كتاب 11

03:38 مساءً EET

أمريكا تنقسم بين الفيل والحمار

حدث ما كان متوقعًا في الانتخابات النصفية التي شهدت إقبالًا كبيرًا ، وصعودًا كاسحًا للنساء لمجلسي الكونغرس الأمريكي حيث يرى الكثير أن الأمر بدى كله كما لو أنه استفتاء على ترامب وسياساته وخياراته بعد عامين من رئاسته، وما إن كان ممكناً أن يبقى على مقعده في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2020 ، فالحصاد الانتخابي أظهر سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب وحافظ الجمهوريين على أغلبيتهم في مجلس الشيوخ .

‏ماحدث كان متوقعا ولَم يأتي بمفاجأة فمجلس الشيوخ مازال في قبضة الجمهوريين بينما فاز الديمقراطيين بمجلس النواب بفارق ضئيل ، إذ لم تأتي هذه الانتخابات على هوى إيران و تركيا و قطر كما كانوا يتوقعون ويتمنون، ولن تتأثر سياسة إدارة ترامب الخارجية وهو الأهم حاليا .

‏منذ فوز الرئيس ترامب عمل الديموقراطيين بمعاونة ودعم من محور الشر في المنطقة بالحشد والتجهيز للإنتخابات النصفية سواء من خلال وسائل الإعلام التقليدية أو وسائل التواصل الإجتماعي وأصطلح على تسمية هذا الحشد بـ”الموجه الزرقاء” وهي الوان الحزب.

‏الحشد الكبير التي تقوده مختلف وسائل الإعلام الأمريكية البارزة ضد الرئيس ترمب، وهجومها المتكرر عليه، لم يكن صدفة بل كان مخطط ومرتب له بعناية فائقة ، وهو ما دفع ترامب لوصفها بأنها “عدو للدولة” لاسيما و أنها حاولت عبر غالبية إستطلاعات الرأي التأثير على الناخبين وعبر ترجيح فوز الديموقراطيين بفارق مريح يمكنهم من إستعادة مجلس النواب على أقل تقدير .

‏هناك من يرى أن إدارة ترامب بعد الانتخابات دخلت مرحلة ستفرض عليها تعديلات جوهرية على مقارباتها الداخلية والخارجية فاحتفاظ الحزب الجمهوري بأكثرية في مجلس الشيوخ وفوز الحزب الديمقراطي بأغلبية مجلس النواب، ستكون له تداعيات مباشرة وغير مباشرة على السياسية الخارجية الأمريكية ، لاسيما في الشرق الأوسط ، فمجلس الشيوخ تحديدًا سيكون أكثر قربًا من ترامب في السياسة الخارجية ، أما مجلس النواب الذي انتقل إلى الديمقراطيين للمرة الأولى منذ 10 سنوات، فسيصبح حلبة للمواجهات والتعطيل عبر استدعاءات وجلسات استماع علنية، ستضغط على مسؤولي إدارة ترامب المعنيين بالسياسات الخارجية والدفاعية ، ويملك ايضاً سلطات الإشراف التشريعي والموافقة على الميزانيات المعنية بالسياسة الخارجية والأمن القومي ، هذا يعني أنه سيكون هناك ضغط تشريعي لمحاولة وقف الدعم الأمريكي وفرض القيود لبعض الملفات الخارجية ، مثل تمويل الحرب على الإرهاب في سوريا والعراق وأفغانستان، وعلى تحديد موارد محدودة لردع إيران عسكرياً في حال حدوث حرب .

‏الغريب في الانتخابات النصفية الأمريكية هو فرحة الكثير وبعض الوسائل الإعلامية العربية وتمجيد انتخاب امرأتين بوصفهما أول مسلمتين ، وأنه يوم تاريخي لمسلمي الولايات المتحدة ، وتناسوا أن الديمقراطيين أعداء السلام ، فجميع الثورات قامت في عهد أوباما ، وأن ميولهم للشعوب الإسلامية انتقائية وفق مشروع يرمي إلى تقليص المساحة للإسلام المعتدل أمام التطرف الصفوي والإخواني ، لذا لا تفرحوا لفوز أمراتيين مسلمتين من الحزب الديموقراطي ، فهم امتداد لأجندة هيلاري كلنتون و أوباما .

‏أخيرا السعودية لا تراهن على أحد خارج أراضيها فهي تعتمد دائما على شعبها ، وعلى مكانتها في العالم العربي والإسلامي ، فالسعودية سياستها ثابته مع الجميع ولا يعنيها كثيرًا من يفوز أو من يسقط ، ولن يختلف شي على السعودية سواء فاز أصحاب ( الفيل )من الجمهوريين أو أصحاب (الحمار ) من الديمقراطيين .

التعليقات