كتاب 11

01:49 مساءً EET

القول وتناقضات الفعل

العبرة ليست في الحديث عن السلوكيات المرورية السيئة، أو التعاملات الرديئة مع الآخرين، أو استنكار الفساد العام والخاص، أو الاستعراض في الحديث عن المبادئ. كل هذه الأمور باستطاعة أي إنسان أن يرددها، لكن المحصلة الأهم: كيف يتطابق استنكارك لهذه الممارسات مع سلوكياتك كإنسان؟ هل يتطابق قولك مع فعلك؟ هل أنت حقا شخص صادق في انتقاداتك للسلوكيات المرورية الخاطئة؟ هل انعكس هذا الصدق على أفعالك، فأصبحت تتوخى أن تكون إنسانا شهما ونبيلا، فتتوقف لمن يرغب في عبور الطريق من المكان المخصص لعبور المشاة، وتترفق مع السائقين الآخرين فتعطيهم فرصة التجاوز دون إرهاب وتخويف واستعراض عضلات. وتراعي أخلاقيات وأنظمة التعامل المروري، وعدم التعدي على حقوق الآخرين. معظم الأخطاء التي يرتكبها السائق في الطريق ليست ناتجة عن جهل، بل هي «عنجهية» غريبة أحيانا، سرعان ما تزول بمجرد نزوله من سيارته، فيعود ذلك الشخص النبيل الكريم المضياف. ما سر السيارة الذي يبدل أخلاق الناس، ويجعلهم متناقضين مع حالاتهم الأخرى؟! السؤال هنا، هدفه محاولة تحفيز الكل لتأمله وقراءته. ما الفرق بين أن تفتح بيتك هاشا باشا للقريب والبعيد؟ وأن تتحول حال امتطائك للسيارة إلى شخص بسلوك مختلف ولا يتسق مع ما تكتنزه من أفعال طيبة؟ هذا يعيدنا لمقدمة هذه المقالة؛ إذ لن تجد أي إنسان يبرر الأخطاء والتجاوزات التي جعلت مجتمعنا في مقدمة الدول التي تعاني ضحايا الحوادث المرورية، سواء على شكل وفيات أو إصابات، محصلتها النهائية استنزاف مستمر للأرواح والموارد. الكلام هذا ينسحب على الفساد، والتعامل الراقي مع الآخرين، والتواضع وغيرها من أفكار ملهمة،.. كل هذه الأفكار تغدو أكثر إلهاما عندما تتحول إلى واقع وسلوك يمارسه الجميع.

التعليقات