مصر الكبرى

07:33 صباحًا EET

حكومة الكشري

الكشري أحد أهم الأطباق الشعبية فى مصر، وليس له مثيل فى أي مكان فى العالم، فهو يتكون من المكرونة والأرز، والعدس والتقلية والصلصة والحمص، وأحيانا الشعرية، أى مجموعة مكونات غير متجانسة، لكنها فى النهاية تصنع طبقا له مذاق خاص، هكذا تبدو حكومة هشام قنديل مثل طبق الكشري، إخوان، ورموز من الحزب الوطنى، ورجال أمن تربوا فى أحضان النظام السابق، ووزير داخلية كان احد رجال الوزير العادلي، وخبراء من الجامعات، وكبار موظفين فى الوزارات والمصالح الحكومية، ليصنع منهم قنديل حكومة كشري، لكنها بعكس طبق الكشري ليس لها مذاق، ولا يمكن خلطها فى طبق واحد.
فى النظام الرئاسي مثل الولايات المتحدة يختار الرئيس حكومته، ويحصل على موافقة البرلمان عليها، وفى النظام المختلط تقسم الصلاحيات بين الرئيس والحكومة التى يشكلها الحزب صاحب الأغلبية البرلمانية، وفى أوقات عدم الاستقرار السياسي وغياب الأغلبية الواضحة تتشكل حكومات ائتلافية من عدة أحزاب، أو من جميع القوى السياسية كل حسب وزنه السياسي والبرلمانى. وفى أوقات المصاعب الاقتصادية كما حدث فى إيطاليا واليونان أثناء الأزمة المالية تشكلت حكومة خبراء"تكنوقراط" اتفقت عليها الأحزاب.. أين حكومة قنديل من كل هذه النماذج المعروفة والمستقرة؟

فى ثمانينات القرن الماضى حينما تم تكليف الدكتور عاطف صدقى بتشكيل حكومة، وكان رئيسا للجهاز المركزى للمحاسبات، اختار وزراءه من أصدقائه الذين كان يلعب معهم الطاولة فى شقة فاروق حسنى بالأسكندرية، الذى أصبح هو أيضا وزيرا للثقافة فى نفس الحكومة، لكن باستثناء حكومة الطاولة، تشكلت معظم حكومات الرئيسين السابقين السادات ومبارك فى الغالب الأعم من خبراء كانوا ينضمون للحزب الحاكم، إذا لم يكونوا أعضاء فيه، وبالتالى يدخلون فى ماكينة الحزب السياسية، فيتعلمون فينا، ثم يتعالوا علينا.
أما حكومة الكشري فهى اختراع فريد فى مصر، والعالم، وتكاد تشبه حكومة أحمد نظيف، فهو قسم الحكومة بين وزراء رجال أعمال محسوبين على أمانة السياسات فى الحزب الوطنى، والوزراء الخبراء القدامى فى الحكومة.. ومع الوقت انقسم مجلس الوزراء إلى قسمين: الأول وزراء رجال العمال بزعامة نظيف.. والثانى المجموعة المهنية التى كانت تضم طنطاوى وشفيق وفايزة أبو النجا وحسن يونس، وبعد ذلك انقسم فريق رجال الأعمال إلى شلتين واحدة يقودها رشيد محمد رشيد والأخرى يقودها أحمد المغربي، وتصارع الاثنان على منصب رئيس الوزراء، وأصبح لدينا ثلاثة معسكرات داخل حكومة نظيف.
 
فى حكومة الكشري، لدينا معسكر الإخوان ومعهم الوزير محسوب، والوزراء الفنيين القادمين من تحت السلاح، أى صعدوا تدريجيا فى وزاراتهم، ثم مجموعة الخبراء القادمين من الجامعة، ومجموعة الوزراء الذين تربوا فى حضن وحجر النظام السابق، ولا أظن أن رئيس الوزراء بشخصيته اللينة قادر على مزج هذا الخليط الوزارى فى طبق واحد، وبالتالى ستتحول حكومته إلى معسكرات وشلل وأحزاب، أقرب ما يكون إلى طبق كشري فشل الطاهى فى إنضاجه!
 
mhamdy12@yahoo.com

التعليقات