تحقيقات

03:54 مساءً EET

الانتقام وخلفة البنات وراء مقتل ٤ أطفال بقرية الدنافقة بسوهاج‎

سلسلة الجرائم التى راح ضحيتها أربعة أطفال في إحدى قرى جنوب محافظة سوهاج والتى كشفت عنها التحقيقات الأولي، ستظل علامة في تاريج الجريمة الجنائية وسيؤرخ لها مثل الجرائم الكبرى، وربما تكشف التحقيقات عن معلومات تزيد من بشاعة المتهمة حنان هاشم محمد «32 سنة» المتهمة بارتكاب الجرائم، ولكن حتى الآن بات من المؤكد أن مباحث سوهاج كشفت النقاب عن لغز اختفاء 4 أطفال ما بين العامين والثلاثة أعوام من العمر.

بدأت أول حلقة من فاجعة قتل الأطفال منذ شهر ديسمبر 2016 عندما انتبه أهل القرية لاختفاء 3 أطفال تباعا، مما أثار موجة من الفزع وترددت شائعات عن عصابات لخطف الأطفال وقتلهم لاستخدام أعضائهم الحيوية في تجارة بيع الأعضاء البشرية، وتعامل الكثير من الأهالي مع هذه الشائعة على أنها حقيقة راسخة، كما سبق أن تسبب تأخر حل لغز اختفاء ثلاثة من الأطفال في إحداث موجة غضب عارمة بين أهالي القرية الذين اتهموا أجهزة الأمن بالتقصير، حيث ألقى في روع البعض من الأهالي بأن زعماء عصابة خطف الأطفال لبيع أعضائهم يتمتعون بنفوذ قوي تعجز الشرطة عن الوصول إليهم وهذا ما تسبب وقتها في وقوع أعمال شغب ضد الشرطة أسفر عن تحطيم وإحراق سيارة للشرطة مما أدى إلى الاستعانة بمزيد من القوات، حيث تم القبض على أكثر من 20 متهما من المشاركين في الاحتجاج، وقطع طريق قنا سوهاج الشرقي، وتم حبسهم على ذمة قضايا شغب وتجمهر وقطع الطرق وتعطيل المواصلات.

ولكن ظلت سحابة من الرعب المشوب بالغموض تسيطر على بيوت القرية، حتى عندما بدأ غموض الجرائم يتكشف بالأمس، وتظهر القاتلة التى كانت وراء اختفاء وقتل الأطفال الأربعة والتخلص من جثثهم.

«دوافع الجريمة»

القاتلة زوجة لم تفلح في إنجاب طفل ذكر لزوجها الذي يعمل في إحدى الدول العربية وتتعلق أمانيه بإنجاب «الولد» جريا على العادات الذميمة لاسيما في الصعيد، فبعد إنجاب الأنثى الرابعة، كان الانفصال تنفيذا لقرار حماتها الذى أملته على الزوج، فما كان من المتهمة حنان إلا أن انتقمت من العائلة كلها شر انتقام عندما استدرجت ابن شقيق زوجها وخنقته وألقت جثته في بيارة الصرف الصحي بالمنزل واتهمتها حماتها بأنها هي وزوجها وراء اختفاء حفيدها بسبب الغيرة التى كانت ظاهرة عليها بسبب أنها لم تنجب ذكرا!.

«الجريمة الثانية»

ورغم شيوع حالة من الحزن والهلع في كل القرية بعد الاختفاء المريب للطفل، إلا أن الحماة وزوجة ابنها لم يظهر عليهما شيء مريب برغم ما دار بينهما من صراع شيطاني، فقد اشترطت الحماة على زوجة ابنها القاتلة أن تأتيها بطفل من عائلتها لتقتله ثأرا لحفيدها وبعدها يمكن أن تسمح لها بالعودة لابنها، فما كان من الزوجة إلا أنها نفذت لها رغبتها الشيطانية، فأتت بطفل اسمه يوسف عاطف وسلمته لها لتشفي غليلها منها بقتل الطفل، غير أن قتل الطفل لم يشبع رغبة الحماة، خاصة أن الطفل يوسف ليس قريبا للزوجة القاتلة!.

«الجريمة الثالثة»

وقد سيطرت على الزوجة القاتلة رغبة محمومة وتعطش وحشي للدماء وفي هذه المرة كانت الضحية التى دفعت ثمن هذه الرغبات الدموية طفلة لم تكمل الرابعة من عمرها اسمها «دينا أحمد» وكذلك كانت أسرتها يطلقون عليها لقب «حنين» فاستدرجت الزوجة الطفلة بالطريقة نفسها وتخلصت منها بالطريقة نفسها أيضا!.

«الفزع يحكم القرية»

مجرد حدوث 3 حوادث اختفاء لأطفال من قرية واحدة، يكفي لإحداث موجات هائلة من الفزع الذي صار مع اختفاء الطفلة الثالثة يحكم كل شبر في القرية وأصبح من المتوقع تكرار وقوع مثل هذه الجرائم في كل بيت، فكادت الأمهات والآباء أن يصيبهم الجنون وكل يوم كان يمر كان اليأس والغضب يتملكان مع الرعب قلوب أهل الدنافقة وبدأت موجات الخوف تغزو القرى المجاورة.

ولم تكف مجموعات من أهالي القرية عن البحث في كل مكان عن الأطفال الثلاثة في كل مكان في القرية وما حولها، ولكن كل المحاولات كانت تصطدم بالخيبة والفشل مع المزيد من الرعب، وبدأت العقول تصدق ما يشاع من قصص عن عصابات بيع أعضاء الأطفا، وبدأت الشبهات تتردد حتى بدأ الناس يتهمون بعضهم مما هدد السلام الذي اشتهرت به الدنافقة التى لم تشتهر – مثل شهرة كثير من القرى حولها- بالصراعات الثأرية وكانت هذه القرية تعيش حياتها آمنة مطمئنة.

«الجريمة الرابعة»

مع كل هذا الحزن والهلع، إلا أن الصراع بات سريا بين الحماة وزوجة ابنها، كانت الحماة مازالت عطشى للانتقام لقتل حفيدها، وكانت الزوجة القاتلة لاتزال تهتم بأن تزرع الحزن في قلب أي أم جديدة، وكان شرط الحماة عليها حتى تتم عودتها للمعيشة مع ابنها في بيت العائلة أن تختم مع الزوجة هذا المسلسل الدامي بقتل طفل لصيق القرابة بها ومن صميم أسرتها ولا يكفي أن يكون من العائلة، ولأن حنان صارت تتملكها شهوة ذئبية للدماء الطاهرة البريئة ولو كانت من أقرب الناس لها، اختارت «محمد» طفل شقيقها «سامح» الذي يسكن في بيت أبيها، لكن عندما دوت صرخة أم محمد بإعلان اختفائه، ثارت ثائرة القرية وكان البلاغ الرابع لأجهزة الأمن التى باتت في مرمى غضب الجميع مابين اتهام بالتقصير أو الفشل أو التخاذل، فأمر اللواء عمر عبد العال مساعد وزير الداخلية ومدير أمن سوهاج، بأن تتوجه قوات من الأمن والمباحث الجنائية إلى القرية وألا تعود إلا بحل هذا اللغز وما سبقه من ألغاز. واتخذ فريق البحث المكون من ضباط مباحث مديرية أمن سوهاج ومركز دار السلام، طريقه إلى القرية، حيث تم نشر عدة ارتكازات أمنية مدعمة بمدرعات الشرطة في القرية، حيث تابع اللواء جمال عبد الباري مساعد وزير الداخلية ومدير الأمن العام الجهود للوصول إلى حل لتلك الألغاز المرعبة.

وفي أثناء وجود فريق البحث الجنائي الذي يقوده اللواء خالد الشاذلي مدير المباحث، في منزل أسرة الطفل المختفي، لاحظ أحد الضباط ارتباك سيدة عند هبوطها من أعلى سطح المنزل وهذه السيدة لم تكن سوى نادية عمة الطفل والتى بدت عليها علامات تثير الريبة وهي تهبط على السلم ولكن عندما صعد الضباط إلى السطح، حيث توجد على السطح الأفران البلدية التقليدية المنتشرة في بيوت قرى الصعيد، لكن كانت النيران قد اشتعلت في الفرن وفيما حوله فأسرع الضباط والأهالي بإخماد الحريق، ولم يكن أحد يتصور أن هذا الحريق هو الحلقة الأخيرة في مسلسل الرعب، حيث عثر الضباط على جثة الطفل التى لم تكن قد تفحمت من جراء الحريق بشكل كامل وكان من اليسير أن يتم التعرف على الطفل. كانت المتهمة قد استدرجته إلى السطح وقامت بقتله وأخفته في الفرن ريثما تدبر أمر إخفاء جثته كما حدث مع من سبقه ولكن عندما فوجئت بحضور المباحث، دفنته في رماد الفرن ثم أشعلت النيران، قحينئذ سيبدو الحريق كأنه ناتج عن شرارة من الفرن كما يحدث في غالب مثل هذه الحرائق وكادت تنجح في خطتها لولا أن أبقت النيران على جثة الطفل. وقد ألقت المباحث القبض على المتهمة التى أدلت بكل تفاصيل جرائمها السابقة، كما كشفت عن دور حماتها التى كانت قد أخذت منها يوسف الطفل الثاني ولم يظهر له أثر بعدها.

وبانتشار خبر اكتشاف هذه الجرائم، لم تهنأ قرية الدنافقة بالخبر إذ كان الذهول هو الذي حل محل الرعب في قصة تفوق تفاصيلها المرعبة خيال الشيطان نفسه ومازالت التحقيقات متواصلة للتعرف على المزيد من تفاصيل واحدة من أكثر الجرائم بشاعة في كل البلاد خلال الفترة الماضية.

التعليقات