مصر الكبرى

07:40 صباحًا EET

“ولاية الفقيه”

Rania_hefny@hotmail.com
نشرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية إن الرئيس محمد مرسي سيقوم بزيارة إيران فى شهر أغسطس المقبل خلال قمة حركة عدم الانحياز التى تستضيفها طهران وأضافت الوكالة أنه من المقرر أن تتسلم طهران رئاسة الحركة من القاهرة، بما يعني أن يقوم الرئيس المصري محمد مرسي بتسليم القمة إلى نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال اجتماع القمة. إلى ذلك والأمر يبدو عادياً ومجرد توقعات وتصريحات صحفية يمكن نفيها من هذا الجانب أو ذلك، ولكن الثابت أن جهودا حثيثة تبذلها طهران لاستعادة العلاقات مع القاهرة، بدأت من الرئيس السابق حسني مبارك ومستمرة إلى ما بعد الثورة بالتزامن مع صعود تيارات الإسلام السياسي التلميح باستعدادها لضخ استثمارات بالمليارات لمساعدة الاقتصاد المصري المنهار.  واليوم وفي ظل رئيس مرجعيته إسلامية وينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين صاحبة تاريخ من علاقات الصداقة مع الجمهورية الإسلامية، فالسؤال يبدو منطقياً حول اتجاه سياسة مصر مع الرئيس محمد مرسي فيما يتعلق بالعلاقات مع ولاية الفقيه في إيران، وهل المزاج العام الحالي في مصر يساعد على فتح سفارة إيرانية في القاهرة وأخرى مصرية في طهران، خاصة مع ما أثير من جدل حول تصريحات مرسي عن عودة العلاقات بين البلدين، بغض النظر ما إذا كانت هذه التصريحات قبل إعلان فوزه رئيساً لمصر أو بعدها؟!. تساؤلات جعلت ملف العلاقات المصرية –الأيرانية جدير بالدراسة للتعرف على أبعاده المختلفة وملامح مستقبل العلاقات بين الجمهورية الإسلامية و مصر ما بعد مبارك التي باتت تعيش الآن في ظل حكم أول رئيس مدني ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وسط توقعات بتغيير كثير من السياسات التي كانت تتبعها مصر خلال عقود سابقة. في نفس الوقت تتزايد أعداد الشيعة من المصريين بشكل واضح لا يمكن تجاهله، بالتزامن مع جهود تعزيز وجودهم في المجتمع المصري كقوة مؤثرة من خلال إقامة المؤسسات الشيعية ونشر فكرهم وثقافتهم بكل ما أوتوا من إمكانيات، يرافقه اهتمام من القيادات السياسية الإيرانية بـ "مصر" كدولة لها وضعها في منطقة الشرق الأسط، لتعزيز مواقع المتشيعين من المصريين. ويمكن القول ان اتباع المذهب الشيعي في اي دولة يتاثرون بالسلب أوالإيجاب بعلاقة إيران بدولتهم وموطنهم الأصلي، وبالتالي فهم ورقة ضغط يمكن لقادة الدولة الإسلامية استخدامهم في تحقيق أهدافهم السياسية. فتوتر العلاقة بين طهران والقاهرة منذ أواخر سبعينات القرن الماضي كان له أثره السلبي على تحركات التجمعات الشيعية في مصر وأنشطتهم الثقافية وشعائرهم الدينية، ولكن وبعد قيام ثورة 25 يناير في مصر والانفتاح الحر لممارسة العمل السياسي باتت جيوب الشيعة في مصر تخرج عن صمتها و تتحرك معلنة عن نفسها وحقها في المشاركة في رسم ملامح الدولة الجديدة على أساس مبدأ المواطنة. فبعد تاريخ من الصدام والتوتر بين الحكومات المصرية وأنصار المذهب الشيعي، خاصة خلال أعوام 1979،1987، 1988، 1989،1996،2002 والتي كان يتم في كل مرة رصد مجموعات شيعية تتكون من مصريين وعرب وإيرانيين تعمل في سرية، ومنتشرة في أماكن مختلفة في مصر بهدف نشر المذهب الشيعي بتمويل خارجي لإدارة نشاطهم في الدخل المصري، تمهيداً لتحقيق أهداف سياسية، وفق ماجاء في التقارير التي نُشرت آنذاك.

واليوم وبعد ثورة يناير يسعى شيعة مصر إلى تكوين حزب سياسي يعبر عن مطالبهم ويكون نواة للعمل السياسي ووالمشاركة في صنع القرار وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره، ولكن مازالت الدولة المصرية تنظر بعين الشك الممزوجة بالقلق من أهداف الحزب الذي تقدم له رموز المذهب الشيعي المصريين والمعروف عنهم علاقتهم الوثيقة بـ "إيران".
وإلى جانب العامل الداخلي يطل العامل الخارجي ليخيم على الجهود المبذولة في عودة العلاقات المصرية الإيرانية، فتيارات ألإسلام السياسي التي تعتنق المذهب السني وترفض سياسة إيران فيما يتعلق بالمد الشيعي في المنطقة العربية، باعتباره أدة لأهداف سياسية تتعلق بنفوذ إيران في المنطقة ورغبتها في لعب دور إقليمي مؤثر خصماً من الدول العربية والإسلامية سنية المذهب. والعامل الخارجي يتمثل في الضغوط الاقليمية والدولية التي يمكن أن تتعرض لها القيادة المصرية حديثة العهد في ممارسة التوازنات السياسية وفق المصالح النتبادلة والمشتركة لمنع استعادة العلاقات بين البلدين أو على أقل تقدير تعزيز التعاون المشترك وأن يقتصر على التمثيل الدبلوماسي فقط. وفي ظل المؤثرات الداخلية والخارجية فإن سيناريو العلاقة بين القاهرة وطهران لن يخرج عن عودة العلاقات في إطار محدود من التعاون الذي قد يقتصر على قطاعات الاقتصاد المختلفة، أو استمرار التباعد والتنافر لاسيما وأن الثقة بين الجانبين لم تنضج وتكتمل.
اما بالنسبة لمصطلح "ولاية الفقيه" فمفاده أن حكم المسلمين من قبل الفقيه الأعلم على أن يطبق الشريعة الإسلامية، وعلى جميع المسلمين، مبايعته والائتمار بأوامره، والولاية تتعلق بالأمور السياسية العامة، وكذلك الدينية الفقهية. وبوصول محمد مرسي إلى سُدة الحكم في مصر، تكون المحروسة أمام سيناريو محتمل للإدارة على غرار "ولاية الفقيه" الموجود في إيران. ولقد أبدت شريحة كبيرة من المجتمع المصري خشيتها من أن يكون القرار السياسي المصري مرهون بمكتب الإرشاد في الجماعة وأن يكون المرشد العام الدكتور محمد بديع ونائبه المهندس خيرت الشاطر أصحاب القرار ومن خلف الكواليس، لاسيما وأن أدبيات وتعاليم الجماعة يقوم على أساس مبدا السمع والطاعة لما يقره مكتب الإرشاد من توجيهات وسياسات تستهدف صالح الإخوان، وعلى الجميع التنفيذ ومنهم الرئيس محمد مرسي.
فاهتمام الثورة الإسلامية بنظريات وافكار القيادي في جماعة الإخوان المسلمين "سيد قطب" يُشير إلى تقارب المبادئ والأهداف، فيما يبقى الفكر القومي العربي عقبة حقيقية لمسيرة الجماعة وامتداد نفوذ الثورة الإسلامية. كما انة من الصعب تجاهل مشهد القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي عند صعوده منصة الثوار في ميدان التحرير عقب تنحي مبارك مخاطباً الشعب المصري المنتشي بانتصاره ثورته، هذا المشهد الذي أعاد إلى الأذهان عودة الخميني إلى طهران عقب سقوط حكم الشاه ونجاح الثورة الإسلامية الإيرانية، والتي مازلت القيادات الدينية في "قُم" تعتبرها ملهمة للربيع العربي في مصر وغيرها، فيما يظل هاجس تكرار سيناريو "ولاية الفقيه" يشغل بال شريحة كبيرة من المصريين. .

التعليقات