كتاب 11

10:04 صباحًا EET

من النازيين الجدد الى هيومن رايتس!! (2)

“الرئيس السيسي أعطى ضباط وعناصر الشرطة والأمن الوطني الضوء الأخضر لاستخدام التعذيب كلما أرادوا, والتعذيب الممنهج واسع النطاق من قبل قوات الأمن قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية, والنيابة العامة تتجاهل عادة شكاوى المحتجزين بشأن سوء المعاملة وتهددهم في بعض الأحيان بالتعذيب، مما يخلق بيئة من الإفلات شبه التام من العقاب” تلك العبارات وردت فى تقرير “هيومن رايتس ووتش”!!
إتهامات واضحة, لثلاث سلطات: الرئاسة, الداخلية, والنيابة العامة.. فى تقرير ضمن تقارير عدة مشبوهة.. ولا ينطبق عليها وصف تقرير حقوقى بحسب ما أوردت الأمم المتحدة فى دليلها لعمل تلك المنظمات.. والذى حدد ضرورة الحصول على تصاريح من الدولة التى سيجرى فيها التقرير, واعتماد الطرق القانونية فى الحصول على المعلومات, عرض التقرير على السلطات المختصة للدولة المعنية.. والحصول على إجابات أو ملحوظات على ما ورد فى التقرير, وليس من حق المنظمة إعلان التقرير على الإعلام دون استيفاء كل تلك الإجراءات وبحضور ممثل عن السلطات المختصة.. حرصت الأمم المتحدة على وضع تلك المعايير احتراما لسيادة الدول.. التى تم انتهاكها عمدا من قبل تلك المنظمات العابرة للقارات والحدود.. والتى أصبحت تمارس أدوارا تطغى بها على المنظمات الدولية للأمم المتحدة.. فى مخالفة صريحة للقانون الدولى.. ناهيك عن خروج الأمر كله عن دائرة حقوق الإنسان.. ودخوله صراحة فى ملفات السياسة.. والمدهش أن كثير من الدول استسلمت لتبجح هذه المنظمات ودارت فى دائرة الوقوع تحت سطوة نفوذ مموليها سواء دول بعينها أو أجهزة تخابر.. ظل الأمر هكذا عشرات السنوات.. حتى انكسر فى 2013.. فى مصر بمواجهة قيادة واعية لما يدور.. وانتفاضة شعب تكتل فى مواجهة تلك المنظمات التى تحولت لأبواق للإرهابيين طالما يضمنون التمويل.. والأمانة تقتضى أيضا ذكر تحالف المنظمات المصرية.. التى وقفت فى المحافل الدولية تواجه هذه المنظمات المخابراتية التى ترفع لواء حقوق الإنسان زيفا!!.. وتبقى كلمة الرئيس السيسى عن معنى حقوق الإنسان كما ورد فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان.. 30 مادة تهتم بكل مناحى الحياة.. تسقطها المنظمات المشبوهة لتكتفى فقط بالمادة 19.. الخاصة بحرية الرأى والتعبير.. تبقى تلك الكلمة.. التى وضعت خطا فاصلا لما قبلها وما بعدها.. فى طريقة التعامل مع تلك المنظمات!
هنا يجب أن يعلم المصريون ماهى “هيومن رايتس ووتش” كنموذج لهذا النوع المشبوه من المنظمات.. مؤسسيها وأصلها وتمويلها.. وهو ما سيلقى اضواء كثيفة على توجها منذ البداية.. مؤسسى “هيومن رايتس ووتش” أربعة: “إرييه نيير 80 عاما”, “روبرت برنستين 94 عاما”, “جيرى ليبر 86 عاما”, و”كينيث روث 62 عاما”
“ارييه نيير”.. أول المؤسسين.. مولود فى برلين 1937 “لاحظ عمره تجاوز الـ 80 عاما”.. فترة حكم النازى.. والده “ولف” وكان مدرسا.. صار طفلا لاجئا وهو فى الثانية من عمره عندما فرت عائلته مع الكثير من العائلات اليهودية عام 1939.. وتلك أول محطة يجب التوقف عندها.. حصل على الجنسية الأمريكية.. تخرج من جامعة كورنيل 1958.. عين فى “الاتحاد الامريكى للحريات المدنية” عام 1963 ثم اصبح مديرا تنفيذيا له منذ 1970 حتى 1978 وخلال هذه الفترة نجح فى تنمية العضوية من 140 الف الى 200 الف عضو.. وهنا كانت محطة أخرى ارتكب فيها خطيئته الأولى.. التى تركت بصمة واضحة على مسيرته وتوجهاته حتى يومنا هذا.. فقد قرر دفع الاتحاد لمساندة “جماعة النازيين الجدد” فى تنظيمهم مسيرة قرية “سكوكى” فى ولاية “الينوى” فى القضية الشهيرة الخاصة بحقوق مزعومة لهم عام 1978.. فى مواجهة عدد ضخم من اليهود والناجين من الهولوكوست.. وطبعا لسنا فى حل من الحديث عن الأيدلوجية العنصرية للنازيين الجدد ليس فقط تجاه اليهود.. لكن تجاه كل ما هو غير آرى – العنصر الألمانى – .. وبالطبع دفع 30 الفا ممن استجابوا له وشاركوا فى المسيرة ثمنا فادحا لذلك.. فقد أنهى الاتحاد عضويتهم.. حكى “نيير” تفاصيل الواقعة فى كتابه “دفاعا عن عدوى” معتبرا “النازيين الجدد” أقلية يجب أن يكون لها الحق فى التعبير!!.. (وهو نفس ما نسمعه منهم دفاعا عن جماعة الإخوان الإرهابية)!!
لم يكتف “نيير” بذلك.. بل شارك فى حلقات نقاشية ساخنة حملت عنوان “خطاب حر للعنصريين والشموليين” إنبرى فيها مدافعا عن “جماعة النازيين الجدد”.. والجماعات اليمينية السياسية مثل “كو كلوكس كلان” المصنفة إرهابية، التي ترفض المبادئ الدستورية.. وعندما طرح السؤال حول ما اذا كان “الاتحاد” سيدافع عن حقوق “النازيين” فى مسيرات تحمل فيها لافتات “إقتل يهودي اليوم”؟.. كانت الإجابة: “نعم فالاتحاد دافع سابقا عن حقوق جماعات مماثلة”.. المدهش أن “الاتحاد” قدم مساعدات إلى الطائفة اليهودية فى قرية “سكوكي” لحشد مظاهرات مضادة!!
تلك قصة قديمة.. تناولتها الصحف بكثافة وقتها.. أذكرها هنا ليس على سبيل الحكى.. ولكن لأن هذا ما يفعله “نيير” الآن بالحرف.. دفاعا عن جماعة الإخوان الإرهابية!!
غادر “إرييه نيير” الاتحاد.. وفى نفس العام 1978 أسس “هيلسنكى ووتش” كمنظمة غير حكومية أمريكية.. تهدف لرصد ومراقبة مدى امتثال دول الكتلة الاشتراكية للأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان, بعد توقيع وثيقة “هلسنكى” التى تنظم العلاقة بين دول أوروبا عام 1975.. من هنا بدأ تخطى القانون.. فليس من حق أى منظمة – عدا المنظمات التابعة للأمم المتحدة – التدخل فى علاقات الدول.. أو مراقبة سلوك الدول تجاه شعوبها.. وفى 1982 عقد ممثلون عن المنظمة مؤتمرا دوليا شكلوا بعده “اتحاد هلسنكى الدولى لحقوق الإنسان”.. طبعا فترة الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفيتى.. كانت ذروة تأسيس منظمات مدنية حقوقية وإعلامية موجهة.. واستخدامها بشكل مذهل فى لعبة السياسة الطاحنة بين الطرفين.. وقد كشفت ملفات أجهزة المخابرات الأمريكية المتنوعة الكثير من الأسرار والتفاصيل عن تلك الفترة!!..
عندما بدأ عام 1988.. حان الوقت لينتهى اسم “هيلسينكى ووتش” بعد أن أدت أدواراها فى دول الكتلة الشرقية.. فقد غلت المراجل فى الدول المشكلة للاتحاد السوفيتى.. وانتهت بثورات 1989وتفكك الاتحاد السوفييتى.. لتتحول “هيلسنكى ووتش” إلى “هيومن رايتس ووتش”.. فالضرورة تحتم إعادة رسم خريطة جديدة للعمل.. وتوسيعها لتشمل دول العالم كله بقاراته الخمس!!.. ولأن دول الكتلة الشرقية صمتت فى البداية على التدخل السافر من تلك المنظمة.. فقد توحشت فى السنوات التالية.. لدرجة أن الكثيرين تعاملوا معها على أنها منظمة دولية.. مستسلمين للخلط الفادح والتدليس الصارخ الذى مارسته.. وتعامل الكثيرين أيضا معها على أنها إحدى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة.. وهى مجرد منظمة محلية أمريكية فقط!!
لم يكتف “إرييه نيير” بمنظمته التى كبرت وتوسعت واستفحلت أدوارها.. بعد عدة أعوام, وجه اهتمامه صوب عراب هذا النوع من المنظمات.. اليهودى المجرى الأمريكى “جوروج سوروس” فرأس منظمته “المجتمع المفتوح”.. منذ 1993 وحتى 2012.. وهى الفترة الذهبية لعملها فى منطقة الشرق الأوسط, ومازال الرئيس الفخرى لها.. بالمناسبة “جورج سوروس” عمره أيضا تجاوز الـ 80 عاما!!.. على كل حال صاحب الـ25.2 مليار دولار ومؤسساته بأدوارها المريبة سنفرد له مقالا آخر!
طوال الوقت نجد دوريات مثل: “نيويورك ريفيو بوك” و”نيويورك تايمز بوك” و”فورين بوليسى” قد فتحت أبوابها على مصراعيها لكتابات “نيير”.. كما فتحت له أبواب جامعات “نيويورك” و”جورج تاون” و”سيينا” بإيطاليا للتدريس فيها.. والآن يتولى التدريس فى برنامج “نشر حقوق الإنسان: التاريخ, القانون, النظريات” فى “المدرسة الفرنسية للشئون الدولية والعلوم السياسية” فى باريس
“هيومن رايتس ووتش” مقرها نيويورك.. ومكاتبها فى لندن وبروكسل وموسكو وسان فرانسيسكو وهونغ كونغ وواشنطن ولوس أنجلوس.. إضافة إلى مكاتب مؤقتة تؤسس عند الضرورة.. وضع خطوطا حمراء كثيرة تحت “عند الضرورة”!! وكما تعرف نفسها: “تضم أكثر من 180 عضوا محامون وصحفيون وأساتذة جامعات وخبراء فى شئون دول العالم، من مختلف الجنسيات ولديهم علاقات وطيدة مع جماعات حقوق الإنسان المحلية فى دول العالم”.. هذه المنظمة صاحبة السبق فى النقلة النوعية لعمل الكيانات “الحقوقية”.. فبعد أن كان العمل محليا فى مرحلة.. ثم إقليميا فى مرحلة تالية.. حولته إلى عمل دولى.. عابر للقارات والحدود والأعراق والأجناس.. متجاوز منظمة الأمم المتحدة.. ويعلو على الحكومات والدول ويمارس الوصاية عليها.. ولا يعترف باستقلال وطنى أو أعراف دبلوماسية.. تخالف القانون الأمريكى نفسه.. بتلقى تمويلات ومنح من دول خارجية وأطراف فى منطقة الشرق الأوسط.. تشارك فى لعبة السياسة بجدارة تحت غطاء العمل الحقوقى.. لاعب دولى مع اطراف فى مواجهة اطراف على رقعة الشطرنج!!
فى تعريفها لنفسها تقول أيضا: “ترصد المنظمة ما تقترفه الحكومات من أفعال في مجال حقوق الإنسان، بغض النظر عن توجهاتها السياسية وتكتلاتها الجغرافية السياسية ومذاهبها العرقية والدينية، دفاعا عن حرية الفكر والتعبير.. نعمل على محاسبة الحكومات التى تنتهك حقوق الإنسان.. والسعي لإقامة العدل, والمساواة في الحماية القانونية، وبناء مجتمع مدني قوى.. يجرى باحثو المنظمة “التحقيقات” لتقصى الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ثم ننشر نتائج التحقيقات على شكل كتب وتقارير سنوية” هذا نص تعريف المنظمة لمهمتها.. مندوب سامى طبعة القرن الـ21!!
وعبر أبواق إعلامية مثل: البى بى سى, الجزيرة, قنوات الإخوان فى تركيا, دوتش فيلا, الحرة, العربى.. ترد التقارير التى تفضلها تلك المنظمة: التعذيب فى مصر والمملكة المغربية.. اضطهاد الأقباط فى مصر.. القمع الدينى ضد الطائفة الاحمدية فى الجزائر.. اضطهاد السعودية للشيعة.. التمييز ضد الروهينجا.. أما الكوميديا حقا فكانت الاشادة بقانون قطرى لحماية العمالة المنزلية!!
أما جماعة الإخوان الإرهابية.. فهى الابن المدلل للمنظمة.. كما كانت “جماعة النازيون الجدد” منذ 40 عاما تقريبا.. بل وتهدد الإدارة الأمريكية فى حال وضعها على قوائم المنظمات الإرهابية.. معللة ذلك بقولها: “سيعوق ممارسة أعضائها حقوقهم السياسية.. وبما فى ذلك من عواقب على الجمعيات والجماعات المدنية والحقيوقية التابعة لهم.. ولتأثيره بعلاقات واشنطن مع دول مثل قطر وتركيا”!!.. المؤسف أن وسائل إعلام إقليمية – عربية – ومصرية.. تتعامل مع تلك المنظمة مشبوهة الأهداف.. بحذر يرقى للخوف.. وباحترام مبالغ فيه.. بعضها عن عمد باعتبارها هى نفسها أيضا أبواق لأصحاب المصالح.. وبعضها عن جهل وتقصير فى حق مهنة الإعلام.. التى يتمحور دورها حول توعية المشاهدين بحقيقة هذا النوع من المنظمات.. وهنا أستثنى بعد الجهلاء من العاملين فى الإعلام الذين يعتمدون الصراخ والسباب منهجا بديلا عن إعلام الناس بالمعلومة!!
دعم المؤسس – ارييه نيير – النازيون بالمسيرات والمؤتمرات فى قلب أمريكا سابقا فى السبعينات.. وتدعم منظمته الجماعة الإرهابية الآن.. وما بينهما وطوال رحلتها الكثير من حالات الدعم المماثلة لجماعات مريبة!!..

التعليقات