كتاب 11

02:55 مساءً EET

اختلاف الرأي والشخصنة

الاختلاف في رأي أو وجهة نظر، لا يعتبر خلافاً شخصياً.

تلك قاعدة بشرية، يفترض أن تكون سائدة، بعد أن تعلم الإنسان الصح والخطأ والعيب، وانتقل من حياة الكهوف والصحارى، إلى التحضر في المدن والمجتمعات، ولبس ما يستره، وخاف على جاره، وأفهم كل من حوله كيف تكون التقوى ويكون الصدق، وكيف تشيع المحبة، ليس حباً في الجار أو الابن، ولكن لحماية نفسه، ولاتقاء شرور الآخرين، فمن يقذف يقذف، ومن يلعن يلعن، ومن يكشف ستراً يكشف ستره، ومن يتجاوز الحق يسلب حقه، وكذلك من يلطخ سمعة الآخرين، عليه أن ينتظر دوره فيشرب من الكأس نفسها!

عرفنا أن العلم يهذب، وأن القراءة والاطلاع يزكيان النفس، وأن اللسان آفة إذا لم يلجم، وأن السياط قد سحبت من أيدي المستبدين، وأن الكلمة إذا زاغت عن الحق، كانت أقسى من السوط، فما بال أولئك الذين أتعبوا المدارس والمدرسين، وأرهقوا كتب الجامعات وبحوث المفكرين؟، كيف يتحولون في لحظة إلى «جهال»؟، وكأنهم لم يأخذوا معهم إلى كهوفهم غير جهاز «أي باد» مشبوك بمواقع التواصل ومربوط بشبكة عصور ولت!

نعذر الجاهل، غير المتعلم، ومن لم يجرب الحياة، ولكننا لا نعذر من حمل الأمانة، من درس وتعلم، ومنح الفرص، فهذا يجب أن يكون قدوة، خلفه أجيال قادمة نحو المسؤولية، والوطن يريد بناة يكملون المسيرة، وعندما تكون القدوة متسلقة وغير نزيهة، أو جاهلة بالخطوط الفاصلة ما بين الحق والباطل، عندها تحل المصيبة، ويعتقد الشاب أو الفتاة المقبلان على الحياة، أن هذه المسالك تقود إلى الدرب الصحيح، وهذا ما لا نتمناه، ويجب أن نتصدى له، سواء كان عبر موقع تواصل أو وسيلة نشر إلكترونية، لا أن نضحك لكلام شخص نحبه، ونغضب إذا قال الكلام نفسه شخص نكرهه، فهذا مضر وذاك مضر، يتساويان في الخطأ، ويجب أن يتساويا في الموقف، أو لنقل في العقوبة، أياً كانت العقوبة، وعلى رأسها التوبيخ!

من لديه أغراض شخصية، لا يشغل الناس بها، يخوض معاركه بعيداً عنهم، ولا يستغل منصات عامة ينفث من خلالها دفائن نفسه وأطماعها!

التعليقات