كتاب 11

04:19 مساءً EET

روحاني.. «أُضحية» خامنئي

يعد الرئيس الإيراني السابع حسن روحاني الذي تولى رئاسة الحكومة في طهران منذ العام 2013 وأعيد انتخابه في 2017، صورة «كربونية» لسلفه المتشدد محمود أحمدي نجاد الذي غادر المشهد بوعود إيرانية للعالم حينها بوجه مختلف تماماً عمّا كان عليه المتشدد نجاد.

إلا أن عين المُرشد الأعلى «علي خامنئي» اليوم ترى في الأول «إصلاحياً» حد التساهل في حقوق الجمهورية، والثاني «متشدداً» مع الغرب وأميركا وإسرائيل حد الإضرار بمصالح إيران الخارجية بحسب مقالات نشرتها جريدة «كيهان» المتشددة أخيراً عن روحاني.. مشابهة تماماً لذات المرحلة المشابهة لهجوم كيهان على نجاد إبان «المرحلة الثانية له من رئاسة الجمهورية»، التي نعتت ذات الجريدة نجاد بالمتشدد إرضاء وتقرباً للغرب حينها مع وعد بوجه إصلاحي مختلف.

إلا أن اعتبار حسن روحاني هذه المرة «متخابراً» مع دول أوروبية في معلومات حساسة، أي أنه «خائن» بعبارة أقل حدة وأكثر تلطفاً، كما أشارت «كيهان» نصاً بقولها «هناك سمة خاصة لهذه الحكومة، وهي أنها تفيد جداً الأميركان، وليس منها إلا التعب ونهك القوة، وفي بعض حالات التخاذل مقابل الأعداء الأجانب»!

«كيهان» التي تعد صوت «المرشد الأعلى علي خامنئي»، الذي بدأ فيما تؤكده تصريحاته وتلميحاته المباشرة وغير المباشرة، يعيد تحريك ذات «خيوط اللعبة» كلما اشتدت أزماته مع الغرب ومع الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل خاص.. الوعد بتقديم شخصية إصلاحية سياسية أكثر تسامحاً مع الغرب، وإزالة آثار المشهد الحالي الذي خلفته سياسات حسن روحاني.

والحقيقة أن روحاني وإن روّج له الغرب على أنه إصلاحي وأقل تشدداً يؤمن إيماناً تاماً أن لإيران حقاً تاريخياً في «ساحل الخليج العربي» الموازي لإيران من سلطنة عمان إلى الكويت، وهو ما كان يردده علناً منذ انضمامه إلى مجلس الخبراء الإيراني في 1999، وعضويته لمجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران منذ 1991، وهو المسؤول عن تنفيذ خطط «خامنئي» في المنطقة من العراق مروراً بسورية ولبنان والقرن الأفريقي وصولاً إلى اليمن منذ ٢٠١٣ وإلى هذه اللحظة.

فـ «الحربائية» التي تطغى على سياسات من يتقلّد «رئاسة الجمهورية» هي في واقع الأمر جزء لا يتجزأ من «حربائية» المرشد الأعلى ورأس الأفعى في النظام الإيراني. الأفعى التي ما تلبث أن تهاجم رئيس الجمهورية إرضاءً للغرب بعد احتراق ورقة حكومته، تقل أو تزيد في هجومها أو تنقلب 180 درجة كلما زادت الأزمات الداخلية طحناً، كما هي اليوم في أشدها اقتصادياً وخارجياً، كما يرشح للعيان من اضطراب لا يمكن وصفه بأقل من المتخبط المتسارع نحو الهاوية.

فما عُرف عن «روحاني» علناً أنه كبير المفاوضين المسؤولين عن ملف البرنامج النووي الإيراني وحكومة أوباما، وهو الملف الذي أهّله لإعادة انتخابه عام 2017، واليوم يشن عليه المرشد الأعلى عبر منبره (كيهان) هجوماً ليقدمه «رهاناً» و«أضحية» تم حد سكينها قبل أوانها لتهدئة الوضع المتأزم داخلياً وخارجياً، الحقيقة التي يفهمها ساسة الملالي وإعلامهم ومفكروهم ولا ينطقون بها أبداً.. حقيقة أنهم أذلاء للغرب.. أذلاء للمرشد على الدوام، ليبقى حبل الخلاص من هذا النظام الفاسد برمته بيد الشعب الإيراني وحده، فهو المتضرر الأكبر والدائم من استمرار مسلسل الدجل الإيراني الخبيث.

فكل ما يرشح من حكومات متعاقبة لهذا النظام تظل «ذليلة» للغرب والأميركان وإسرائيل من الباطن.. معادية لهم في العلن، وأداة يحركها الحاكم بأمره (خامنئي) كلما وكيفما أشارت بوصلة الغرب له وأميركا وإسرائيل!

لذا، فليس من الضروري من وجهة نظري الالتفات للاستهلاك الإعلامي الغربي قبل الداخلي الإيراني في تحليل موقف «رأس الأفعى» من رئيس الجمهورية، أو انتظار مواصفات خاصة وخارقة للقادم للساحة بعد «أضحية» خامنئي إرضاءً وتذللاً لأعدائه -كما يصفهم – وهم في واقع الأمر «المقامرون» الذين يطيلون عمداً استمرار مسلسل حكومات تنعت بالتشدد تارة وبالإصلاح تارة أخرى، والمحصلة إطالة أمد معاناة الشعب الإيراني، وبقاء بل تزايد توتر المنطقة والعالم بإطالة مدة بقاء «عبث» المرشد وزمرته الإرهابية على مسرح الأحداث العالمية!

التعليقات