مصر الكبرى

11:01 مساءً EET

المتشددون في جلباب مصر!!

قضيت الأسبوع الماضي ساعات معدودة في مصر المحروسة ، قتلتني تلك القاهرة العتيقة ،بنسماتها الرقيقة وليلها الساحر وصخب واقعها وتناقضاتها ، كنت أغالب شعوراً بأنين تلك المدينة وهي تفلت بصعوبة وتتجرح وتدمي أطرافها وتتمزق لتهرب من حكم انتهازي استعبد شبابها وبدد أحلامهم لتجد في وجهها مفترسين آخرين أكثر تعطشاً لإمتصاص ما تبقى من رحيق حلم نيلها الخالد..

 ومع إقتراب إنتخابات الرئاسة المصرية تتضاءل فرص التغيير الحقيقي في عيون مصر ومحبيها،فالخيارات المحدودة التي أنتجها النظام الإنتخابي الرديء في غياب تنظيمات وأحزاب سياسية وطنية مدنية حقيقية والتعجل في إجراء الإنتخابات ليس في صالح من يريدون وضع قطار مصر على سكة الإصلاح دون أن يفكروا بالضرورة أن اللحظة باتت مواتية للقفز إلى  السلطة كما تفعل بعض التنظيمات التي تجير كل شيء لصالحها ولصالح مشروعها،وتحت أوهام أنها لحظتها التاريخية التي قد لا تتكرر لن تتردد بالمجازفة بكل شيء ووطن بأكمله وأحلام عشرات الملايين من البشر.و تلك التنظيمات تمارس إنتحاراً حقيقياً و تعجز عن فهم أن الجلباب المصري ليس كأي جلباب آخر،وإن قررت تلك التنظيمات الإقليمية المجدبة المدعومة بأموال النفط أن ترتدي الجلباب المصري الطويل جداً عليها فإنها ستتعثر وستنكفيء.فمصر ليست كياناً على هامش التاريخ والحضارة والمدنية بل هي قلبها ،ومصر لم تكن في يوم من الأيام جاهزة لمواجهةمن يحاول طمس هويتها وحضارتها والإستبداد بشبابها كما هي اليوم.ولكن ما يثلج الصدر أنه وبينما وقعت التنظيمات المتشددة في مأزق حقيقي بعدما أفصحت عن مشروعها وأصبحت مقيدة بتحقيقه، و فقدت حرية الحركة وباتت لا تحرك ساكناً إلا في إطار محاولتها للقفز إلى سلطة ، يظل الحراك الشبابي الحقيقي والمخلص حراً بلا سقف متحرراً من قيود  أي مشروع انتهازي وهو ما يعطيه حيوية وتجدد إنه حراك تلقائي لشباب لا يخاف إلا من واقع ومستقبل مجهول تغيب فيه العدالة ويتلاشى فيه التسامح ومعه كل ما قدمته وتقدمه مصر للحضارة الإنسانية، حراك تحول إلى مرجعية مهمة قادرة على إحراق كل يحاول العبث بمنجزات الثورة التاريخية وعليه أن يحافظ على تلك المكانه ويعززها.ربما تحقق بعض التنظيمات الراديكالية نصراً مؤقتاً بحكم أن بنية الفساد لا تترك وراءها إلا صنوها وتقوي أمثالها وإن تحت لافتات أخرى ما قد يؤدي لوصول من لا يرقى لطموحات الشباب وثورتهم المتجددة ومن لا يليق بالحلم المصري ،ولكن أخطاء تلك التنظيمات القاتلة وعنجهيتها ومحاولاتها المستمرة لاختطاف الثورة والتذاكي على الشارع المصري هي تحديداً ما يزيد في ضخ الوقود في الثورة وإبقاءها مشتعلة والرئيس المقبل سوف يكون رئيس سريع الاحتراق ما لم ينصت جيداً همس تلك المدينة العظيمة و يفهم أن مصر لم تفلت من يد مفترس لتقع في يد مفترس آخر  و أن المصريين لم يطردوا الديكتاتورية من الباب لتعود من النافدة .

التعليقات