أفضل المقالات في الصحف العربية

10:00 مساءً EET

بين إسرائيل ودبي!

منطقة الشرق الأوسط عموما، والعالم العربي خصوصا، مقدر لها أن تكون محط أنظار دوائر الاهتمام؛ فهي منطقة ملتهبة سياسيا ومهمة جدا اقتصاديا بوجود رساميل مالية هائلة ومخزون نفطي غير بسيط، وكذلك كون هذه المنطقة من العالم مهد التاريخ الإنساني ومهبط الأديان السماوية وتلاقي الحضارات والثقافات عبر الأزمان.

كان الغرب دوما في العقود الأخيرة يشير إلى إسرائيل على أنها «رمز» الحضارة المدنية في منطقة «متخلفة» من العالم؛ لأنها نظام ديمقراطي وتعددي وتتبع سياسة الاقتصاد الحر الليبرالي المفتوح، ولها القيم الغربية نفسها. وهذا طبعا كله ما هو إلا حفنة أكاذيب جرى ترويجها بمهارة، لأن إسرائيل نظام أقرب للأبارتايد العنصري وأشبه بالعنصرية في ممارساتها القمعية ضد من تحتل ومن تجاور. وهي عنصرية بامتياز حينما تروج لنفسها على أنها دولة يهودية بشكل أساسي وحصري، وبالتالي هي تلقائيا تقر بأن مواطنيها وسكانها من غير اليهود هم فعليا من الدرجة الثانية.

كل المجد والتفوق الاقتصادي الذي تتمتع به إسرائيل، وخصوصا في مجال التقنية الحديثة المهمة، وكذلك في مجالات الري والزراعة والطب والدواء، كل ذلك كان من نتاج الصناعة العسكرية ومشتقاتها التي تتفوق فيها إسرائيل ونتاج دعم دولي غير مسبوق لها.

وهذا كله مكنها من توظيف اقتصاد الحرب الذي تعيشه لتكون متفوقة بمنتجات غير عسكرية تقدم للسوق العامة حول العالم. ولكن كل ذلك لم يمكن من أن تكون إسرائيل «مقبولة» على أنها دولة سلام، ولم يأت لها بالتقدير والاحترام والمكانة التي تنشدها من المجتمع الدولي. وبالتالي المحبة لا تشترى، ولا تلك المكانة تشترى مهما حاولت إسرائيل أن تفعل، وقد فعلت الكثير لأجل ذلك. فإسرائيل لم تعد اليوم دولة «محترمة»، فستظل دولة مارقة بامتياز.

واليوم الشرق الأوسط يشهد قصة نجاح عالمية، وهي «دبي»، هذه المدينة الإمارة تقدم نموذجا حقيقيا وجادا لما يمكن أن يفعله اقتصاد السلام من تأمين نموذج للتعايش والرخاء والأمن والأمان والاحترام والتقدير للثقافات والأعراق والأديان والأفكار بشكل يعكس حال العالم المتشابك اليوم.

إذا كانت إسرائيل هي «هانوي» الشرق الأوسط، فدبي هي «هونغ كونغ» فيه، والخيار واضح بين الاثنتين، الأولى فشلت في تحقيق الأمن والتعايش والرخاء لكل من فيها، بل بقيت رمزا للكراهية والعنصرية والبغض والاستبداد، ولكن العالم بات مجبرا على النظر مجددا للشرق الأوسط ليرى شيئا ناجحا غير إسرائيل..

دبي قصة نجاح مسالمة تستحق الاحترام.