كتاب 11

10:33 صباحًا EET

الدين والارهاب

على مر الفترات الزمنية التي قد تمتد الاف السنين ظهرت حركات (ارهابية) تتخذ من الدين غطاء لاعمالها وتسوق الادلة التي قد تقنع بعض الجاهلين بأنها من صميم تعاليمهم الدينية، وهذا الحال يشمل جميع الاديان سواء الدين الاسلامي، اواليهودية، او النصرانية…..الخ
‏وارى ان قمة الجهل ان يلصق الارهاب بدين محدد، ويقال بأن الارهاب مستمد من الدين الفلاني، وبل قمة السطحية والسذاجة في ذلك. وهو كالذي يقول بأن السيارة سبب للارهاب كون سائقها اصطدم بمجموعة من الاشخاص( متعمداً) او القول بأن المسدس ارهابي كونه قتل احداً، ولا يبحث عن محرك هذه الاشياء والمتسبب بالاستخدام السيئ للمادة التي بين يديه.
‏دائماً ما يرتبط الاسلام بالارهاب خاصة بعد التسعينات من القرن الماضي والى يومنا هذا، وبدأ بعضهم بالرجوع الى زمن البعثة المحمدية لاثبات ذلك، في حين ان في الستينات والسبعينات وحتى نهاية الثمانينات لم يكن هناك طروحات على ان الاسلام هو الارهاب!!!!!
‏في نفس هذا الوقت فإن من يسوق فكرة (الاسلام يعني الارهاب) والمطالبون بتنقيحه لمناسبة العصر، يتغاضون عن جرائم ارتبطت بايدولوجيات وافكار اخرى غير الاسلام، وهناك حالات كثيرة ومرتبطة باشخاص وبالتاريخ المعاصر، وعلى سبيل المثال لا الحصر
‏1-الزعيم الصيني ماوتسي تونغ (1893-1976) وهو ملحد قتل (79) مليون شخص.
‏ 2-جوزيف ستالين(1878-1953) وهو روسي ملحد وقبلها مسيحي كان، قتل اكثر من (50) مليون شخص.
‏ 3-ادولف هتلر(1889-1945) الماني مسيحي النشأة والمتقلب فيما بعد في دعمه للمسيحية وانتقاده لها قتل مايقارب (40) مليون شخص.
‏4-الزعيم الكمبودي بول بوت(1925-1998) ملحد حكم ثلاث سنوات قتل فيها ما يقارب (3 ) مليون شخص.
‏5-ملك بلجيكا ليوبولد( 1835-1909)مسيحي كاثوليكي قتل ما يقارب(10) مليون شخص في افريقيا.
‏كذلك هناك جماعات ارتبطت بتاريخ كبير وخطير من الارهاب وهم بديانات مختلفة وايديولوجيات متنوعة منها وعلى سبيل المثال لا الحصر:
‏1- جيش الرب للمقاومة: وهي حركة ارهابية تعمل في الكونغو ووجنوب السودان وجمهورية شمال افريقيا، وتستند على المسيحية في فكرها.
‏2- اوم شينريكيو اليابانية وهي حركة بوذية هندوسية.
‏3- انتي بالاكا المسيحية في افريقيا.
‏4- حركة كاخ اليهودية .
‏5- جيش التحرير الايرلندي المسيحي.
‏6- حركة الباسك ذات المبادئ الماركسية في اسبانيا.
‏7-منظمة الالوية الحمراء الشيوعية في ايطاليا.
‏وجميع من سبق لديهم التبريرات التي يسوقوها لتبرير جرائمهم مستندين بذلك على نصوص دينية او ايدولوجية محددة. واول التبريرات التي يقدمها امثال هؤلاء هي الطعن في الاخر بالطريقة التي تعني حسب المعتقدات او الايدلوجيا المعتنقة هي انهاء الاخر، والانهاء فقط.
‏وعند البحث عن اسباب الارهاب سواء كان ارهاب فردي او منظم يستطيع الباحث من الوقوف على جملة كبيرة من الاسباب والتي يمكن تحديدها وتشخيصها دون عناء كبير ومنها:
‏اولاً- نظام سياسي فاشل لا قدرة له على فرض القانون والسيادة.
‏ثانياً-عدم المساواة الاجتماعية.
‏ثالثاً-الاحتلال.
‏رابعاً-ظهور جماعات متطرفة كردة فعل سواء كانت دينية او علمانية.
‏خامساً-الدول التي تعاني من حروب اهلية وعرقية ومشاحنات طائفية.
‏سادساً-التدخل الخارجي في شؤون الدولة، وهو من اكثر العوامل التي قد تدفع الفرد الى السلوك الارهابي نتيجة ضعف وسقوط الدولة من الداخل.
‏وهذا يؤكد لنا بأن الدول التي يكون فيها الارهاب هي نفس الدول التي تعاني من هذه المشاكل، وبالتالي واقعياً تصبح الدول التي تعاني من نظام سياسي فاشل وفاسد، او الدول التي لديها مشكلة حقيقية في العدالة الاجتماعية، او الدول التي تعاني من حروب اهلية ومشاكل عرقية وطائفية، او محتلة وتتعرض للتدخل في شؤونها الداخلية والخارجية كلما كانت معرضة للارهاب ولصناعة الارهابيين اكثر من غيرها من الدول بغض النظر عن ديانتها.
‏ان الحركات الارهابية الاسلامية استطاعت ان تقطتع اجزاء من النصوص الاسلامية وتقديمها على انها هي الاساس في التعامل مع غير المسلمين، وبل حتى مع بعض المسلمين، ووجدت تلك الحركات الارهابية ضالتها في من يعانون ظلماً اجتماعياً او اقتصادياً، او وجدت ضالتها في من يعانون من اضطرابات نفسية لان هناك منهم من يعيش بحالة اقتصادية جيدة ومجتمعات تتمتع بالعدالة الاجتماعية، كما هو حال الارهابيين الملتحقين بالتنظيمات الارهابية قادمين من فرنسا والمانيا وايطاليا وانكلترا وهولندا.
‏عندما تذكر جرائم ماوتسي تونغ او ستالين لا يقال بأن الملحدين هم القتلة، وعندما يذكر هتلر وليوبولد لم يُذكر ان المسيحية دين قتل وارهاب، وانما حصيلة ظروف معينة واشخاص معينين.
‏فليس من العدل والإنصاف الاعتقاد بأن الإرجاف والإرهاب من الإسلام لمجرد أنه صدر من مجموعات تنسب نفسها إلى الإسلام، وإلا لكانت هذه دعوى لهدم جميع الأديان.
‏خلاصة القول أن الإرهاب موجود من قبل ظهور الإرهاب الملصق بالاسلام ومارسه أبتاع بعض الأديان الأخرى كاليهودية والمسيحية. فلا يمكن ان ننسب محاكم التفتيش المسيحية التي قتلت اكثر من 340الف مسلم ويهودي وكان نصيب 200 الف منهم الموت حرقاً الى الدين النصراني. وبالتالي لا يمكن ان يقترن ما اقترفه البعض من المنتسبين لمختلف الأديان من ارهاب وقتل بديانات هؤلاء القتله. كذلك ما يقوم به بعض المنتسبين للإسلام ممن ضلوا الفكر من اعمال إرهاب وقتل وتدمير لا يمكن بحال من الأحوال تحميل هذه الاعمال للدين الإسلامى.

التعليقات