كتاب 11

03:20 مساءً EET

تلوين الفساد

بعيداً عن إعجاب البعض باعتذار المرشح اليميني للانتخابات الرئاسية الفرنسية فرنسوا فيون، واعترافه بارتكاب «خطأ» بتشغيل زوجته وأولاده كمعاونين برلمانيين، مقدماً اعتذاره إلى الفرنسيين، إلا أن الواقعة كشفت مجدداً أن الفساد لا وطن له، بل يظهر أينما وجدت النفوس الضعيفة الشرهة للمال والجاه والثراء السريع، والفرق بين المجتمعات المتقدمة، وغيرها في جمهوريات الموز «والكوسة»، احترام القانون الذي يـُمكِّن صحفياً بسيطاً ومغموراً من فضح رؤوس كبيرة على رؤوس الأشهاد، من دون أن يشعر بالخوف على أو يختطف في وضح النهار إلى قلب الصحراء وبتر وحرق أصابعه، وتركه هناك عارياً يصارع الموت، كما حدث في الأيام الأخيرة من حكم القذافي في ليبيا.

وكانت فرنسا قبل اعتذار فيون، قد شهدت حالة من الجدل والانتقادات الحادة للرجل الذي أُتهم بإسناد وظيفة وهمية لزوجته كمعاونة برلمانية له ولخلفه، وتقاضيها 500 ألف يورو طوال فترة شغلها تلك الوظيفة.

فرنسا شهدت كذلك في الأسبوع ذاته إحالة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي للقضاء، في إطار تحقيق حول نفقات حملته الانتخابية للفوز بولاية رئاسية ثانية عام 2012.

وفي رومانيا، نجحت التظاهرات والاحتجاجات السلمية الواسعة، والتي كانت الأكبر منذ انهيار الشيوعية، في وقف تنفيذ مرسوم بالعفو والإفراج عن مسؤولين سابقين، أدينوا بالفساد، في بلد يعد أحد أفقر بلدان أوروبا الشرقية، وما زال سكانه يتذكرون مرارات عهد شاوشيسكو وزوجته إيلينا.

في آسيا، تابعنا كيف أجبر الإعلام والمعارضة في كوريا الجنوبية الرئيسة بارك غيون هي على التنحي مؤقتاً ريثما يقول القضاء كلمته في دورها بدعم صديقة لها استغلت علاقتهما للإثراء غير المشروع، والقيام بصفقات تجارية، مستغلة نفوذها وقربها من الرئيسة التي لم تغادر المكتب الأزرق إلا بعد أن وضع برلمان البلاد خطة محكمة لنقل سلطاتها لرئيس مؤقت.

نماذج يبرز فيها دور القانون واحترامه، وكذلك الشفافية في صون المجتمعات والمال العام من عبث العابثين، وكل من يتجرأ على استباحة المال العام. بينما نرى في جمهوريات الموز و«الكوسة» من يلون الفساد، ويخلع عليه مسميات، يبرر كيف يخلط بين الملكية العامة والخاصة، وحيث تسمع هناك قصصاً يشيب لها الغراب، وعجزت أمامها منظمات الشفافية العالمية.

نعود لنقول لا وجود لجمهورية أفلاطون شرقاً أو غرباً، شمالاً أو جنوباً، وإنما المعيار احترام القانون والشفافية.

التعليقات