كتاب 11

02:30 مساءً EET

انطباعات صحافي مصري قديم

أقرأ في هذه الأيام كتاب «في قلب نجد والحجاز»، وهو عبارة عن سلسلة مقالات كتبها المصري محمد شفيق أفندي مصطفى في أواسط العشرينات من القرن الماضي عندما زار تلك البلاد، وقطع رحلته مع قافلة على ظهور الجمال من القريات شمالاً إلى الرياض في 35 يوماً.
وهو يقول: عندما مررنا بحائل طلبت من دون سابق إنذار من أحد رجال القصر مشاهدة سجن المدينة، وكنت أحسبه عامراً بالمحكوم عليهم ولكني بهت حين وجدته خالياً إلاّ من حراسه الذين ما كانوا يحرسون غير الجدران، وقد عرفت السر في خلو السجن من المسجونين، ذلك لأن الأحكام الشرعية وحدها هي خير وازع تقطع خط الرجعة دون الجرائم على أشكالها وضروبها.
عند وصوله إلى الرياض تشرف بالسلام على الملك عبد العزيز الذي قال له بالحرف الواحد:
إن حبي وتقديري لأبناء مصر فوق ما تتصور، وإني أرحب بمن يتولى عندنا المناصب من أبناء مصر، لولا أني أعرف بأن مالية الدولة لا تتفق وما يستحقه أبناء مصر الغنية الوفيرة الخيرات.
وبعدها شد الرحال إلى الحجاز.
وفي مكة ذكر أنه قابل الأمير فيصل نائب الملك في الحجاز، ويقول عنه:
أظهر هذا الأمير الصغير السن حكمة الشيوخ ولباقة الحكماء فجمع القلوب حوله، حتى إن ممثلي الدول الأجنبية الذين خالطوه بحكم مهامهم الرسمية شهدوا له بحدة الذكاء وبعد النظر ورقة الجانب، وكانت رحلته في عواصم أوروبا في خلال الصيف الفائت، مما أيد حُسن ظن هؤلاء وأولئك فيه فنشر دعاية العرب بين أمم الغرب عن طريق غير مباشر، وعاد يحمل إلى قومه وبلاده ثقة الأمم المتمدنة بعد أن كان الاعتقاد السائد بينهم أن بلاد العرب يحكمها أناس بعيدون عن المدنيّة مجردون عن صفات التهذيب الإنساني – انتهى.
ويختم انطباعاته التي لا يتسع المجال هنا لذكرها كلها قائلاً:
هكذا تطورت الحال في مملكتي نجد والحجاز، وتم لهما ذلك الاندماج المتين فخرجت نجد من عزلتها الطويلة عن بقية الشعوب الإسلامية المتحضرة، وأصبح مليكها هو صاحب الكلمة النافذة والصوت المسموع في الأراضي المقدسة وشؤونها، وبات اسمه علماً بين ملوك الإسلام يشار إليه بالبنان، وقد أثبت بالفعل لا بالقول أنه جدير بهذا المُلك المترامي الأطراف الجليل الشأن في عيون سائر المؤمنين، وأنه بعد أن طهر الأراضي المقدسة من أدران المفاسد والمظالم، واستطاع أن يقطع دابر عصابات النهب والسلب من قطاع الطرق، فأمن بذلك سبل الحج لكل المسلمين ونظم شؤون الصحة العامة، وأقام حكم العدل بين سائر رعاياه.

التعليقات