كتاب 11

03:02 مساءً EET

التوترات التجارية تهدد بتقويض قمة مجموعة السبع

أشفق على المشاركين في اجتماع مجموعة السبع الذي ينتهي اليوم. والقمة كانت تعد تجمعاً تعاونياً للبلدان المتقاربة فكرياً منذ سنوات، ولقد تفاقمت المخاطر بالانقسام بين تلك الدول بأكثر من الإنجازات المحققة.
ويواجه الزعماء المجتمعون في كندا خياراً صريحاً في تنظيم مناقشاتهم. فهل ينبغي أن يركزوا على القضايا التجارية التي تعد جوهرية لصحة الاقتصاد العالمي وسلامته، رغم أن هذا الموضوع من شأنه أن يحاصر الولايات المتحدة ضد الدول الست الأخرى؟ وهذا بدوره، من شأنه أن يعيق التقدم في مواجهة التحديات العالمية الرئيسية الأخرى، أم أن شركاء الولايات المتحدة يريدون تحقيق التقدم بشأن القضايا الأخرى عن طريق استيعاب المقاربة الأميركية أحادية الجانب لجعل التجارة الدولية أكثر إنصافا؟ وهو ليس بالخيار السهل.
وخطر الانزلاق الثابت نحو الحرب التجارية العالمية، والذي قد تسارع من خلال فرض الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة والتدابير الانتقامية من الأطراف الأخرى، من شأنه أن يقوض الانتعاش في النمو العالمي الذي تواجهه بالفعل مجموعة متنامية من العوامل المحلية. ومن التداعيات المحتملة كشف نقاط الضعف الاقتصادية والمالية الداخلية، ولا سيما في البلدان التي تواجه عدم اليقين السياسي (إيطاليا)، وإدارة السياسات غير المستقرة (الأرجنتين وتركيا)، والتهديد بتدفق رؤوس الأموال إلى الخارج (البرازيل). وتضطر الحكومات، والشركات، والمستثمرون على نحو متزايد إلى اللعب بلعبة المناورة في مواجهة الاضطرابات بما في ذلك الانهيار المالي الوشيك في إيطاليا، وانهيار العملة في الكثير من البلدان الناشئة.
إن إعادة تأسيس المنهج الأكثر تعاونية في المفاوضات التجارية هو من الخطوات المهمة في الحد من المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي العالمي والازدهار. ولهذا السبب، سوف يكون من قصر النظر لدى زعماء مجموعة السبع أن يهمشوا القضايا التجارية الملحة من أجل عقد القمة الأكثر انسجاماً. وعلاوة على ذلك، يوفر ذلك التجمع الدولي الفرصة الجيدة لإرساء العملية التعاونية بين بلدان القمة. وبعد كل شيء، لدى كل دولة من الدول الأعضاء مخاوفها المشروعة من استمرار استخدام الصين للحواجز غير الجمركية مثل متطلبات المشاريع المشتركة ومع معاملتها لقضايا الملكية الفكرية، وهي القضايا التي ظلت الحكومة الأميركية تمارس الضغوط على نظيرتها الصينية للتصدي والتعامل معها.
ومن شأن الاستراتيجية التعاونية للمفاوضات التجارية أن توفر الأساس للجهود العالمية المطلوبة لتحديث الاتفاقيات الحالية. وتم التوصل إلى الكثير من الاتفاقيات عندما كانت الاقتصادات المحلية والعالمية تعمل بشكل مختلف تماماً عما هي عليه اليوم. ولم يتم تعديل هذه الاتفاقيات بشكل كامل وفق التغيرات الهيكلية المحلية، وتأثير التكنولوجيا، وإعادة التنظيم الاقتصادي والمالي العالمي.
وفي الأثناء ذاتها، فإن الحفاظ على التجارة كجزء أساسي من الأجندة الدولية يحمل مخاطر كبيرة للغاية. وإن لم يتم التعامل مع الموضوع بمهارة، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها في حالة من العزلة الكبيرة، والتي سوف تؤدي إلى تقويض التقدم الكلي للقمة. وبالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من القضايا الأخرى التي يجب مناقشتها، بما في ذلك اجتماع الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في سنغافورة الأسبوع المقبل، وتداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، والهجرة ومعاناة اللاجئين، والحاجة إلى نهج أكثر تنسيقاً للتأثير المتنامي للشركات التكنولوجية العملاقة (ولا سيما عندما يتعلق الأمر بقضايا خصوصية البيانات والذكاء الصناعي). وهذا جزء من القائمة المطولة في هذا الصدد.
وقد يدفع سوء التعامل مع القضايا التجارية بمجموعة السبع إلى لعبة إلقاء اللوم، بدلاً من تحويل القمة إلى منتدى للمناقشات البناءة بشأن القضايا المشار إليها أعلاه. كما أن توجيه الاتهامات ضد الحمائية الأميركية سوف يواجه بالشكاوى من أن الدول الست الأخرى لا تقوم بما يكفي للنهوض بالنمو الاقتصادي في الداخل. ومن شبه المؤكد أن الولايات المتحدة تملك قائمة جاهزة من العوائق الهيكلية على سبيل النمو الاقتصادي في أوروبا واليابان والتي يمكن، بل وينبغي، التخفيف منها عبر التنفيذ المستدام لمختلف السياسات.
ومنذ فترة ليست بالطويلة، كان التحدي الأكبر الذي يواجه قمة مجموعة السبع الموحدة هو تآكل مقدرتها على الإعلام، والتأثير، وتحقيق النتائج الاقتصادية العالمية الراقية. وبمرور الوقت، تجاوزت القمة أهميتها واهتمامها من خلال تشكيل مجموعة العشرين. أما الآن، تواجه مجموعة السبع المزيد من التحديات المتمثلة في الحفاظ على التماسك العملاني الداخلي للتصدي للقضايا التي هي تحت إشرافها في المقام الأول.

التعليقات