كتاب 11

03:07 مساءً EET

في ذكرى رجل بطل!

اعلاميّ ورجل اعمال سعوديّ وعضو مجلس ادارة شركة شبكشي للتّنميّة والتّجارة وعضو مجلس ادارة مؤسّسة عُكاظ للصّحافة والنّشر
مرت منذ أيام قليلة الذكرى الخامسة والأربعون لحرب أكتوبر (تشرين الأول)… تلك الحرب المهمة التي لا تلقى من البعض القدر الكافي من التغطية الإعلامية ولا الاحتفاء المناسب بها.
قرار الحرب الذي اتخذه الرئيس الراحل أنور السادات يوم السادس من أكتوبر كان صعباً ومفاجئاً ضد عدو قوي ومدعوم من القوى العظمى ومتغطرس. ولكن هكذا كان أنور السادات طوال حياته؛ رجل المفاجآت غير المتوقعة، سواء في قراره للحرب أو في قراره في السلام مع إسرائيل. ستيفن كوفي المؤلف الأميركي ذائع الصيت، وخبير تطوير الذات الأشهر وصاحب كتاب «العادات السبعة للناس الأكثر تأثيراً» يقول عن السادات إنه أشهر وأهم شخصية تحدث تغيير «الذهنية» في قراراته، وهي أصعب التحديات التي يواجهها القادة عادة حينما يتخذون أصعب القرارات، لأنها ضد المنطقة الآمنة التي تعود عليها العقل.
بعد ست سنوات فقط من هزيمة مرة وصعبة استطاع السادات أن ينهض بجيشه، ويضع خطة عسكرية «سرية» لم تعرف أخبارها ولا تفاصيلها للعدو ولا الأصدقاء، وكان عنصر المفاجأة أحد أهم أسباب الصدمة الإيجابية التي تحققت في أول ساعات الضربة الجوية الأولى وعبور قناة السويس بعد هدم خط بارليف المنيع. لقد هزم أنور السادات إسرائيل مرتين؛ حرباً وسلماً، وحقق ما عجز عنه غيره من الذين تاجروا بالقضية من أمثال نظام الأسد وإيران وتنظيم «حزب الله» الإرهابي. فهم قواعد اللعبة جيداً وبشكل استباقي عندما أدرك تماماً أن أوراق اللعبة بيد أميركا، فلعب على هواهم وسايرهم حتى استعاد كافة أراضيه سلماً، وهو الأمر الذي كان معروضاً على السوريين والفلسطينيين ولكنهم خونوه ورفضوا ما كان يروج له من اتفاق يستعيدون به الأراضي.
حرب أكتوبر والنجاح الذي جاء عقبها كان إنجازاً يحسب للسادات وهو الذي حققه «وحيداً» وليس «منفرداً» كما روّجت له أبواق أنظمة الممانعة الهمجية والقومجية. تخلى العرب عن السادات وذهبوا للاصطفاف مع «بعثي» صدام والأسد، الأول التهم الكويت والثاني التهم لبنان في مسيرة «نضالهما». تأملوا لو لقي السادات الدعم العربي بعد خطوته الصادقة نحو السلام، كيف كانت المنطقة ستكون اليوم؟ هذا هو السؤال الذي لا يستطيع الكثيرون تحمل تبعات الإجابة عنه. كل ما استطاعت الأبواق المضللة أن تفعله في حق أنور السادات هو «تخوينه» و«مقاطعته» لتثبت الأيام بعد ذلك أنه كان صادق الوعد وحرر تراب أرض بلاده بشكل مذهل. وإلى اليوم يستمر القومجية في رفع صور شخصيات تسببت في ضياع الأرض. فرق عظيم بين من أضاع الأرض ومن استعادها.
رحم الله أنور السادات رحمة واسعة، جاء قبل وقته ولم تعرف المنطقة حق قدره.

التعليقات