كتاب 11

09:23 صباحًا EET

قمة تونس 2019.. هل لا يزال العرب حقا أحياء؟

قمم الجامعة العربية باتت عديمة القيمة ، تنعقد وتنفض ببيان هزيل ، لذا لم تعد تثير اهتمام أي مواطن عربي ، ورحم الله الشاعر السوري نزار قباني حين أعلن في قصيدة مبدعة وفاة العرب منذ عقود ، فها هي القضية المركزية للعرب “فلسطين” مجرد بند في بيانات القمة، ترامب يفرغها من محتواها بنقل سفارة بلاده للقدس ، وتغيير وضع “الجولان ” السوري من “احتلال” اسرائيلي يقره القانون الدولي إلى “سيادة” اسرائيلية .
حين أقدم الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” على نقل السفارة الأميركية إلى “القدس” لتكريس الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل ، سارع القادة العرب إلى تسمية قمة الظهران مارس 2018 «قمة القدس» رد فعل اعتادت عليه الأنطمة العربية رافضة للقرار الأميركي، رفض لم يغير من الواقع شيئا ، وربما يسارع القادة العرب هذه المرة، ويسمون قمة تونس «قمة الجولان» فهل يكفي ردّ الفعل هذا لمواجهة غطرسة راع البقر الأميركي ؟ لقد كفر المواطن العربي بالقانون الدولي لأنه يشعر انه حق يستخدم غطاء للباطل وبالتالي فقد قيمته الأخلاقية ، وباتت جرائم إسرائيل تجد من يحميها، وانتهاكات الاحتلال باتت أمرا واقعا محصّنا أميركياً

من يدفع الثمن إذن؟ شعب فلسطيني أعزل يدفع ضريبة خلافات ساسته المتكالبين على الدنيا وكأنهم مخلدون، وتشرذم العرب وضعفهم وانكشافهم أمام شعوبهم بعد طوفان طال بعض دولهم فيما سمي «بالربيع العربي»، يدفع الثمن أيضا شعب سوري تلقى الطعنات من كل اتجاه ، دول تتحدث بلسان العرب، صرفت المليارات لتفتيت سوريا، وتقسيمها خدمة لمصالح قوى غير عربية تتأمر ليل نهار لابادة الجسد العربي ولا يرضيهم أن يروا الجسد العربي راقدا في غرفة الإنعاش.

لا نلوم االمواطن العربي إذا أظهر مشاعره الغاضبة تجاه القمم العربية ، فهو في حيرة من أمره يبحث عن لقمة عيشه ، ويشعر بتعاظم الأخطار التي تداهمه من غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، وتدني الخدمات المقدمة له في كل نواحي الحياة لاسيما الصحة والتعليم ، وليس لديه وقت لمشاهدة حفلة شاي لأناس يجتمعون ويبتسمون أمام الكاميرات في غرف مغلقة ، وحين يتفرقون يتناحرون.
خمسة عشر عاما مرت على قمة عربية عقدت في نفس المكان في تونس عام 2004 ، خرج بيانها الختامي بالتركيز على الاصلاح والديمقراطية في الوطن العربي، وكان أول ضحايا هذا البيان الختامي الرئيس التونسي السابق “”زين العابدين بن علي” والغريب أن “بن علي” اصر على تمرير هذا البيان الذي قيل إنه يتوافق مع الرؤية الأمريكية، ولم تمر سوى ست سنوات حتى كانت تونس أولى الدول التي تفجرت فيها الانتفاضة الشعبية فيما سمي “الربيع العربي” وكان خريفا لا ربيعا ، خديعة كبري حيث تحولت هذه الانتفاضة إلى حروب أهلية في سوريا وليبيا واليمن، ونجت مصر من هذه المؤامرة، بل واجهضتها حين تصدر المتأسلمون المشهد السياسي حينها إنقلب السحر على الساحر، ووقفت مصر رمانة الميزان شامخة بفضل حفظ الله لها أولا ووعي شعبها وجيشها ثانيا.
ومنذ القمة العربية في بغداد 2012 وحتى الآن، لم نسمع للجامعة العربية صوتا ولم ينتج عن قممها شيئ يذكر، فلم تقدم خططا للحل في سوريا واليمن وليبيا ، تركت للأمم المتحدة هذا الفضل ، لم تسع إلى ايجاد توافق عربي في قضايا المنطقة، ولم تبادر للضغط على الولايات المتحدة التي يستثمر فيها العرب بمليارات الدولارات، أين إرادة الدول العربية؟ لقد باتت محل شك ، الحقوق العربية واضحة ولا تحتاج إلى دليل ، لقد مل المواطن العربي من الصيغ الجاهزة في بيانات القمم العربية مثل الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه، وتقديم الدعم الكامل للقضية الفلسطينية، وضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤلياته لحماية الفلسطينيين، أعتقد أن المجتمع الدولي أصابه الكلل والملل من مثل هذه البيانات الجوفاء فلن يقدم لكم شيئا، والتدخلات الإيرانية والتركية في شئون الدول العربية ستزداد يوما بعد يوم ولن تكون مفاجأة عودة علاقات الوئام بين الولايات المتحدة وإيران حينئذ سيدرك العرب أنهم الأخسرون.

التعليقات