كتاب 11

07:55 صباحًا EET

ثقافة الـ تـوك تـوك

بعيدا عن السياسة وسنينها.. تعالوا نحلِّق بعيداً فى آفاق أخرى .. ربما تخرج بنا من حالة الاحباط المسيطرة على قلوب وعقــول شعب مصر ( اللى كانت محروسة ) حتى عهد قريب ؛ سواء من الببـلاوى وأعوانه من الطابور الخامس المتربعين داخل مؤسسة الرئاسة ؛ أو من المسلمانى وجولاته المكوكية داخل الحلقة المفرغة ؛ والتى تذكرنا ـ خاصة أبناء جيلى ـ بمن كان يدعى ( ماريللى العجيب ) ؛ فى احتفالات موالد أولياء الله الصالحين والغير صالحين ؛ والذى كان يدور بالدراجة البخارية داخل حلقة حديدية هائلة على شكل كرة ضخمة .. ونحن ( نهْـرى ) أكفـّنا من التصفيق ؛ تعجباً من دورانه بتلك السرعة على حوائط تلك الكرة الحديدية الهائلة ــ وكنا أيامها لم نعلم شيئاً بعد عن قوة الطرد المركزية ــ ونتعجب وتتساءل : كيف لايقع هذا المخلوق أرضاً وتنكسر جدور رقبته !! ولكننا علمنا بعد سنوات أنه وقع بالفعل ودقَّـت عنقه فى جولة من تلك الجولات ؛ وهنا .. أنا أورد الواقعة للتاريخ ؛ ولا أريد إسقاطاً او غمزاً او لمزاً مريباً على أحد !! ولأننى اتفقت معكم منذ البداية .. اننا سنحلق بعيداً عن السياسة وسنينها !!

والمهم وحتى لاأطيل عليكم .. قررت أن أنقل لكم صورة كاريكاتورية من الشارع المصرى هذه الأيام .. والتى تعكس مدى ماوصلنا اليه من حالة متردية .. أرجو منكم توصيفها لأننى عاجز تماماً عن ايجاد تسمية مناسبة لها ؛ ونطرحها ربما للمناقشة .. وهل هى ناتجة عن سياسة تعليمية سيئة .. أو نتاج عشوائيات لتفريخ مجرمين وقتلة وقوادين .. أو هى تفاعل كيميائى طبيعى باختلاط جينات غريبة خارجة عن الجنس المصرى الخالص ؛ باعتبار أن مصراً شهدت فى العامين الماضيين هجوماً بربرياً من كل الجنسيات ؛ استوردهم اللا مأسوف على انكشاحه .. ليكونوا سنداً وعوناً له على التربع على سدة عرش مصر قرناً من الزمان .. حسب توقعهاتهم الخيالية الخائبة .
وتلك الصورة الكاريكاتورية.. وأرجو ألا تتهموننى بالسخافة .. ولكنها تعكس ثقافة مجتمع بأكمله .. ينحدر مسرعاً نحو هاوية لايعلم مداها إلا الله !! وتلك الصورة تمثلت فى رؤية سائقى التوك توك ـ الذى ابتليت به شوارع مصر ــ وهم ينطلقون ــ فى اكبر شوارع قاهرة المعز دون ضابط ولا رابط ؛ ولكن هذا ليس هو المهم .. والمهم هو توصيف منظر وشكل هذا السائق العجيب ؛ ودعونى أنقل لكم صورته بكاميرا الحروف : مراهق لايزيد عمره عن ستة عشر عاماً .. حافى القدمين .. سيجارة ( البانجو ) فى يده لاتكاد تنطفىء .. قميص مفتوح الصدر حتى السُرة تكشف عن عظام صدره المهترىء .. تتمايل تلك العظام على نغمات مطربى ( بير السلم ) .. ناهيك عن الكلمات التى تنطلق مصاحبة لتلك النغمات ؛ من النوع الذى يتداوله حريم ( الردح والبذاءة ) فى قاع الحارة المصرية ؛عند حدوث أى اشتباك لأتفه الأسباب ؛ ووجود فرصة لتستعرض كل واحدة منهن اثبات ثقافتها وثروتها اللغوية من قاموس البذاءة !! ولا تنسى عزيزى القارىء اننا لازلنا مع كاميرا الكلمات لانقل لك صورة سائق هذا التوك توك العجيب : شعر الرأس المجعد المدهون برطلين على الأقل من معجون ( الجيل ) الذى يعمل على ايفافه منتصباً الى أعلى كشعر القنفذ .. وإذا سألته عن تلك الفورمة .. سيقول لك انها تسريحة ( رونالدو ) لاعب الكرة !! والمضحك انه يقلد لاعب الكرة .. وهو مستمتع بالحفاء فى قدميه مع كمية هائلة من الأوساخ العالقة من تراب السكك !!
تعالوا إذن نتكلم بجـد شوية .. واعتذر لأننى وعدتك ـ عزيزى القارىء ـ أن نبتعد عن الحديث فى السياسة وسنينها .. ولكنى رغماً عنى دخلت بك فى احداثٍ جسام .. هى السياسة بعينها ؛ ومن تلك الصورة الكاريكاتورية التى ــ ربما قام البعض باتهامى بتناول سخافات لاتستحق ــ التى هى صلب وكبد وقلب السياسة وانعكاساتها المؤلمة على الواقع المصرى المهترىء ,, والذى يزيده الببلاوانى والمسلمانى والمعجبانى وأعوانهم من الطابور الخامس والسادس وربما السابع أيضاً .. الذين يعيثون فساداً فى عصب جسد الرئاسة فى الاتحادية !!
المشكلة ياسادتى عميقة الجذور .. بعد تجريف المجتمع المصرى من معظم سماته التعليمية والصحية والأمنية والمجتمعية والسياسية والعقائدية والحزبية واللاحزبية والعشوائية ؛ ومشورانا طويل يااهل الببندر .. مشوارنا طويل .. وعلينا أن نبدأ من اليوم ـ وأولكم العبد لله ـ فى محاولة اجتياز تلك العقبات والأسوار العالية ؛ وذلك بضرورة الضغط والضغط المستمر على أنفسنا .. بالمزيد من الحرص على أن تقوم حكومتنا ـ كرم الله وجهها ـ بتطبيق ماتصدره من قرارات وقوانين ؛ تطبيقاً لاتشوبه شائبة من الشوائب على كل كبير وصغير فى هذا الوطن ؛ وتفعيل ماأسمته ( قانون الطوارىء ) ؛ لأننا نحتاج الى الجديَّة فى التطبيق ؛ بلا يد ٍ مرتعشة خائفة خانعة متواطئة ربما .. لنرى مجتمعاً مصرياً ..لايخضع لثقافة سائق التوك توك .. الذى يعتنى بدهان شعره بمعجون ( الجيل ) وهو حافى القدمين والرأس من كل ثقافة .. تصل بنا الى الهدف المنشود ؛ والذى دفعنا ثمنه من دماء الشهداء التى اريقت على اسفلت الشوارع والميادين !!
فهل نفيق .. ونطرد ثقافة هذا الـ ( توك توك TOK..TOK ) اللعين من قاموس حياتنا ؟ أو ننتظر موجة ثالثة من الطوفان الهادر .. الذى لو أتى هذه المرة .. فلن يبقىعلى ارض المحروسة .. لا ( ببلاوانى ) ولا ( مسلمانى ) ولا ( معجبانى ) ؛ ونقطع لسان من يقول ( كانى ومانى ودكان الزلبانى ) ؛ وتبقى السيادة للقانون الذى سننحنى له بكل فخر .. إذا ماأعطى مالله .. لله ؛ وما لقيصــــر .. لقيصـــــــــــر !!
وسامحونى على شطحاتى .. وأقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم .. ولمصرنا المحروسة كل الحب والأمن والسلام !!
توقيع : واحد من بلاد ٍ تركب دماغها والتوك توك TOK..TOK !!
 

التعليقات