كتاب 11

05:28 مساءً EET

مشاهد سياسية متلاحقة

مشاهد عالمية متلاحقة، منها ما هو ساخن ومنها ما هو أشد سخونة، وتبقى محاولات الربط بينها لإيجاد مساحات للفهم واستيعاب «الصورة الكبيرة» أهم وأكبر التحديات.
تنطلق الانتخابات الأميركية النصفية، التي يصفها البعض بأنها قد تكون الأهم، أو إحدى أهم الانتخابات في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، نظراً للانقسام الحاد جداً في الوسط السياسي الذي قسم الشعب والساسة بشكل غير مسبوق.
هذه الانتخابات سيكون لها أبعاد كبيرة على صعيد «تمكين» الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإدارته من تشكيل وتنفيذ قوانين جديدة في الداخل والخارج لو تحقق لأنصاره المكاسب في هذه الانتخابات، وستحد من كل ذلك تماماً في حالة خسارتهم. نتائج الانتخابات لن تكون انعكاساتها على الداخل الأميركي فحسب، ولكن على علاقة أميركا بروسيا والصين والاتحاد الأوروبي وجيرانها والحروب التجارية المختلفة.
المشهد الآخر اللافت كان زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عمان، ولقاءه المفاجئ بالسلطان قابوس، فبينما تناقلت الأخبار الرسمية أن اللقاء بحث عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن مصدرين محترمين نقلا أن اللقاء تناول «موضوع إيران»، وكيف أن عمان ممكن أن تكون «وسيطاً» بين إسرائيل وإيران، وهو دور قامت به من قبل بين إيران والولايات المتحدة الأميركية خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وهي مسألة فسرها بعض المحللين أن إيران تبحث عن «صفقة» عن طريق إسرائيل بإخراج عماني، تقتضي تقليص وجود ميليشيات تنظيم حزب الله الإرهابي في سوريا وعدم تعريض إسرائيل لأي ضرر من حدود لبنان وسوريا.
أسعار النفط لم تصعد بالشكل الذي توقع له المراقبون مع بدء العقوبات الاقتصادية ضد إيران، بل على العكس تماماً، هبطت الأسعار، ما يعني أن الحكم في هذا الموضوع ليس العامل الجيوسياسي بقدر ما هو عناصر السوق الرئيسية من قوانين العرض والطلب، وهو يؤكد أن هناك فائضاً كبيراً في السوق، أي أن العرض أكبر من الطلب، وقد يستمر لفترة قليلة وإن كان هناك «الارتفاع الموسمي» للسعر مع حلول موسم الشتاء، ويبدو أن العقوبات الأميركية الجديدة على إيران ستكون مؤلمة جداً على لبنان بقدر الألم المتوقع على إيران، ولعل تشكيل الحكومة «تعطل» بشكل مفتوح ولا سقف زمنياً مع الإحساس العميق لدى حلفاء إيران في لبنان بالقلق والخوف من المجهول، وهو الذي يفسر وضعهم شروطاً تعجيزية مستحيلة على رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري جعلته والرئيس ميشال عون يعلنان ذلك بصريح العبارة.
أوروبا تبحث عن قيادة جديدة مع الإعلان عن قرب رحيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن الساحة السياسية بعد هزيمة حزبها. هناك صراع لملء الفراغ، سواء في ألمانيا أو على الساحة الأوروبية، ومع فرصة الرئيس الفرنسي ماكرون لملء الفراغ، فإن الاقتصاد الفرنسي لا يساعده في تحقيق هذه الغاية بفاعلية كافية، إذ إن الاقتصاد الألماني ومؤثراته كان من إحدى أهم أدوات ميركل السياسية. ويراقب الرئيس الصيني شي ما يحصل ويحاول بسط نفوذه في مراكز الضعف والإهمال الغربي في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وحتى في بعض جيوب أوروبا نفسها، مستغلاً الوفرة المالية لبلاده وعدم تبديدها، إلا لتأكيد تعاظم النفوذ الصيني المستمر. وتبقى الأعين مسلطة بتركيز شديد واهتمام عظيم على نتائج الانتخابات الأميركية، لأن أميركا لا تزال القوى الأهم والأعظم التي لها الأثر الكبير في سياسات العالم الاقتصادية.
هل ستكون نتيجة الانتخابات مزيداً من القوة لإدارة دونالد ترمب، أم تحجيماً لها؟ هذا هو السؤال الأهم.

التعليقات