كتاب 11

04:47 مساءً EET

إصلاحات «فيسبوك» لن تكون سهلة

يتفق كثيرون على أن موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» في حاجة إلى بعض التغييرات، لكن تلك التغييرات أكثر تعقيداً مما توحي به النقاشات العامة.
ولذلك دعونا نناقش ثلاثة تغييرات تبدو أبسط ما يمكن لـ«فيسبوك» القيام به، وهي: معايير أقل تعقيداً للقضايا السياسية، وتحديد هوية المستخدم، والسماح للمستخدمين باصطحاب شبكة تواصلهم الاجتماعي معهم عندما يتوقفون عن استخدام «فيسبوك».
ويبدو إحكام مزيد من السيطرة على المحتويات السياسية بسيط التنفيذ نسبياً. وفي الحقيقة، قبل أيام قليلة من حضوره إلى واشنطن للإدلاء بشهادته أمام الكونغرس، أعلن رئيس شركة «فيسبوك»، مارك زوكربيرغ، عن إجراء تغيير كبير في سياسة الموقع، قائلاً: «يتعين تحديد هوية كل معلن يرغب في الخوض في الموضوعات السياسية، أو نشر إعلانات سياسية، بما في ذلك تأكيد هويته وموقعه. وسوف يضع (فيسبوك) علامة عليهم، وسيتعين على المعلنين إظهار الجهة التي دفعت لهم المقابل»، بحسب ما دونه زوكربيرغ على صفحته على «فيسبوك».
ومن شأن ذلك الإجراء أن يمنع التدخل الأجنبي في الانتخابات الأميركية، وقد تأمل الشركة أيضاً في أن تؤدي عمليات الكشف المماثلة لتلك الموجودة في الإعلانات السياسية لثني المسؤولين عن تنظيم «فيسبوك» بطريقة أشبه بالمنصة الإعلامية.
والصعوبة الأولى هنا تكمن في تحديد «الإعلان السياسي». فمثلاً لو أن منظمة صحية عالمية اشترت إعلانات عبر «فيسبوك»، بغرض زيادة الوعي بشأن التطعيم ضد الملاريا مثلاً، فهل ينبغي هنا على «فيسبوك» وضع علامة عليهم باعتبارهم منخرطين في قضايا سياسية؟ وإذا شاهد المستخدمون في الولايات المتحدة إعلان المعونة الأجنبية على أنه أمر انتخابي، فهل يعتبر ذلك تدخلاً أجنبياً؟ وإذا اشترت جامعة أميركية إعلانات للدعاية للأبحاث التي تجريها كلياتها، وكان موضوع البحث سياسياً بحتاً، مثل الحد الأدنى للأجور، فهل سيوضع علامة على إعلان الجامعة بوصفه نشاطاً سياسياً؟ وماذا لو أن مؤسسة دينية فعلت الشيء نفسه في موضوعات اجتماعية؟
قد يكون إحكام السيطرة على الموضوعات السياسية تغييراً ضرورياً لـ«فيسبوك»، لكنه ليس صريحاً بكل تأكيد، ولا حتى تحديد هوية المستخدم كذلك.
فقد تعرض «فيسبوك» لانتقادات كبيرة بسبب تكاثر المستخدمين المزيفين، أو الروبوتات، عبر منصته. وكشركة خاصة، يجب أن تسمح بوجود الروبوتات بالطبع، لكن مستخدمي «فيسبوك» يرغبون في التفاعل مع بشر حقيقيين، وليس مع برمجيات تدعى أنها بشر حقيقيين.
وتبدو هذه المشكلة سهلة الحل، لكن «فيسبوك» اعتاد في الماضي على مطالبة المستخدمين بأن يكونوا خريجي جامعة «هارفارد»، ثم سمح بعد ذلك بأن يكون المستخدمون من كليات معينة. وفي النهاية، سمح لكل من يمتلك إيميل ينتهي بـ«a dot – edu، dot – com، dot – org، dot – gov or dot – mil». وفي عام 2006، فتح «فيسبوك» أبوابه لمن يمتلك أي إيميل. ربما أن الباب قد فتح أكثر مما يجب، ويمكن لـ«فيسبوك» مطالبة المستخدم بوضع صورة رخصة القيادة أو بطاقة الهوية الحكومية، كشرط أساسي لفتح حساب على الموقع، على أن يكون الموقع قد صمم برنامجاً للتحقق من سريان الرخصة أو البطاقة. هنا حلت المشكلة، أليس كذلك؟
من شأن هذا الإجراء تقليص أعداد الروبوتات، لكن ستكون هناك أضرار جانبية، وهي أن المراهقين والبالغين من دون رخص قيادة لن يكون بإمكانهم فتح حسابات عبر «فيسبوك». والمشكلات نفسها هي أن هناك أشخاصاً من حقهم فتح حساب، لكنهم لا يستطيعون بسبب مشكلات تحديد الهوية، نتيجة نوعية بطاقة الهوية وجوازات السفر وشهادات الميلاد وبطاقات الأمن الاجتماعي.
وستكون المشكلة أعمق في الدول النامية التي لم تنتشر فيها بطاقات الهوية الحكومية. لكن هل ستطلب بطاقات الهوية والأوراق الثبوتية من جميع المستخدمين؟ الإجابة هي أن هذا سيتسبب في زيادة احتمالات القرصنة واختراق الخصوصية.

التعليقات