كتاب 11

11:24 صباحًا EET

شهيدة الإرهاب «مريم» .. بين اسمها ودلالته!

كانت الطفلة البريئة ” مريــم ” التي لاتتعدي الثامنة من عمرها ؛ تمارس حالة الفرح في عرس الكنيسة ؛ وربما داعبتها أحلام كل بنت منذ نعومة أظفارها بيوم عرسها ؛ وتري في عروستها اللعبة: ( أمومة ) تسري في دمها مع لحظة الولادة !! ؛ وربما كان حضورها للإكليل المقام في الكنيسة يدعم خيالها بحقيقة ملموسة ؛تتمثل فيما تشاهده من مراسم الزفاف .. فتريد أن تماثل العروس في ملبسها لفستان الفرح الأبيض وزينتها ؛ وتشاهد عن كثب زفافاً يقربها من لحظة فرحة مؤجلة لهانظرا لصغر سنها تراها بادية على وجه العروس وأهلها ؛ فتتوق إلى أن تسابق الزمن لتصل لهذه الحالة الاحتفالية ،وهي لاتدري أن الغدر والإرهاب يتربصان بها ليغتالا براءتها فحوَّلا الفرح إلى لطم وعويل لما رشق ببدنها النحيل من رصاص اخترق الثوب الابيض ؛ الذي تخيلته ليوم زفافها ، واستبدل فرح الأهل إلى حزن مابعده حزن على أثر فجيعتهم في موتها ؛ وذعرهم من صوت طلقات الرصاص المدوية التي طالت الكثيرين من الحضور بعشوائية .. سقط على اثرها عدد من كبير من المصابين . إنها مريم التي تحمل اسم أكثر نساء العالمين طهرا ونقاء ” العذراء /أم النور” أم السيد المسيح ،وهو اسم الكنيسة ذاتها التي وقع بها حادث الوراق . ويحظي هذا الاسم بمكانة خاصة على حد سواء في القرآن والإنجيل ؛ فهو اسم ” زوجة ” نبينا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ :”ماريا” القبطية ؛ وهو قريب فى المعنى من ( مريـم ) أى ــ البتول المتعبِّدة ــ كما يطلق على سورة كاملة في القرآن الكريم “سورة مريـم “. ويقول المولى عز وجل فى كتابه العزيز :

بســــــــــــــــم الله الرحمن الرحيم : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .. ) صـــــدق الله العظيم ………. آل عمران ( 42 )

إن المتأمل في الاسم ودلالته يخرج بنتيجة واحدة : أن صغيرتنا مريم الشهيدة ( قدس الله روحك ياملاكنا الصغير البرئ مريم ) كانت دعوة لنتمسك بعلاقتنا مع شركاء الوطن أخوتنا الأقباط ونزيدها قوة وصلابة ؛ فعدوُّنا واحد وهدفه واحد : في بث الفرقة وتقطيع الروابط التي نشأ عليها المجتمع المصري من تحاب وتعاون بين عنصري الدولة المصرية؛ كما أنه يلعب على ورقة الطائفية التي طالما استخدمها أعداء الوطن لزلزلة العلاقة بيننا وبين شركائنا فيه فلا نستبعد استمرار وتصعيد هذه المحاولات لضرب البلد في مقتل ؛ فقد استهدفوا أكثر من سبعين كنيسة وقد يستهدفون مساجد في المستقبل القريب .. حتي يظن المسلمون أن الاقباط ينتقمون لما أصاب كنائسهم أو لأخذ الثأر لمن سقط من قتلاهم .. فتشتعل فتيلة الفتنة التي هى أشد من القتل ؛ فيحققون مأربهم من هدم السد العالي المصري الذي يحافظ على تلاحم وترابط الشعب المصري ؛ ويمنع عنه طوفان وفيضان التناحر والاقتتال والفرقة . يجب علينا جميعا أن نكون في منتهي اليقظة لما يحاك لنا في تلك المرحلة الحرجة جدا .. والتي تعصف بالبلاد في أجواء من الإرهاب الأسود الذي يجد في قتل الأبرياء من أطفال ونساء وعجائز مجالا للفخار والتباهي بالانتصار .. ولتكن الشهيدة مريم حاضرة دوماً في أذهاننا كما هي في قلوبنا .. حتي نتذكر ماكتبته لنا بدمائها من ضرورة الحفاظ على وحدتنا الوطنية فكلنا مصريون .. فلنواجه عدونا بما يكره لنلفظه .. ونسقط من يده سلاحاً ظن أنه سيفتك بنا .. ولكن هيهات أن يفلح !! 

التعليقات