزن الإخواني الكبير على ضياع كرسي الحكم من أيديهم، والحزن على خسارتهم الشعبية الفادحة، والحزن على انفضاح مؤامراتهم الخسيسة والدنيئة وعمالتهم للخارج، إنه ببساطة "حزن الختام" يا إخوان، فقد بعتم مصر فباعتكم وويل لكم من غضب أم الدنيا، التي قهرت كل أعدائها على مدار التاريخ، وأنتم لستم أقوى ممن ظنوا أنهم قادرين على احتلال مصر وسرقة مقدراتها في يوم من الأيام، والشاعر يقول: ما دمت من يشري هواه فلست لي.. إن الذي يشري الهوى يوماً لبائع!
*********
كلمة أخيرة:
مثالية البرادعي دفعته للاستقالة من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية (المؤقت)، ومن حقه أن يتخذ هذا القرار، ولا يعني ذلك – بالضرورة – أنه عميل، لكن ليس من حقه إحراج نظام وشعب بأكمله في هذا التوقيت الحساس الذي تتحول فيه البلاد إلى وجهة الحقيقة من خلال كشف العملاء وأعداء الأمة الحقيقيين.
شخصياً أرفض قرار البرادعي واعتبره غير وطني بالمرة، وأقول له: لقد خسرت كل شيء، وآن الآوان أن تستقيل العمل السياسي كله، فلا وقت ولا مكان للمرتعشين في بلد يواجه جماعة من القتلة والإرهابيين.. مصر فقط بحاجة إلى الأقوياء.
Email:elgammal813@gmail.com

التعليقات