كتاب 11

02:17 مساءً EET

بذرة الوعي

«الأسئلة» هي بداية العبور من الجهل إلى نور الحقيقة، وهي المفتاح الذي سيفتح الأبواب الموصدة متى ما رغبنا ذلك. علينا أن نطرح سؤالاً على أنفسنا: ماذا الذي أفكر فيه؟ ما الذي أعمله أو أصنعه؟ ما الذي حصدته من نتيجة؟

للعقل «وظيفة» دقيقة، إذ إن هناك العديد من العمليات العقلية الداخلية، كالعقل الباطن، والخارجية العقل الظاهر، وما ينتجه من صور ذهنية وأفكار متعددة وحالة شعورية، جميعها المحرك الأساس للفرد.

عندما نمعن في شخصياتنا وحياتنا وظروفنا ندرك حقيقة أننا من صنعنا ذلك عن طريق أفكارنا وماذا تحويه من «سالب أو موجب»، كل فكرة لها ذبذبة معينة تنطبع في العقل الباطن، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، والشيء المهم الذي لا بد من أن ندركه أن هذه الأفكار عبارة عن «بذور» نزرعها بوعي أو من غير وعي، ونتيجتها أننا سنحصل على نتائجها.

لنقف قليلاً ونتأمل حياتنا ونسأل في كل موقف مررنا به، ماذا كانت تحوي عقولنا من أفكار أو صور ذهنية أو حالة شعورية؟ هنا سنكتشف أننا كنا نملك أفكاراً متفائلة أو محبطة، وسندرك كيف أن هذه الأفكار عادت علينا بالنتائج كما زرعنا.

العقل يستطيع السيطرة على كل شيء، فلا يفرق بين حقيقة وخيال، ومن هنا جاءت قوة الخيال في صنع صور ذهنية إيجابية لتخطّي أي عقبة أو حاجز، وبدأ العلماء يستخدمون ذلك على نطاق واسع، سواء في العلاجات النفسية أم في إنجاز تحقيق ومشروع معين، القصد من هذا معرفة المزيد من «قوة العقل».

العقل يسيطر أيضاً عن طريق قانون «الذبذبة»، ونحن ندرك الآن أن كل شيء في الكون له ذبذبة خاصة فيه، لأن طبيعة الأشياء متحركة وغير ثابتة، أي لها ذبذبات متحركة بصورة دائمة، كالخلية في جسم الإنسان متحركة ولها ذبذبة معينة، من خلالها تتصل في كل شيء في الكون، ثباتها أو توقفها يعني موتها.

ما لا ندركه أيضاً أن التفكير ليس فقط عملية عقلية، بل هي أيضاً روحية، لأن الفكرة تسبح في فضاء الكون وتكون من العدم، فقط مجرد في خيالنا ثم تتضح معالمها شيئاً فشيئاً في عالم الوجود، أي تتحول وتتجلى أمامنا، وهنا خطورة هذه الأفكار التي تحوي عقولنا أنها ليست أفكار، بل هي المحرك الأساس في حياتنا، إذ إننا عند مشاهدة فلم سينمائي نعلم وندرك حقيقته وأنه قصة خيالية يقوم الممثلون بأداء الأدوار ببراعة، وعلى رغم ذلك نتأثر ونبكي عند مشاهدة هذا الفلم، وهذا ما يوضح تأثير الأفكار على حالتنا الشعورية والذهنية حتى وإن كانت غير حقيقية.

وكما قلنا إن «العقل» لا يفرق بين إيجابي أو سلبي حقيقي أو واقعي، هو كالحاسب، نضع فيه كمية من المعلومات والأفكار والاعتقادات، أي نزرع داخله كل ما رغبنا بوعي أو عدم وعي، وهذا ما يؤثر في شخصياتنا في اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية، وما يؤثر أيضاً في حياتنا ومستقبلنا وعلى من حولنا.

كيف يكون هذا الوعي؟ لا بد من أن نفتح نافذة فعلية حقيقية، أولها معرفة الأسئلة السابقة التي طرحتها، ما الذي أفكر فيه؟ ولكي أتعرف على أفكاري، هل هي حدية أم منطقية أم متزمتة، وما مدى تأثيرها إيجاباً أو سلباً. ما الذي أفعله الآن؟ وماذا نصنع الآن؟ وهل نحن على صواب؟ وهل هذا هو هدفنا وما نرغب به حقيقة؟ وما العائق الذي يصادفنا؟ وما هي أسبابه؟ هذا يحتم علينا أن نكون يقظين، ولا بد من أن ندرك حقيقة هذه الأشياء وما يوجد خلفها. عندما ندرك ذلك سنعرف كيف نقف على أرضية صلبه متوازنة، نعرف من خلالها ماذا نصنع أو ماذا نريد تحقيقه، وما الذي نحصده. هذا يجعلنا نشاهد كل النتائج التي وصلنا إليها ومعرفة الخلل أو الإنجاز فيها، الهدف من كل ذلك أن نعي وندرك قوة الأفكار وقوة طريقة التفكير و قوة الخيال والصور الذهنية، وما تحويه من تأثير قوي جداً في حياتنا، وهنا يكمن التحدي بأننا نحن من يسيطر على حياتنا بإرادتنا. حقيقة الوجود، أن الله – عز وجل – وضع قوانين دقيقة كما تزرع تحصد، تزرع أفكاراً أو تزرع أفعالاً كلها لها عائد ومردود، إن كانت خيرة وجيدة فستكون النتيجة أكثر مما نتصور، نحتاج إلى الوعي بالأدوات التي يمتلكها العقل والقدرات التي سخرها الله لنا وتطبيق المعادلة بتوازن تام بين العقل والفكر والروح والجسد.

التعليقات