تحقيقات

11:49 صباحًا EET

التأهيل المهني للمسجونين بين الواقع والمأمول

الجريمة في كل زمان ومكان تشكل تهديداً مستمراً للمجتمع ، و خطرا فادحا  على حقوق الإنسان . وحينما يصبح هذا الحق مهدداً بالزوال ، وشبح الخوف والرعب والإرهاب والقلق يطارده ، تفقد الحياة قيمتها ومعناها في نفسه ، وتتحول إلى شقاء وعذاب ، وعائق يقف في طريق نمو الحياة . لذلك مواجهة الجريمة بصفة عامة  تتطلب وضع استراتيجيات وطنية تتضمن خطط تفصيلية لمكافحتها ، وتصبح السجون إصلاحا وتهذيبا لكل آثم ومذنب ومرتكب للجرائم .

ومن هنا تناول الدكتور / السيد عوض أستاذ مساعد ورئيس قسم علم الاجتماع كلية الآداب بقنا – جامعة جنوب الوادي ”  دراسة ميدانية مقارنة بين سجون القاهرة الكبرى وسجون صعيد مصر ، وتحدد هدفها الرئيسي في التعرف إلى دور السجون في التأهيل المهني للمسجونين ، ورصد الدور الفعلي في هذه السجون . و تم الانتهاء إلى أن غالبية مرتكبي الجرائم من المقيمين في المناطق الحضرية ، ومن الأميين ، كما ترتفع بينهم نسبة المطلقين . وكذلك من مرتكبي جرائم الأموال العامة ، وبعضهم في حقيقة الأمر مواطنون بسطاء ، وقعوا ضحايا لعمليات النصب والاحتيال ، التي يقوم بها أصحاب شركات بيع الأدوات والأجهزة الكهربائية ، والمحامون الفاسدو الذمة ، وغيرهم ممن يستغلون عدم وعيهم القانوني ، بما يوقعون عليه من أوراق وشيكات ، ولذا تطمئن إليهم لجنة التصنيع والهوايات ، فيقع عليهم الاختيار للعمل داخل السجن . وتراوحت مدة العقوبة ما بين خمس سنوات ونصف إلى سبع سنوات .كذلك ثبت أن غالبية المسجونين الذين يتم تشغيلهم داخل السجون ، هم من الفقراء الذين يجبرون على ترك المدرسة للالتحاق بسوق العمل .و أن أكثر من نصف أفراد السجون كانوا يمارسون أعمالاً حرفية يحتاجها السجن ، وأن الغالبية العظمى في جميع سجون كانوا يعملون قبل دخول السجن في القطاع غير الرسمي باعتباره أحد آليات مواجهة الفقر في ظل التاريخ المهني السيئ وتدني مهارات العمل والأمية وتدني المستوى التعليمي . وأن نسبة المسجونين الذين يقومون بأعمال تأهلية في سجون الدراسة 7.9 % من إجمالي النزلاء في السجون ، وأن هذه النسبة ارتفعت إلى 41.5 % في سجن القناطر رجال ، في حين أنها انخفضت إلى 7 % في سجن القناطر نساء ، وانعدمت تماماً في سجني سوهاج وقنا .كذلك فرص العمل الجيدة محدودة جداً ، في سجون القاهرة الكبرى ، وغير متاحة إطلاقاً في سجون صعيد مصر .
 لذا نوصى الجهات المختصة بوزارة الداخلية بضرورة الاهتمام بمشكلة التأهيل المهني للمسجونين ، وزيادة عدد المصانع وورش التدريب في السجون ، وتكليف إدارات التعليم العام والجامعي بوضع خطط لإنشاء مدارس ومعاهد التعليم الصناعي والحرفي داخل السجون ، أسوة بما قامت به الإدارة التعليمية بـ ” بنها ” داخل سجن القناطر رجال ، حيث إن أفضل برامج التدريب ، هي تلك البرامج المرتبطة بالدراسات الأكاديمية .
وختاماً يمكن القول بأن المشكلة الحقيقية ، تتمثل في أن مؤسسات المجتمع المختلفة هي التي تصنع حياة مليئة بالمتاعب والرعب والبشاعة لبعض الناس ، ثم تلومهم حين يتحولون إلى مجرمين أكثر خطورة ، ولذا يجب توجيه الباحثين إلى القيام بدراسات علمية من أجل توضيح أبعاد تلك المشكلة .

التعليقات