عرب وعالم

09:23 مساءً EET

الرئيس اللبناني يطلب من قادة الجيش “استعادة الهدوء” وسط بيروت‎

طلب الرئيس اللبناني ميشال عون من قادة الجيش والأمن استعادة الهدوء بوسط بيروت الذي يشهد اشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين مساء اليوم السبت.

وقال مكتب الرئاسة اللبنانية إن عون “دعاهم للحفاظ على أمن المتظاهرين السلميين والأملاك العامة والخاصة وإعادة الهدوء إلى وسط بيروت”.

وتم تسجيل وقوع عشرات الجرحى بين القوى الأمنية والمتظاهرين، فيما لا تزال القوى السياسية عاجزة عن تشكيل حكومة تهدئ غضب الشارع.

وانطلقت عند الثانية بعد الظهر (12,00 ت غ) مسيرات من نقاط عدة في بيروت تحت عنوان “لن ندفع الثمن”، احتجاجاً على تعثّر تشكيل حكومة تضع حداً للانهيار الاقتصادي. وقبل وصولها إلى وسط بيروت، حيث أقفلت قوات الأمن مدخلاً مؤدياً إلى مقر البرلمان بالعوائق الحديد، بادرت مجموعة محتجين إلى مهاجمة درع بشري من قوات مكافحة الشغب.

وأقدم هؤلاء، وفق مشاهد حيّة بثتها شاشات التلفزة المحلية ومصور فرانس برس، على رشق قوات الأمن بالحجارة ومستوعبات الزهور. كما عمد عدد منهم إلى اقتلاع أشجار فتيّة وأعمدة إشارات السير من الشارع وحجارة الأعمدة في وسط بيروت ومهاجمة عناصر الأمن مباشرة بها.

وردّت قوات الأمن بإطلاق خراطيم المياه ومن ثمّ الغاز المسيّل للدموع بكثافة لتفريقهم. ولا تزال المواجهات مستمرة منذ ساعات، تحولت فيها شوارع وسط بيروت إلى ما يشبه ساحة حرب. وتحاول قوات الأمن إبعاد مثيري الشغب بينما تجوب سيارات الإسعاف المنطقة.

وعالجت فرق الصليب الأحمر اللبناني، وفق 165 مصاباً على الأقل من الطرفين، تم نقل أربعين منهم إلى المستشفيات.

أفادت قوى الأمن الداخلي عن إصابات في صفوفها. وذكرت في تغريدة أنه “يجري التعرض بشكل عنيف ومباشر لعناصر مكافحة الشغب على أحد مداخل مجلس النواب”، قبل أن تعلن أنها ستبدأ “ملاحقة وتوقيف الأشخاص الذين يقومون بأعمال شغب وإحالتهم الى القضاء”.

وشاهد مصور فرانس برس عشر حالات اغماء على الأقل في صفوف المتظاهرين جراء القنابل المسيلة للدموع. وقال إن شباناً عملوا على تخريب واقتلاع عدادات الوقوف الآلي وكسروا لوحات اعلانية زجاجية.

وأقدم مجهولون على حرق عدد من الخيم في ساحة الشهداء والتي غالباً ما تشهد نقاشات في مواضيع سياسية واقتصادية واجتماعية منذ بدء التظاهرات. كما عمدت مجموعة إلى تكسير واجهة أحد المصارف.

وطلب رئيس الجمهورية ميشال عون في تغريدة من “وزيري الدفاع والداخلية والقيادات الأمنية المعنية المحافظة على أمن المتظاهرين السلميين ومنع أعمال الشغب وتأمين سلامة الأملاك العامة والخاصة”.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري إن “مشهد المواجهات والحرائق وأعمال التخريب في وسط بيروت مشهد مجنون ومشبوه ومرفوض” مطالباً القوى العسكرية والأمنية بـ”كبح جماح العابثين والمندسين”.

واستعادت حركة التظاهرات غير المسبوقة في لبنان زخمها هذا الأسبوع في خضم أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). وشهد يوما الثلاثاء والأربعاء مواجهات عنيفة بين متظاهرين أقدموا على تكسير واجهات مصارف ورشق الحجارة باتجاه القوى الأمنية التي استخدمت بكثافة الغاز المسيل للدموع.

وأسفرت المواجهات عن إصابة العشرات من الطرفين. ولم يسلم عدد من المصورين والصحافيين من التعرض للضرب. واعتقلت القوى الأمنية عشرات المتظاهرين قبل أن تعود وتفرج عنهم الخميس.

ودانت منظمات حقوقية أبرزها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش استخدام عناصر مكافحة الشغب “القوة المفرطة” ضد المتظاهرين. وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش جو ستورك في بيان الجمعة إن “مستوى العنف غير المقبول ضد المتظاهرين السلميين.. يتطلب تحقيقاً سريعاً، وشفافاً، ومستقلاً”.

ومنذ أسابيع، ينتظر المودعون لساعات داخل قاعات المصارف لسحب مبلغ محدود من حساباتهم الشخصية بالدولار، بعدما حددت المصارف سقفاً لا يلامس الألف دولار شهرياً، كما فرضت مؤخراً قيوداً على سحب الليرة اللبنانية. وتشهد المصارف بشكل شبه يومي إشكالات بين الزبائن الذين يريدون الحصول على أموالهم وموظفي المصارف.

وفيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار، لامس الدولار عتبة 2500 ليرة في السوق الموازية، التي نشأت في الصيف للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين.
يطالب مئات آلاف اللبنانيين الذين ملأوا الشوارع والساحات منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) برحيل الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحمّلونها مسؤوليّة تدهور الوضع الاقتصادي وعجزها عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية. ويدعون الى تشكيل حكومة اختصاصيين تنصرف الى وضع خطة إنقاذية.

وبعد أسبوعين من انطلاقها، قدّم الحريري استقالته تحت غضب الشارع. وتمّ تكليف الأستاذ الجامعي والوزير الأسبق حسان دياب، بدعم من حزب الله وحلفائه، تشكيل حكومة جديدة تعهّد أن تكون مصغرة ومؤلفة من اختصاصيين، تلبية لطلب الشارع.

إلا أن دياب لم يتمكن حتى الآن من تشكيل حكومته. وتحدّث الأسبوع الماضي في بيان عن “ضغوط” يتعرض لها، مؤكداً أنه لن يرضخ “للتهويل”.

وجاء موقف دياب رغم إعلان قوى سياسية بارزة، عارضت تكليفه، عدم مشاركتها في الحكومة المقبلة على رأسها تيار المستقبل بزعامة الحريري والقوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع. ويصطدم دياب بإصرار الكتل الداعمة له على حصصها من الحقائب الوزارية.

ونقلت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله في عددها السبت عن رئيس البرلمان نبيه بري سؤاله “من أين يؤتى بالتكنوقراط، خصوصاً أن الكتل التي تمنح الثقة لا يسعها أن تفعل من غير أن يكون لها رأي في تكليف الحكومة”.

وقالت مايا (23 سنة) إحدى المتظاهرات في وسط بيروت لفرانس برس “أنا هنا لأننا بعد أكثر من تسعين يوماً في الشارع ما زالوا يختلفون على حصصهم في الحكومة ولا يسألون عن الشارع (..) وكأنهم لا يرون تحركاتنا”، مضيفة “الغضب الشعبي هو الحلّ”.

 

التعليقات