عرب وعالم

04:08 مساءً EET

فيديوهات مسربة تكشف جرائم #آبى_أحمد فى #تيجراى‎‎

يبدو أن الوضع على الأرض فى تيجراى بات أكثر قسوة من أى احتمالات لإنكاره، حيث بدأت فظائع المشهد تظهر تدريجياً رغم التعتيم الإعلامى الكامل الذى فرضته حكومة رئيس الوزراء آبى أحمد على الإقليم، إذ قامت السلطات الفيدرالية بقطع كافة وسائل الاتصال ومنع دخول وسائل الإعلام المستقلة بالتزامن مع بدء العملية العسكرية فى الرابع من نوفمبر الماضى، لإخفاء جرائم التطهير العرقى والإبادة الجماعية التى تعرض لها أبناء واحدة من أقدم العرقيات الإثيوبية.

رغم مرور أشهر عديدة على تلك المعارك، إلا أن الوضع الإنسانى فى إقليم تيجراى مستمر فى التدهور، فالاتهامات الموجهة للجيش الإثيوبى بارتكاب انتهاكات بحق سكان الإقليم ترقى لجرائم حرب، صدرت عن عدة جهات دولية منها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والإدارة الأمريكية.

وعلى الرغم من الفظائع التى تحدثت عنها تقارير عديدة من خلال شهادات النازحين من الإقليم سواء فى معسكرات لجوء على حدود إثيوبيا أو داخل السودان، إلا أن التقارير التى ترصد استخدام “الاغتصاب” بحق نساء إقليم تيجراى كسلاح من جانب قوات الجيش الإثيوبى يبدو وكأنها سياسة ممنهجة وليست مجرد حوادث فردية.

هذا ما أكدته شبكة “سى إن إن” الأمريكية، فى تقريرها الذى نقلت فيه شهادات بعض الأطباء الذى يعالجون الضحايا، إذ قالوا إن الاغتصاب يستخدم كسلاح للتطهير العرقى.

وبحسب سجلات طبية اطلعت عليها الشبكة الأمريكية، وشهادات مسجلة لضحايا وأطباء، تتعرض نساء الإقليم للاغتصاب الجماعى والتخدير ووسائل متعددة لإصابتهن بالعقم، كما تعرضت إحدى الضحايا لقيام الجنود بوضع حجارة ومسامير فى عضوها التناسلى.

لم يقتصر الأمر عند هذا الحد من الوحضية، بل عثرت مجموعة من السكان المحليين فى إقليم تيجراى الإثيوبى المضطرب، بعد جهود بحث عن ذويهم الذين اعتقلوا قبل أشهر، على عظام بشرية وجماجم مهشمة إلى جانب بطاقات هوية محترقة جزئيا.

وبحسب تحقيق “سى إن إن”، جاء ذلك بعد 6 أشهر من اعتقال القوات الإثيوبية لهؤلاء الأشخاص (المفقودين) وإطلاق النار عليهم من مسافة قريبة، وإلقاء الجثث من أحد التلال الصخرية فى أعماق جبال وسط الأقليم.

واستندت الشبكة الأمريكية فى تحقيقها الذى نشرته فى أبريل، بالتعاون مع منظمة العفو الدولية، إلى مقطع فيديو (صوره الجنود) لمجزرة وقعت فى يناير، واستخدمت تقنيات تحديد الموقع لمعرفة المكان والتاريخ.

وكشف التحقيق فى ذلك الوقت عن إعدام ما لا يقل عن 11 رجلا أعزل، و39 آخرين فى عداد المفقودين.

كما يظهر مقطع الفيديو مجموعة من الجنود المسلحين يحاصرون عددا من الأشخاص العزل الذين يرتدون زيا مدنيا فوق قمة جبلية، ويظهر الجنود وهم يعدمون المدنيين رميا بالرصاص، وبعد ذلك يحاولون إلقاء جثث القتلى من فوق منحدر، فيما وصفته الشبكة بأنه “جريمة حرب”.

كما اختطفت قوات الجيش الإثيوبى القتلى والمصابين من مشافى “توجوبا”، مدعية أنهم جميعًا من مسلحى جبهة تحرير تيجراى، ورفض الجيش الإثيوبى السماح للمنظمات الحقوقية للوصول إلى موقع الحادث حتى يتثنى لهم اخفاء آثار جريمتهم بحق المدنيين بحسبما نقلته وكالة “رويترز” عن شهود عيان.

كذلك، كشف تقرير سرى داخلى لدى الحكومة الأمريكية حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن المسؤولين الإثيوبيين ومقاتلى المليشيات المتحالفة معها تقود حملة لتطهير عرقى منهجى فى تيجراى.

ويوثق التقرير، بتعابير قوية، أرضا ذات منازل منهوبة وقرى مهجورة، كما أشار إلى أن المقاتلين والمسؤولين من إقليم أمهرة الإثيوبي، والذين دخلوا تيجراى بدعم من رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد، يقومون عمدا وبكفاءة بتغيير الإقليم المتنجانس عرقيا عبر الاستخدام الممنهج للقوة والترهيب، لافتا إلى أن قرى بأكلمها تعرضت لدمار شديد أو مُحيت تماما.

كما وثق التقرير كيف تعرضت عدة مدن تيجرانية للهجوم ونهب وحرق منازلها، مؤكدا أن البعض هرب إلى الأدغال، وآخرون عبروا الحدود مع السودان بشكل غير شرعي، فى حين ظل البعض محاصرا ومرغما على النزوح إلى مناطق أخرى من إقليم التيجراى.

جميع تلك المشاهد فتحت الباب لأن يتحول رئيس وزراء إثيوبيا آبى أحمد، إلى هدف مستمر من الصحف العالمية بعد سياساته التى كلفت بلاده حربا مدمرة جعلت اقتصادها ينزف لدرجة جعلته يفكر فى إغلاق عشرات السفارات فى الخارج لتوفير النفقات.

على سبيل المثال، تحدثت صحيفة “فاينانشيال تايمز” عن الأوضاع فى تيجراى بإثيوبيا، وقالت إن القتال ونقص الغذاء يبدد الآمال بوقف إطلاق النار.

وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن أبى متهم بمواصلة الصراع الذى أطلق العنان للاغتصاب والمذابح والتطهير العرقى، وهو ما دفع واشنطن إلى فرض عقوبات على مجموعة من المسؤولين الإثيوبيين.

وذكرت الصحيفة إن الكثيرين شككوا فى وقف إطلاق النار باعتباره حيلة تسمح لأبى أحمد بإعادة تجميع صفوف قواته وتسليحها. وقال ويليام دافيسون، كبير محللى إثيوبيا فى مجموعة الأزمات الدولية إن وقف إطلاق النار الذى اتخذته الحكومة الفيدرالية لا يبدو صادقا.

من ناحية أخرى، قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية، إن القوات فى إقليم تيجراى تحتشد من أجل صراع جديد ضد ميليشا من منطقة مجاورة داخل إثيوبيا، حيث انضم آلاف من المتطوعين الجدد إلى صفوفهم بعد انسحاب القوات الحكومية منذ أكثر من ثمانية أشهر.

وأكدت أن شعب أثيوبيا هو من يدفع ثمن هذه الحرب التى قادها أبى أحمد، وصورها فى البداية على أنها أشبه بالنزهة العسكرية التى لن تستغرق سوى أسابيع قليلة لكنها تحولت إلى صراع دموى مستمر لأشهر.

لم تأتى تلك الإدانات من فراغ، وإنما جاءت بعد سلسلة واسعة من التقارير الإعلامية والحقوقية التى كشفت بالصور والفيديو جرائم حرب لا إنسانية نفذتها القوات الحكومة الإثيوبية ضد عرقية التيجراى، الأمر الذى استفز المجتمع الدولى للإدلاء بدلوهما فى الأمر.

دعا مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان، إلى إجراء تحقيق مستقل فى انتهاكات حقوق الإنسان التى قد ترقى إلى جرائم الحرب فى منطقة تيجراى.

وقالت المفوضة الأممية ميشيل باشليت، إن هناك حاجة إلى “تقييم مستقل وموضوعي” للوضع على الأرض فى تيجراى، بالنظر إلى “التقارير المحزنة للغاية عن العنف على أساس الجنس والنوع والقتل خارج نطاق القضاء والتدمير على نطاق واسع ونهب العامة والملكية الخاصة لجميع الأطراف”.

وأضافت باشليت أن “المعلومات الموثوقة لا تزال تتكشف عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الإنسانى من قبل جميع أطراف النزاع فى تيجراى فى نوفمبر من العام الماضي”.

كما أعلن الاتحاد الأوروبى، أن ما يحدث داخل إقليم تيجراى فى إثيوبيا، من انتهاكات يرقى إلى مستوى جرائم حرب.

وقال المفوض الأوروبى لإدارة الأزمات، جانيز ليناريتش، فى كلمة له خلال الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي، إن هناك انتهاكات تحدث داخل إقليم تيجراى فى إثيوبيا، بسبب الصراع الدامى بين القوات الحكومية و”جبهة تحرير تيجراى” المعارضة، يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم حرب.

وشدد الاتحاد الأوروبى على ضرورة التزام جميع الأطراف فى تيجراى بوقف إطلاق النار وخروج القوات الإريترية منه، وأكد أن هناك حاجة ملحة لتسوية سياسية للصراع فى تيجراى وتحسين الأوضاع المعيشية للمدنيين هناك.

التعليقات