مصر الكبرى

10:12 صباحًا EET

25 يناير ليس نهاية التاريخ.. و23 يوليو ليس بدايته

تعيش مصر على أجواء جدل عقيم، كالعادة، على خلفية الذكرى الستين لثورة 23 يوليو 1952، التى تحتفل بها مصر الرسمية والشعبية، باستثناء الإسلاميين، والجناح الأقل عددا وقوة فى جماعة 6 أبريل الشبابية، ويرى الإسلاميون أن فى مصر ما هو أهم من الاحتفال بثورة يوليو 1952، لكن ذلك الكلام ليس أكثر من مبرر، لإخفاء العداء التاريخى بين الإسلاميين، خاصة الإخوان، والضباط الأحرار وزعيمهم جمال عبد الناصر، وكل ما يتعلق بثورة يوليو.

ويرى الجناح الأقل عددا فى 6 أبريل والى يقوده شخص يدعى أحمد ماهر، أن ثورة 25 يناير، قد ألغت ثورة 23 يوليو ونسختها، وقضت عليها، وبالتالى لا مجال للاحتفال بثورة قام بها ضباط، وهزمها مواطنون، وكأن مصر كانت فى صراع طيلة ستين عاما بين العسكر والمدنيين، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق، إذ أن هذا الصراع لم يبرز على السطح إلا خلال العام الأخير، ولأهداف سياسية، وحزبية، أو حتى لهدم القوات المسلحة، فى إطار خطة تفكيك الدولة المصرية، وإعادة بنائها من جديد.
ثورة يوليو 1952، لم تكن بداية التاريخ، فهى حين نهض بها ضباط شباب فى الجيش المصري، بنوا على ما سبق وحققته ثورة 1919 والحركة الوطنية المصرية، من أحزاب ليبرالية مثل الوفد، ويسار مثل الحزب الشيوعى المصري، وحركات شوفينية مثل حركة مصر الفتاة، ووريثها الحزب الاشتراكى، وحتى الإخوان المسلمون.
تحرك الضباط وحملوا الرصيد النضالى، والمخزون الوطنى المصري، ليقوموا بثورة حقيقية، لأنها بالمفهوم السياسي والعلمى غيرت طبيعة النظام السياسي والاجتماعى والاقتصادى فى البلد، سياسيا تحولت مصر من ملكية إلى جمهورية، واقتصاديا تحولت مصر إلى الاقتصاد الاشتراكى الموجه، بدلا من رأسمالية أجنبية واحتكارية، واجتماعيا تحولت مصر من مجتمع أغنياء لا يزيد عن نصف فى المائة، وأغلبية فقيرة وأمية ومريضة، إلى مجتمع نهضت فيه الحركة العمالية، وانتهى فيه نظام الاقطاع الزراعى، وتغير وضع الفلاحين، وقل الفقر بشكل عام، واستطاعت ثورة يوليو تحقيق الكثير فى إطار العدالة الاجتماعية.
لكن ثورة يوليو مثل أى كائن حى مرضت وشاخت، تعرضت لتغيير مسار، حينما تحول الرئيس السادات بمصر اقتصاديا من المعسكر الاقتصادى إلى السوق الحر المفتوح القائم على حرية رأسمال المال، أى من الاشتراكية إلى الرأسمالية.. لكن ثورة يوليو لم تنته بدليل استمرار هذا القطاع العام الضخم، ونحو 6 ملايين موظف فى القطاع الحكومى، والتعليم المجانى حتى ولو تدهور. بل أن ملايين المصريين الذين نزلوا إلى الشوارع فى 25 يناير هم نتاج ثورة يوليو 1952 حتى ولو يسمع عنها الشباب الذين شاركوا فيها.
أما ثورة 25 يناير فهى ليست نهاية التاريخ، أى خاتمة الثورات وناسخة ما قبلها، فسياسيا لم تكتمل ثورة يناير، أى أن حركة الجماهير فى الشارع كانت انتفاضة شعبية فى طريقها إلى أن تتحول على ثورة، لكن الجيش انقلب عليها وتسلم السلطة، ثم عاد وعبر انتخابات عليها علامات استفهام عديدة ليقتسم السلطة مع الإسلاميين خاصة الإخوان المسلمين.
لم تكن 25 يناير ثورة، لأنها لم تغير شكل وطبيعة النظام السياسي الجمهورى الرئاسى القائم حتى الآن، ولم تغير طبيعة النظام الاقتصادى لأن الإسلاميين الذين يسيطرون على قصر الرئاسة هم أشد إيمانا بالرأسمالية والاقتصاد لحر حتى ولو ألبسوه عمامة وقالوا عنه أنه إسلامى، كما لم ولن تتغير طبيعة النظام الاجتماعى لأن الحركة بين الطبقات تحتاج إلى فعل لا يؤمن به الإخوان المسلمون، فهم حتى خمس سنوات لم يكن لديهم داخل الجماعة شعبة أو أمانة للعمال.
ليس من حق الإخوان ولا الجناح المهيض من 6 أبريل أن يلغى ثورة يوليو، ويحاول خلق شرعية بديلة، لأن 25 يناير التى يعتبرونها ثورة نسخت وقضت على ثورة يوليو 1952 لم تنجح في شيئ حتى الآن سوى أنها أجلست محمد مرسي فى القصر الجمهوري رئيسا لمصر بالنيابة عن المرشد العام والأعلى محمد بديع.. فهل نزل المصريون إلى الشوارع 18 يوما ليحكمهم المرشد ونائبه، ورئيس يتبعهما؟!
mhamdy12@yahoo.com
 

التعليقات