كتاب 11

05:45 مساءً EET

الإختيار .. بين التردد والإقدام

يمر الإنسان فى حياته بالعديد من المواقف والعقبات والمحطات التى تضعه أمام قضايا مصيرية تحتاج منه الى إتخاذ قرار حاسم وقاطع وقد يزداد الأمر صعوبة إذا كان الموضوع المراد إتخاذ قرار بشأنه يتعلق بالمشاعر والأحاسيس وهنا تصطدم العاطفة بالعقل ويحاول كل منهما فرض سيطرته على الآخر فينزلق المرء فى بئر الحيــرة ويقع فريسة للاحساس بالقلق والتوتر العصبى والشعور بالضياع وعدم الإستقرار الفكرى وربما يتصاعد الأمر إلى الإصابة ببعض أنواع الأمراض الجسدية المختلفة.
ولان الإنسان كائن عنيد عجول يغلفه الطمع فهو لايقبل التضحية ابدا بما يريد ويشتهى ويظل باحثاً عن مخرجا او طريقاً يمكنه من الحصول على كل مايريد دون مفاضلة بين هذا وذاك.
وحينما يقع الاختيار على أحد الأمرين ويكون واقعا ملموسا .. حقيقة … وأمر لابد منه .. ربما يتقبل هذا الأمر لبعض الوقت لكن تظل نفسه تراوده للأمر الاخر …وربما يكون عدم حصوله على مايظن أنه الأفضل له السبب فى تنامى إحساسه بالكآبة والحزن وعدم الرضا .
تُرى اذن ماهى الحيـــرة ؟؟؟ وماهى أسبابها ؟؟ وكيفية العلاج منها؟؟
الحيرة بكسر الحاء تعنى التردد والاضطراب والارتباك وعكسها الحزم والاقدام والعزيمة وهى حالة تنتاب كل إنسان عندما تعترضه مشكلة أو مهمة وعليه أن يختار حلاً أو رأياً بين مجموعة خيارات, والحيرة حالة طبيعية يمكن أن تنتاب الناس الأسوياء الطبيعيين, عندما يجدون أنفسهم أمام عدة خيارات, ولاتوجد لديهم المعلومات الكاملة عن مضمون هذه الخيارات.‏
كما ان الحيرة موقف زمني مؤقت, ويجب ألا يستمر طويلاً, كما ينبغي ألا يقف الإنسان السوي الطبيعي موقف الحيرة تجاه أي معضلة تعترضه, أما في حال تحول الحيرة إلى موقف دائم للفرد, تجاه كل مشكلة, فعندها يمكن أن تتحول إلى خاصية نفسية سلبية نسميها التردد.‏
أما عن اسباب الحيرة فياتى فى مقدمتها عدم الثقة الكافية بالنفس, مايجعل الإنسان يعيش حالة دائمة من عدم الثقة بالقدرة على الاختيار الصحيح كما أن نقص المعلومات في الخيارات المتاحة تقود إلى هذه الحالة, فمن المفروض أن الإنسان الطبيعي عندما تتوافر لديه معلومات كاملة عن جميع هذه الخيارات بسلبياتها وايجابياتها, يسهل عليه اتخاذ القرار وكذلك فان الوضع البيئي العائلي والاجتماعي غير المستقر, يزيد من حالة التردد وصعوبة اتخاذ القرارات, واختيار الحل المناسب للمشكلات في الوقت الملائم.‏
ويمكن علاج هذه الحالة من خلال تجاوز الأسباب التي أدت إليها, وخاصة عدم الثقة بالنفس, فيمكن أن يعمل الفرد تدريجياً ومن خلال مواقف تجريبية وسلوكية مختلفة على بناء ذاته وتعزيز ثقته بنفسه, كما يمكن التغلب على مشكلة نقص المعلومات بالبحث والتقصي والسؤال عن المعلومات المتعلقة بخيارات هذه المشكلة أوتلك, والمحاولة ما أمكن تحسين الوضع الأسري الذي يعوق في بعض الأحيان اتخاذ القرارات.‏

التعليقات