كتاب 11

01:44 مساءً EET

التظاهر بين الحق والقانون

بعد إرتفاع الأصوات الرافضة لقانون التظاهر الذي صدر بمصر في نهاية نوفمبر 2013، ثار شك وجدل بين العامة حول مدى أهمية القانون ! فالبعض إعتبره أداة قمع، والبعض الآخر إعتبره موجه إلى القوى المعارضة ممن هم لا ينتمون إلى فصيل الإسلام السياسي، وإندلعت مظاهرات بدون إذن مسبق من الجهات الأمنية تحدياً لقانون التظاهر ! إلا أن الشارع المصري كان مؤيداً لقانون التظاهر ليس لشيء، إلا أن الناس قد سأمت وملت من المظاهرات التي أوقفت عجلة الإنتاج والإقتصاد منذ يوم 25 يناير 2011، فلماذا عارض البعض القانون، وهل جار القانون على حقوق المواطنين ؟ وأين يقع الخلل الذي أدى إلى الإعتراض على قانون التظاهر ؟

أولاً/ هل جار قانون التظاهر على حقوق المواطنين ؟
والحقيقة هي أن قانون التظاهر، ضروري لحماية حقوق المواطنين، فكوننا نعيش بدون قانون فهذا هو الظلم بعينه، فقد أساءت المظاهرات التي إندلعت في مصر منذ عام 2011، وحتى صدور القانون في عام 2013، إلى المواطنيين، وتمثلت الأضرار في أمور عدة نذكر منها على سبيل المثال :
قطع الطرق.
إنتشار السرقة في ظل غياب الأمن.
أن أغلب المظاهرات كانت ترفع شعار “سلمية” بينما هي لم تكن كذلك !
حدوث حالات وفاة بسبب غياب الأطباء عن المستشفيات، أو بسبب عدم تمكن المرضى من الوصول للمستشفيات بسبب قطع الطرق !
هروب الإستثمارات الأجنبية.
وقف عجلة الإنتاج في المصانع، بسبب مظاهرات العمال.
إرتفاع الأسعار المصاحب لتردي الإقتصاد، ووقف الإنتاج.
إنتشار حالة عامة من الفوضى، نتيجة غياب دولة القانون !
وغير ذلك.

مزايا قانون التظاهر :
عودة الأمن والإستقرار للبلاد.
تطبيق القانون يلزم المتظاهرون بأن تكون مظاهراتهم سلمية.
عودة الإستثمارات الأجنبية، لوجود دولة القانون.
إعادة عجلة الإنتاج من جديد.
إعطاء القدرة لأجهزة الدولة لمراقبة الأسعار.
القانون يكون هو الحكم، وليس مبدأ القوة.
أسباب الإعتراضات على القانون تعود إلى الآتي :
لا يوجد بمصر تعريف قانوني للحركات السياسية والإجتماعية.
كافة الحركات السياسية والإجتماعية تنشأ لأسباب، إذا ما تحققت، فإن تلك الحركات يجب أن تنتهي بزوال الأسباب التي نشأت من أجلها.
كان يجب على الدولة صياغة قانون للحركات السياسية أولاً، قبل صياغة قانون التظاهر.
ضخ تمويلات خارجية من دول ترتبط مصالحها، بما يخالف مصلحة الوطن في الوقت الحالي.
عدم وجود قوانين، وعدم وجود أجهزة رقابية، للرقابة على الأموال التي تصل إلى يد الحركات السياسية والإجتماعية.

عيوب قانون التظاهر الحالي :
لم يرد بقانون التظاهر الحالي، تحديد أمكان التظاهرات، أو النص على أن تتولى إدارات المدن أو المحافظات تحديد أماكن التظاهر !

الفرق بين التظاهر في مصر وفي الدول الديمقراطية :
أولاً/ التظاهر في الدول الديمقراطية :
كافة الدول الديمقراطية، تحدد أماكن خاصة للتظاهر، وفي حال “المسيرات” فإنه يسمح بها في مدن ولا يسمح بها في مدن أخرى، فعلي سبيل المثال، يسمح في “نيويورك” بالمسيرات، بشرط أن لا تتسبب في مضايقة الأفراد، وأن لا تعطل الطرق، وأن لا تزعج الناس بالصوت العالي، ولا تخدش حياء الأفراد بأي ألفاظ نابية.
في “واشنطن” على سبيل المثال، يوجد مكان مجهز أمام مبنى “الكابيتول” أو الكونجرس الأمريكي، للتظاهر وهذا المكان مجهز بأكثر ثلاثمائة دورة مياة، ويسمح في هذا المكان بالصوت العالي ! ويوجد عاملون نظافة تابعون للدولة يقومون على المكان ! والمظاهرات في هذا المكان لا ترفض تصاريحها ! بينما قد ترفض في حال عقدها أمام البيت الأبيض، وما يسمح به في المكان المخصص للمظاهرات لا يسمح به في أي مكان آخر.
في لندن لا يسمح بالمظاهرات إلا في حديقة “هايد بارك” فقط، فإذا ما خالف المتظاهرون القواعد وعقدوا مظاهرات خارج الهايد بارك، فإنهم يكونوا قد خالفوا القانون !
في “جنيف” تكون المظاهرات في الميدان المقابل لمبنى الأمم المتحدة، ولا يسمح في غير هذا المكان بالتظاهر !
كافة المظاهرات في الدول الديمقراطية تكون بتصاريح أمنية.
كافة المظاهرات في الدول الديمقراطية، تكون بشكل حضاري يجذب السياح ولا ينفرهم.
المظاهرات في الدول الديمقراطية لا تؤثر في الإستقرار والأمن العام.

ثانياً/ التظاهر في مصر :
تتسبب المظاهرات في إتلاف للمال العام والخاص، مثل ما تتعرض له سيارات المواطنين والسيارات التابعة للدولة.
تتسبب المظاهرات في خدش حياء الأفراد من خلال ما تتخلله الهتافات من ألفاظ خادشة للحياء.
تتسبب المظاهرات في تعطيل الطرق، وحركة الجسور والكباري.
تتسبب المظاهرات في بث الرعب للأجانب سواء كانوا مقيمين أو سائحين.
تؤثر المظاهرات على الإستقرار والأمن العام.
ترسم المظاهرات صورة سيئة للدولة في الخارج، مما يعطي شعوراً، بأن مصر ليست بدولة !

في النهاية :
كيف نتحول إلى دولة ديمقراطية، تؤمن بحق التظاهر، في ظل إحترام متبادل بين أجهزة الدولة وبين المتظاهرين ؟ يجب تحقيق الآتي :
تقنين أوضاع الحركات السياسية والإجتماعية.
الرقابة الحازمة على أموال الأحزاب والحركات السياسية، ومعرفة مصادرها.
أن تكلف الوزارات مسؤلين عن شكاوى المواطنيين، والعمل الجاد على حلها، وفي حال التكاسل أو التباطؤ، يجب أن يحاسب المسؤليين إبتداءاً من الوزير ونهاية بأصغر الموظفين المسؤلين.
أن تكون ممارسة السياسة من خلال قنوات شرعية.
القانون يكون هو الحكم، وأن تكون العدالة معصوبة العينين، لا تفرق بين وزير أو عامل نظافة.
يجب أن يشمل قانون التظاهر، تحديد أماكن للتظاهر في كافة المدن، وأن تجهز تلك الأماكن لهذا الغرض.
يجب أن يجرم قانون التظاهر أي ألفاظ خارجة خادشة للحياء.
يجب أن يسود الإحترام من قبل الشرطة والأجهزة الأمنية، للمتظاهرين طالما إلتزموا بالقانون، ولم يخالفوه.
يجب أن تكون المظاهرات سلمية فعلاً وقولاً، فلا يسمح بإتلاف المال العام عن طريق الكتابة على الحوائط، أو إتلاف مال عيني للدولة أو للأفراد.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت

التعليقات