كتاب 11

10:50 صباحًا EET

الذبح الحلال وصكوك الغفران

عندما تعشق المرأة رجلا تآبى أن تري عيناها أحدا سواه يمكنه احتلال القلب والوجدان ،وهذا ما حدث لها عندما أحبته بكل جوارحها ، فأستسلمت له الروح والنفس والجسد ، واستسلام جسد المرأة لرجل عشقته أمرا ليس هينا في عرف القبيلة التي جعلت من تلك القضية مفخرة للرجل ، بينما جعلتها قمة الإذلال والاحتقار والمهانة للمرأة.

ورغم تظاهرها بالسعادة المفتعلة آلا أنها كانت موجوعة دائما بالآلام التي دكت رأسها بأوتاد القبيلة، فمنذ بداية علاقتهما سويا لم يهدأ عقلها يوما عن طرح الأسئلة التي دفعتها للأصابة بالقلق والاكتئاب ،ترى كيف ينظر حبيبها الى تلك العلاقة؟، وهو أيضا الرجل المخنوق بتقاليد القبيلة رغم تظاهرة الدائم بالانشقاق عليها ؟ وهل فعلا يعشقها صدقا كما يؤكد لها أم أنها بالنسبة له ليست سوى امرأة يحتاجها بعض الوقت لترضي رجولته دون قيود العقد الشرعي والذبح الحلال ؟،كان الشك يساورها وياتي هو بتصرفاته وكلامه لينف لها كل ما اعتقدت،فآمنت به وكذبت نفسها
وكان لغموض الحبيب ومزاجيتة عاملا كبيرا في توترها وعدم ثقتها بحقيقة دواخلة نحو تلك العلاقة، وكانت بداية علاقتها الجسدية به صدمة لم تصدق أنها قامت حقيقة بفعلها ، ورغم صلابة شخصيتها ورجاحة عقلها ،إلا أنها وبعد أن أستسلم جسدها اليه شعرت بأنها تفجرت وتناثرت كشظايا تنتشر في كل صوب وكل إتجاه ،و لم تمر سوى شهور قليلة علي علاقتهما الجسدية حتى أجهزت عليها الصدمة الكبرى ، حيث انتزعت منة وفي غفلة منهما جزء اعتبرته و لو كان بأرادتهما أجمل و أهم ما يمكن أن يربطها به.

ورغم اللامبالاة التي سيطرت عليها عندما اكد لها الطبيب الخبر ، آلا أنها شعرت بأنها وقعت في الكارثة التي ستقضي عليها حتما ، فالموت هو القدر المنتظر ، وأن لم يكن الموت الجسدي ، فهو الموت النفسي الذي سيلازمها طوال العمر .

التقيا وأستقبلها بحنان بالغ كما عودها دائما،لكنها لم تكن كعادتها بل كانت تمثالا من الثلج،قلل من أهمية ماحدث مبررا أنه يحبها ويعتبرها زوجته الشرعية، وأن هذا الأمر ربما يعجل من إرتباطهما الذي آجلاه إنتظارا لتحسن الظروف

والحبيب الذي أستمرت علاقتها به 3 سنوات رجل متزوج وله ثلاثة أولاد،وكانت كلما طالبته بالزواج يجيبها أنه رغبته المحمومة والدائمة،ولكن عليها أن تمنحه الفرصة حتى يستطيع تدبر أمره مع زوجته التي تشاركه في جميع مشروعاته التجارية،لإنها لو علمت ستأخذه أمواله،ويخسر كل مالديه

طالبها بفرصة آخيرة حتى يقوم بتسوية الشراكة بينهما،وليخرج بماله سليما من قبضتها،وأفهمها إن الخيار الوحيد المتاح لهما الآن هو إجهاض الجنين الذي تحمله في أحشائها،وأخبرها أنه وبعد أيام قلائل سيذهب لأداء مناسك الحج وسيعود ليصلح ماحدث ويتزوجها على سنة الله ورسوله
وفي العيادة وبعد إبرة البنج أنتهي كل شيء ، أفاقت علي صوت الطبيب و بجواره الممرضة تمسك بعلبة من الزجاج بها بعض الدماء ، و الطبيب يشير أليها قائلا لقد تمت العملية بنجاح ، و بعد أن استعادت توازنها أمسكت بقارورة العطر وأغرقت نفسها حتى تزول عنها رائحة البنج ، وعادت إلى المنزل متعبة ، ولم تشعر بنفسها آلا صباح اليوم التالي فقد أغرقتها الأدوية في نوبة من النوم العميق

مرت ايام عديدة لازمت فيها الفراش،لاحظت أمها ذبول وجهها،فالحت عليها أن تذهب معها الى الطبيب،إلا أنها رفضت بشدة،تركتها أمها لترتاح، تكومت داخل سريرها،وبدأت في نحيب مستمر
تذكرت كيف عاشت عمرها طفلة وحيدة لأم مطلقة هجرها زوجها الى أمرأة أجنبية أخذته ورحلت الى موطنها،ومنذ ذلك اليوم لم يحاول أن يسأل عنها ولو بمكالمة هاتفية،عاشت الأم تكافح وحدها في الحياة من أجل تربية أبنتها الوحيدة ورفضت كل من تقدم للزواج منها
وكانت الحياة بدون رجل يحميهما سويا أمرأ صعبا خاصة في ظل مواقف كثيرة مرتا بها تحتاج الى وجود الرجل،وبعد أن تخرجت من الجامعة تعرفت به كأحد العملاء المهمين للشركة التي تعمل بها، غمرها بحبه وحنانه، وأعجبها عقله وأتزان شخصيته، وأصبح في غضون شهور قليل الحبيب الذي ملأ حياتها وكانت في امس الحاجة اليه
وتوالت أيام مرضها التي امطرتها بالهم والإنكسار ، ثم عاد الحبيب من الأراضي المقدسة،وقفز قلبها فرحا لأول مرة ومنذ أيام طويلة قلبها عندما وجدته يهاتفها ليسأل عن أحوالها وما حدث؟ ، وأنهي مكالمته بعد أن وعدها بالاتصال فيما بعد خاصة وأنه قد عاد متعبا ويرغب في الراحة بعض الوقت
ولم يصدق الحبيب فيما وعد بل هرب منها بعد أن تأكد أنة لم يعد لديها شيئا منه، وتحول إلى رجل أخر غير الذي عرفته،حاولت الإتصال به أكثر من مرة،إلا أنه كان يعاملها بقسوة وينهرها دون رحمة
أستسلمت للبكاء المرير وتأنيب الضمير،والحزن على الذات التي أحبت وصدقت الكلام الحلو والوعود الزائفة بأسم الحب ،لقد انتهت رغبته منها بعد أن نال ما أراد ، بل آن مشاعره لها كانت نزوة عابرة تتأجج كلما رفضت
تألمت كثيرا وهي تسأل نفسها غير مصدقة لما حدث،هل إلى هذا الحد كانت رخيصة عندة ؟، حتى يعاملها كآمرة ساقطة تسلي بها ثم القي بها في الطريق للكلاب الضالة ؟ ولماذا أذن كان يطاردها حتى تخضع له ثم يكسرها فيما بعد ؟ ولماذا لم يتركها في حالها وأصر علي إجبارها للخروج من شرنقتها ثم يقتلها ؟
أصرت بجنون أن تقابله ،آتى لها كقائد منتصر سيملي كل شروطه في معاهدة سلام كل بنودها لصالحه،قال لها لقد أكتشف أنه أخطأ في أقامة تلك العلاقة ، وأن هذا الحب محرم وليس من حقه لأنه رجل متزوج،وأنه وبعد عودته من الحج أستخار الله سبحانه وتعالي ووجد أنه من الأفضل الأبتعاد عنها ولينس كل واحد منهما تلك العلاقة خاصة وأن الله منحه الفرصة ليعود تائبا
كانت تستمع اليه وتقارن بين ماكان يقوله سابقا ومايقوله الآن، وكيف كان يؤكد له أنه لم يعشق سواها، وكيف أنه يعاني الأمرين مع زوجته وأنه ينتظر بفارغ الصبر إرتباطهما شرعيا وسيكون لها الرجل الذي يحميها ويعينها على الحياة وأنها لن تبق وحيدة أبدا، وأنه معها طوال العمر ولن يفرقهما سوى الموت

شعرت بالدماء تفور في رأسها،وسألته ومن ذا الذي أعطاه الحق ليقتحم حياتها ليقلبها رأسا علي عقب؟ ، ثم يتركها كطفل أناني مل سريعا من لعبته ليقذف بها إلى الشارع ، ويعود إلى والدية ليطلب منهما وبصلف لعبة أخري ليعيد بها الكرة من جديد؟ ، ماذا فعلت له ليقلق مضجعها وينتزع جسدها بأسم الحب؟، ويحطم كبريائها ويهين كرامتها ثم يتركها تعاني الوجع بمفردها؟، ويفر وحده مسافرا ليشتري صكوك الغفران .
تركها مؤكدا لها أن مافعله هو في مصلحتها وعليها أن تنساه وتبدأ حياتها من جديد وبطريقة صحيحة وتبتعد عن الخطأ وتتوب الى الله ،تمنت في تلك اللحظة لو كانت تستطيع قتله وقتل نفسها لأنها وثقت به، ومنذ ذلك اليوم أصبحت تحتقر نفسها،وترغب في تدمير ذاتها،أقدمت مرتين على الإنتحار،ولولا تدخل العناية الإلهية لكانت أنتهت حياتها،فكرت أن تتجه لإقامة علاقات جسدية مع كل الرجال الذين وقفوا على بابها يوما ينتظرون نظرة رضا،إلا أنها عشقت نذلا أعتقدت يوما أنه الرجل الوحيد الصادق في هذا الكون
حاولت آن تواجهه أزمتها دون مساعدة أحد ، كتمت سرها في عقلها وأنغمست بشدة في المهدئات والمنومات التي هونت عليها الأمور وجعلتها تعيش حالة من البلادة، فالرجل الذي اعتقدت أن بيده سعادتها ، والذي اعتقدت أنة القادر علي حمايتها ، هو رجل لا يختلف كثيرا عن فصيلة الأنذال ، فهو لايري في الإطار سوي صورته ، يصادق الشيطان وقتما يريد ويقترب من الرجس وقتما يريد ويزني في الوقت الذي يحب،ويستحم ليتطهر و يهرع للصلاة حتى لاتفوته ، ثم يتذكر فجأة وهو يدوس بأقدامه علي من كانت معه وقتما أحب، أنة يشتهي اللحم الحلال فيذهب مسرعا ليشتري صكوك الغفران ويعود كمن ولدته أمه ممسكا بالسبحة في يده ، وليلقي بهؤلاء الأنجاس بعيدا ليعيش هادئا هانئا مع المرأة التي ذبحها بالحلال.

===========================

بعد عدة سنوات شاهدها تجلس في أحدى البارات بصحبة رجل ترتدي فستانا عاريا،وقد وشمت ظهرها وكتفيها برسومات غريبة وأطلقت شعرها مجعدا في كل أتجاه وصبغت وجهها بالمساحيق ،وعندما رأته أصابتها نوبة من الضحك الهيستيري ورفعت كأسها عاليا لتحيته وصاحت كالمجنونة بأعلى صوتها وهي تردد: ملعون ابو صكوك الغفران التي لا يقدر علي شرائها سوي الأغنياء، وتحياتي لكل امرأة استطاعت أن تجهز علي رجل نذل بسكين بارد قبل أن يحول حياتها الى جحيم

التعليقات