آراء حرة

10:00 مساءً EET

محمد عبد الرحمن يكتب : رد الإعتبار لعلي الحجار بعد فضيحة غانا

(1)
هل تعرف كيف يسير العمل داخل فروع محلات التوحيد والنور المنتشرة في كل أنحاء مصر؟
باختصار يتم جلب معظم العمال من خارج القاهرة، بشرط أن يكونوا غير متزوجين، يعملون بمرتبات ثابتة، وبعدد ساعات يفوق المتوسط بالنسبة للعامل العادي، ويقيمون في أغلب الأحيان في الأدوار الملحقة بالفروع، لو دققت ستلاحظ أن جميعهم متقاربون في العمر والزي والملامح ومهارات العمل، لا تستطيع أن تفرق أحدهم عن الآخر بسهولة.

مع كامل الاحترام لهم، يقبل هؤلاء هذه الظروف لتكوين أنفسهم مادياً لعدة سنوات قبل أن يبحثوا عن ترقية أو عمل آخر، ناهيك عن مجتمع عمل لا تقترب منه السيئات، فلا يسمح للنساء بالعمل في هذه الفروع، القرآن الكريم فقط هو ما يسمعونه طوال اليوم، صاحب المحلات بدأ مشواره في مصر على الطريقة السعودية فكان يغلقها وقت الصلاة، لكنه تدارك الأمر لاحقاً واكتشف – على ما يبدو- أن الوقت الضائع في إغلاق المحلات 4 مرات يومياً هو أولى به بسبب زيادة الإقبال.

تخيل أن سيد السويركي صاحب محلات التوحيد والنور طلب من هؤلاء أن يذهبوا جميعاً إلى اعتصام رابعة قبل 14 أغسطس الماضي، هل كانوا سيرفضون؟

بالنسبة للمنتمين لأي تيار ديني أو سياسي يقوم على تقديس الفرد، سيد السويركي، هو محمد بديع، هو محمد مرسي، هو خيرت الشاطر.

من تربى على أن له يداً علياً تشرف وتنفق عليه لن يغامر بالحركة بعيداً عن ظل هذه اليد ولن يتضرر كثيراً إذا سخر منه الآخرون وقالوا عنه خروفاً في قطيع.

هو يحب القطيع ويشعر داخله بالأمان، ولو أن سكان نفس المزرعة تعرضوا لخطر لن يهتم، المهم القطيع أولاً وقبل كل شيء.

(2)

هل يمكن أن نفسر الآن وبدون اندهاش لماذا شجع أنصار رابعة منتخب غانا، ولم يهتموا بكل الانتقادات واللعنات التي صبها أنصار مصر عليهم؟

مبدئياً وحتى نكون منصفين هناك من بين أنصار الشرعية من ترفع عن هذا السلوك الفاحش، وهناك أيضاً من صمت عنه فقط لأن موقعه على الساحة لا يسمح له بمغامرة وضع علم غانا على صفحته الشخصية على فيسبوك.

أما أصحاب الطاعة العمياء الذين يعيشون فقط داخل دوائر ضيقة ولا يهتمون بما يجري خارجها، فهم ينتظرون أي فرصة للتعبير عن عجزهم.

في رأيي تشجيع أنصار رابعة لمنتخب غانا هو تعبير عن العجز.

باختصار لو أنك قادر على أن تغير ما جرى على أرض الواقع لن تنتظر مباراة كرة قدم حتى تفرح لعدة ساعات، مع أنك نفسك الذي تقول إن النتيجة الإيجابية لمصر كانت ستستخدم سياسياً.

(3)

لو رجعنا للوراء عدة شهور لأزيلت الدهشة تماماً من هذا السلوك المشين .

تخيل بشراً عقلاء نزلوا أفواجاً لدار القضاء العالي لتأييد قرار لم يعرفوه بعد.

تخيلهم وهم يرفعون شعار “نعم لقرارات الرئيس” التي كانت سبباً أصيلاً في الإطاحة به.

قبل هذا وذاك، من أول من قال “موتوا بغيظكم”، وعندما ارتد لهم الغيظ لم يجدوا إلا مباراة كرة قدم.

هل اهتم هؤلاء بنظرة جمهور غانا لهم، مصريون يشجعون منتخبهم ضد منتخب بلدهم، جمهور غانا لا يشاهد قناة أحرار 25، ولو شاهدها، لم يحدث في تاريخ العالم أن شجع أبناء بلد المنتخب المنافس لبلدهم تحت أي ظرف.

ردوا بمبررات لا حصر لها، لكنهم لم يكونوا بحاجة لذلك أصلاً، فمن يروج أخباراً سلبية عن بلدهم لمنع السياحة وتدمير الاقتصاد، ويعتصم داخل المترو ويكب زيتاً على الطرقات، هل سيهتم بنظرة جمهور غانا، ولا بحسرة المصريين من موقفهم؟

(4)

هو أبو تريكة مش فخر هجوم الإخوان؟ كيف فرح أنصار رابعة في هزيمته، هل أبالغ أنه لو كان خارج التشكيل لقالوا إن الهزيمة بسبب استبعاد اللاعب الإخواني؟

هل رأى أبو تريكة أصدقاءه الربعاويين وهم جالسين في مدرجات غانا؟ كيف فسر وجودهم، ليته يجيب على هذا السؤال قبل أن يعتزل.

مرة أخرى وأخيرة، من شجعوا غانا، من نشروا الشائعات ضد السياحة والاقتصاد، من كبوا الزيت على مطالع الكباري، يعتبرون أن من ليس معهم ضدهم، حقيقة حاولنا كثيراً أن نكذبها، يكب الزيت لتعطيل المرور، فإذا تضرر منه أنصار السيسي خير وبركة، وإذا تضرر منه أحدهم فالمؤمن مصاب.

(5)

نحن أمام أزمة حقيقية، الأزمة لم تعد سياسية، لم تعد في الفض العنيف لاعتصام رابعة، لو كان الاعتصام مستمراً حتى الآن، لصنع قياداتهم شهداء يتاجرون بهم.

نحن أمام عشرات الآلاف من حاملي بطاقة الرقم القومي الذين يتعاملون الآن مع مصر كفندق، يريدون أن تفسد سمعته لأن الإدارة لم تعد لهم، مع نسبة غير قليلة من المغيبين الذين لا يزالوا يرون الإسلام في خطر.

هؤلاء لا تجد معهم مبادرات أبو المجد، ولا زيارات أشتون، كل ما يريدونه الآن هو تخريب الفندق الذي تراه حشود 30 يونيو وطناً يجب حمايته.

كيف سنخرج إذاً من هذه الدائرة الجهنمية، أصدقك القول لا أعرف.

(6)

هل لازالت تتذكر أن عنوان المقال له علاقة بعلي الحجار؟

كنت وسط قلة ترى أن تفسير كلمات أغنية “أحنا شعب وأنتوا شعب” يجب أن يتم التعامل معها بشكل أعمق من التناول السطحي الذي جرى وقت الجدل حول كلمات مدحت العدل وصوت علي الحجار وألحان أحمد الحجار.

ما فعله أنصار رابعة في مباراة غانا استدعى عنوان الأغنية من جديد وربما من أناس رفضوها قبل أسابيع.

آن الأوان لرد الاعتبار لعلي الحجار .. إحنا أسفين يا علي .

التعليقات