آراء حرة

04:39 مساءً EET

سامية رشدي تكتب: العالم ما بعد مايو ٢٠٢٠ ‏

لقد شهد العالم أزمة إقتصادية كبيرة عام ٢٠٠٨ ومن المتوقع أننا على أعتاب أزمة إقتصادية عالمية كبيرة ستطال جميع دول العالم بلا إستثناء، وستكون أشد وأخطر من سابقتها
‏فعلى سبيل المثال ذكر بعض رجال الاقتصاد تأثر قطاع الطيران والسياحة بخسائر تقدر ب ٣٠% ، وأكثر من ٢٥مليون شخص سيفقدون وظائفهم على مستوى العالم، كما تراجعت أسعار البترول لأكثر من ٦٠%من قيمته في فترة وجيزة.
‏وقريباًجدا ًستنقلب الموازين الدولية وستظهر قوي جديدة على الساحة العالمية سيكون من ضمنها مصر والسعودية والإمارات
‏حيث كشفت أزمة كورونا الوجه المعتم لأوروبا وأمريكا في إدارة الأزمات، فالأزمات تظهر معادن الشعوب الحقيقية مهما بدلها الزمن
‏حيث تم إزاحة الستار عن الوجه الحقيقي الذي برعوا في إخفائه عقود زمنية طويلة في مقابل تلطيخ وتشويه تاريخنا المشرف وقوتنا ومعدننا الحقيقين ..
‏حكومات وجيوش تنهار في مواجهة الأزمة ولا تخفى ذلك على شعوبها، ومنهم من يتركون رعاياهم يواجهون مصير مجهول في دول أخرى، ومنهم من يصارح شعبه بإنتظار الموت، ومنهم من يتبع “طب الحروب” بمعنى إختيار من تتم معالجته ومن يُترك لمصيره الحتمي..
‏واختفت الشعارات التي طالما صدروها لنا بهدف تمرد شعوبنا على أنظمتهم .
‏ولكن لماذا أوربا الأكثر تأثراً.. ؟
‏يطلق على قارة أوربا “القارة العجوزة” بسبب إرتفاع نسبة كبار السن بالنسبة لتعداد السكان في معظم دولها مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا
‏فمثلاً نجد الهرم السكاني العادي الذي يمثل فئات السكان في أي دولة والذي يكون على شكل مثلث، تكون قاعدته هي صغار السن، ومنتصف الهرم هم الشباب والبالغين وهم الفئة المنتجة، بينما كبار السن يمثلون قمة الهرم ويكون عددهم أقل
‏ذلك الأمر يختلف في أوروبا لأن الهرم السكاني في أوروبا “مقلوب” بمعنى أن رأس المثلث لأسفل ويمثل صغار السن، وقاعدة الهرم لأعلى وهي النسبة الكبيرة وتمثل كبار السن
‏إذن معدل الزيادة السكانية في أوروبا آخذة في التناقض بسبب قلة المواليد وزيادة الوفيات بسبب زيادة نسبة هؤلاء الكبار
‏ويرجع ذلك إلى نمط الحياة الحديثة الذي تعيشه أوروبا منذ عقود والذي يتطلب مساحة أكبر من الحرية الشخصية والضمان الوظيفي ومعدل الدخل المرتفع والشريك المناسب إلخ ..
‏كل ذلك يجعل قرار إنجاب طفل قرار صعب من الشباب خاصة في الدول المتقدمة، لذا لا يحب الأثرياء إنجاب عدد أكبر من الأطفال بينما ينجب الفقراء أكثر من ٦ أطفال
‏وكل ذلك قد كلف أوربا حضارتها التي ثابرت على صناعتها بثمن باهظ وحروب طاحنة تدفع ثمنها اليوم ..
‏في المقابل يزداد النمو السكاني فيما يعرف بدول الجنوب مثل معظم دول أفريقيا وبعض دول آسيا، والتي يزيد بها نسبة الأطفال والبالغين الذين سيحيون الأمل عن طريق توفر أكبر نسبة من القوى العاملة والمستقبل ويمكنها استعمار أوروبا مستقبلاً
‏إذا تم التعامل بجدية مع القضاء على الجوع، وتوفير الحياة الصحية، والنهوض بالتعليم والتعلم مدى الحياة، وإيجاد فرص عمل أحسن، وتحسين الحماية الاجتماعية ..
‏ولا أخفيكم سراً أن هناك جانب مستتر للأزمة الحالية وهو التباعد الإجتماعي والذي ساهم في إفراز سلوكيات جديدة عمقت التعامل بالوسائل التكنولوجية ومواقع التواصل الشبكي والإهتمام بالألعاب الإلكترونية، وأيضا ستندثر سلوكيات وأخلاقيات كثيرة وستسود الأنانية وحب الذات وتغليب المصالح الفردية على المصالح العامة ليصبح عالم ما بعد كورونا.. “عالم بلا إنسانية” .

التعليقات