كتاب 11

02:08 مساءً EET

الإمارات أولاً

في الوقت الذي تميل فيه كثير من دول العالم إلى رفع شعار «بلدي أولاً» بمفهوم انعزالي، تبدو الإمارات مختلفة في فهمها لهذه العبارة «الإمارات أولاً»، لأنها تعني تميز الإمارات وتصدرها وتفوقها على البقية في سياقات التنمية والتحضر والأداء الاقتصادي والاجتماعي والحكومي لمصلحة الدولة وشعبها والإقليم.

لكن «الإمارات أولاً» تعني فيما تعني أن يكون «المواطن أولاً» في فهمه لدوره الوطني وإحساسه بمسؤوليته الوطنية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالشق المجتمعي لهذه المسؤولية، سواء كنا نتحدث عن المواطن كفرد عادي أو كمالك لمؤسسة تجارية أو حتى كمدير لمؤسسة عامة أو حكومية: أين فهمنا الوطني للمسؤولية المجتمعية، وأين هو دورنا في هذا المجال؟

تحدثنا في مناسبة سابقة عن التوطين كأحد أنماط المسؤولية الوطنية تجاه المجتمع، واسمحوا لي اليوم أن اذكركم بأنماط أخرى مثل دعم البرامج البيئية، وتشجيع التطوع، والتبرع بالخبرات، وصولاً إلى المبادرات المؤسسية المبتكرة التي أثق بأن لدى مؤسساتنا الوطنية من الكفاءات القادرة على ابتكار كل جديد في هذا المجال، وبخاصة إذا اعتمدت على الخبرات والكفاءات الوطنية المؤهلة وليس الابتسامات العريضة المستوردة.

دعونا، بصراحة، نتخلص من منطلق الهالة الإعلامية والبحث عن التغطيات التلفزيونية والصحفية في تحديد نوعية وحجم مبادرات المسؤولية المجتمعية والوطنية، وبدلاً من ذلك دعونا نركز على حجم ما يمكن لأي مبادرة أن تحققه للوطن وأبناء وبنات الوطن، وكيف يمكن لها أن تجعل المؤسسة، حكومية أو خاصة، جزءاً أساسياً من النسيج الوطني المنتج والمتكاتف.

يلفت انتباهي في الرئيس الأميركي الجديد ترامب مطالبته للشركات الأميركية أن تقوم بواجبها تجاه بلدها من حيث التوظيف وإلا واجهت عقوبات وضرائب مشددة، والدرس الذي نحتاج إليه هنا: هل ننتظر أن تطلب منا حكومتنا القيام بمسؤولياتنا الوطنية وإلا واجهنا العقوبات، أم نبادر ونثبت لحكومتنا ولشعبنا أننا نقدّر ما قدمته لنا دولتنا وقيادتنا الرشيدة ونقدّر ما يستحقه شعبنا وأبناؤه؟ أيهما نختار؟

ونحن نقول دائماً إن المواطنة الصالحة في دولة الإمارات هي نمطٌ متقدمٌ من المواطَنة، وهذا ما قصدناه بالإمارات أولاً، أي أن تكون رؤيتك للإمارات مرتبطة بالتميز والتفوق، حتى في إحساس أبنائها بالمسؤولية الوطنية وتعبيرهم عنها، وها هو المجال أمامك يا ابن الإمارات لكي تثبت ذلك من خلال برامج وأنشطة ومبادرات تقوم بها مؤسستك أو تشارك بها أنت وأسرتك من أجل رفعة ومنعة وسعادة هذه الدولة وهذا الشعب.

وإذا لم تكن على قدر المسؤولية، أو افترضت أنك لا يوجد لديك ما تقدمه، فدعني أذكرك أن كل خطوة إيجابية تحدث فرقاً، وكل مبادرة وإن صغرت تترك أثراً، وكل فكرة منتجة تسهم ولو بالقليل. هل تعتقد أن كل الناس مطلوب منهم أن يكونوا عباقرة؟ لا، فهناك الكثير من الأفكار العظيمة التي بدأت بفكرة بسيطة جداً ظنها الناس سخيفة، ولكن لا يا عزيزي، لا توجد فكرة سخيفة.

لذلك قبل أن تسأل: ماذا أستطيع أن أفعل للإمارات؟، اسأل نفسك: ماذا تستحق مني الإمارات؟ عندها فقط يبدأ الإبداع في المسؤولية الوطنية.

التعليقات