كتاب 11

01:45 مساءً EET

«فيسبوك» يكتب نهاية «الغرب المتوحش»

أثارت الأنباء الواردة حول أن إدارة موقع «فيسبوك» ستكشف عن تفاصيل بخصوص شراء الروس لإعلانات عبر الموقع إلى الكونغرس، في الأذهان، مقالاً كتبه زميلي إيلي ليك في وقت سابق من العام. في ذلك المقال الذي نشر في فبراير (شباط)، كتب ليك أن إجبار مستشار الأمن القومي مايكل فلين على الاستقالة يعتبر بمثابة إذعان من جانب الرئيس دونالد ترمب أمام «المعارضة السياسية والبيروقراطية التي تقف في وجهه»، وحذر من أن «فلين ليس سوى طبق فاتح للشهية، أما ترمب فهو الطبق الأساسي».
وفيما يخص مؤسسة «فيسبوك»، فإن مشتريات الإعلانات الـ3000 التي سيجري تسليم تفاصيلها إلى الكونغرس، تعد مجرد «فاتح شهية»، أما الطبق الرئيسي فيتمثل في إقرار قانون يفرض هذا الكشف من قبل المؤسسات.
جدير بالذكر أنه منذ 16 شهراً ماضية فقط تواترت أنباء عن أن موظفي «فيسبوك» يحذفون قصصاً ذات اهتمام للمستخدمين أصحاب التوجهات المحافظة من القسم الخاص بأهم الأنباء. واستجاب «فيسبوك» لهذه الأنباء بتحويل إدارة هذا القسم إلى الصورة الآلية، وإقصاء العنصر البشري عن عملية التحرير. وبذلك، بدأ «فيسبوك» رحلة مثيرة للقلق من التنظيم والرقابة الذاتية.
وبطبيعة الحال، ثمة مشكلات تنطوي وراء إقصاء العنصر البشري عن العملية التحريرية والسماح بتوزيع محتويات «غير مصفّاة»، الأمر الذي تعلمه «فيسبوك» جيداً خلال انتخابات العام الماضي. كانت مزاعم حول نشر «أنباء زائفة» أثرت في نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2016 قد انتشرت في أعقاب فوز ترمب أمام هيلاري كلينتون. وواجه الموقع اتهامات بأنه تحول إلى لعبة في يد كيانات أجنبية تعمد إلى الترويج لمقالات كاذبة. من ناحيته، استجاب «فيسبوك» من خلال التعهد باتخاذ خطوات لمكافحة الأخبار الزائفة.
الملاحظ أن «فيسبوك» يجد نفسه على نحو متزايد في موقف عصيب في خضم محاولاته البقاء، من حيث الروح على الأقل، منصة تسمح للجميع بأن يكون لهم صوت. في بعض الأحيان، تتعرض الشركة لتفحص دقيق عندما تسمح لمحتوى محدد بالبقاء، مثلما الحال مع الأخبار الزائفة أو الدعايات الخاصة بالتيار النازي الجديد. وفي أحيان أخرى، تتعرض لتفحص شديد لإقدامها على حذف محتوى.
واللافت أن النظام الحسابي الخاص بالاستهداف الذي أقرته الشركة وقع في أخطاء في الفترة الأخيرة. على سبيل المثال، أشارت منظمة «بروببليكا» الأسبوع الماضي إلى نتيجة مثيرة للقلق خلصت إليها مفادها أن النظام اللوغاريتمي الذي أقره «فيسبوك» سمح بمرور فئة من الإعلانات تحمل محتوى معادياً للسامية.
حقيقة الأمر أن ما يجري على امتداد الشهور الـ16 الأخيرة يبدو بمثابة «غرب متوحش» من التنظيم الذاتي. مرة بعد أخرى، أظهر «فيسبوك» أنه حال مواجهته بتحدٍ، فإنه ينصت وغالباً ما يستجيب. وكشف موقف شركة «فيسبوك» أمام قضايا الميول الحزبية والأخبار الزائفة والنازية الجديدة والتدخل الروسي في الانتخابات، أنه عندما تثير قضية ما موجة كبيرة من الغضب، فإنها تتحرك نحو تناولها نهاية الأمر.
ومع هذا، يبدو من المحتمل أن سلطة ونفوذ موقع «فيسبوك» ستتنامى إلى ما وراء مرحلة «التنظيم الذاتي». ولذلك، تبدو الأسواق على استعداد لمنح الشركة قيمة 500 مليار دولار في وقت تبلغ أرباحها عام 2017 قرابة 15 مليار دولار. (أشار موقع «بلومبيرغ» إلى توقع محللين بأن ترتفع عوائد «فيسبوك» إلى 76 مليار دولار عام 2020. ما يشكل قرابة ضعف التوقعات لعام 2017). والتساؤل هنا: إلى متى سيبدو التنظيم الذاتي مقبولاً أمام الرأي العام والكونغرس؟
الآن، كشفت شركة «فيسبوك» بوضوح عن موقفها. الحقيقة أن المؤسسات الكبرى المتعددة الجنسيات لا تقدم طواعية على تسليم وثائق ومستندات خاصة بها بدافع من طيب القلب فحسب. ورغم أن البيان الصادر عن «فيسبوك» شدد كثيراً على أن قرار تسليم المستندات نابع من الشركة بكامل إرادتها، وأن أولويتها الأولى تبقى حماية خصوصية المستخدمين، فإنه ينبغي ألا ينخدع أحد بذلك. عاجلاً أم آجلاً، سيفشل التنظيم الذاتي ويبدأ التنظيم الحقيقي – فدائماً ما يبدأ المشوار على هذا النحو.

التعليقات