كتاب 11

02:34 مساءً EET

حقل الجافورة .. نبع خير جديد

لا يخفى على أحد أهمية ودور المملكة كأحد أهم منتجىّ البترول في العالم، ومع اكتشاف حقل الجافورة ستتحول المملكة إلى عصر جديد في تصدير الغاز الطبيعي ، سيجعل الكثير من الدول المصدرة للنفط تعيد ترتيب أوراقها ، خاصة وأن رؤية المملكة للمستقبل النفطي أصبحت تتجه لتعزيز الاقتصاد نفطياً وصناعياً، عن طريق دعم المشروعات الصناعية والاستثمارية، وهى الرؤية التي تضمن تنوعاً اقتصادياً يوسع من دائرة الصادرات خارج إطار النفط والمحروقات، خاصة وأن الصناعة ترتبط بشكل وثيق بالمحروقات فى ظل اتجاه العالم للصناعة.

وأود التأكيد هنا على أن انتاج النفط لن يتوقف، فالتحول لن يكون بنفس الزخم مقارنة بالإستثمارات النفطية، لكنه سيكون تحول بنسبة “ضئيلة” مع تحول مستقبل الطاقة، الذى سيظل وسيطاً ومحفزاً للصناعات المحلية والمنتجات الاستهلاكية والمصدرة للخارج.

وعلى كل الأحوال، لن تؤثر الثورة الصناعية على النفطية فى ظل المخاوف من التغير المناخي للمستقبل النفطى لأن صناعة النفط خاصة بالمملكة مشرقة وجزء لا يتجزأ من التحدى المنتظر لتغير المناخ وهو الأمر الذى تتعامل معه السعودية بجديه شديدة لتتحول لدولة صناعية بجانب دولة مصدرة للطاقة.

والأمر سيعود بنتائج إيجابية رائعة منها أنه سيوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطن، كما أنه سيضع المملكة بالمرتبة الثالثة عالمياً كواحدة من أهم وأكبر الدول المنتجة للغاز مع حلول عام 2030، وهو ما يعكس حالة التحدي والقوة التي تعيشها المملكة خاصة بعد رؤية الغرب بأن استثمار حقل الجافورة أمر يكاد يكون مستحيل بسبب احتياج الحقل للماء المعالج والرمال وهى ما جعل عملاق النفط أرامكو تستعين بمياه البحر وتكتشف محلياً نوع الرمال المطلوب لاستثمار المشروع والعمل بكد واجتهاد للانتهاء منه.

وتعتبر تلك الطفرة النفطية الغير مسبوقة ما يميز السعودية فى جعلها الدولة الوحيدة بين الدول المنتجة للنفط التى تحافظ على فائضها النفطى الذى يعوضها فى حال حدوث أى نقص بإمدادات الأسواق العالمية عند حدوث كوارث طبيعية أو حروب، وهو ما بدأ بالفعل تلوح به أزمة انتشار فيروس كورونا العالمية، بعد انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها مسجلة تراجع بلغ نسبة 5% وهى نسبة لم تحدث منذ عام، وسط ترقب ومخاوف كبيرة بشأن تداعيات تلك الأزمة الغامضة التى ضربت معظم دول العالم، وهددت منتجى النفط بشكل رئيس بسبب تخوف الدول المنتجة للنفط من تراجع الطلب على الطاقة.

هذه الضربة الاقتصادية الموجعة بدورها ستفتح أبواب لاضطرابات إقليمية خاصة بعد تضرر الصين وهى واحدة من أكبر الدول المستوردة للنفط، إذ سينخفض تصدير النفط للصين من 2 مليون برميل يومياً إلى 500 ألف برميل إذا إستمرت الأزمة لفترة طويلة بسبب تراجع الطلب، الأمر الذى يعنى تراجع حاد فى الإيرادات العامة قد يصل إلى 4 مليار دولار شهرياً بواقع خسارة 137 مليون دولار يومياً، ومع التفكير فى كل الإحتمالات المرجحة لتوابع فيروس كورونا فإن الاستقرار الاقتصادي أمر مرجح أيضاً إذا ما وجد حل سريع لتلك الأزمة التى تعمل عليها منظمة الصحة العالمية بشكل جاد.

وبدورها تبذل أرامكو جهداً مضنياً فى طمأنة الأسواق إقليمياً وعالمياً لإعادة الأمور لمسارها الطبيعى، حتى لا تتأثر أسواق النفط بشكل دراماتيكى بالأحداث السياسية والإقتصادية على الصعيدين، بجانب وضع السعودية إستراتيجية جديدة لقطاع الطاقة ستمكنها من تحويل محطات الكهرباء من المنتجات النفطية إلى الغاز وهو أهم خطوات ترشيد الوقود التى ستخفض بشكل تدريجى تعرفة الإستهلاك للمواطن مستقبلاً، مع ضرورة تحفيز القطاع الصناعى للمساهمة فى الناتج المحلى لتنويع الإقتصاد وتخفيض فرص الإعتماد الكلى على النفط حتى لا يتأثر المواطن بشكل كبير بالأزمة، وهو ما بدأ بالفعل العمل عليه من الصندوق الصناعى السعودى عن طريق تحفيز المنشأت الصغيرة وريادة الأعمال لخلق بيئة صناعية قوية تحقق أهداف رؤية 2030 وبرامجها الوطنية.
أ. عبدالعزيز بن رازن
مركز الاعلام والدراسات العربية الروسية

التعليقات