كتاب 11

12:06 مساءً EET

تكذيب.. “نجم” لم يمت.. فالأفكار لا تموت

هو خبر كاذب تناقلته وكالات الأنباء، نعم كاذب، لم يمت جيفارا، ولم يمت أحمد فؤاد نجم، كلاهما فكرة، والأفكار لا تموت، رحل الجسد النحيل وعاش الشاعر المصري فينا، في آثاره الباقية، بعطاء إنساني باق بقاء الأرض، شاعر الشعب الذي مثل أحد أهم الظواهر الشعرية السياسية المصرية، وستظل السماء شاهدة على ما بذله من روحه ونضاله الطويل، فلم يحصل نجم على جوائز مبارك، ولم يتلق علاجا على نفقة الفقراء المعدمين كما فعل غيره، ولم يهادن ولم يدلس ولم يكن يوما من الشعراء الذين باتت قصائدهم “كلينيكس” في حمَّامات الأمراء.

نجم المناضل اليساري ستظل أشعاره مطعما لجائعي الحرية وملهمة لروح الثورة، ستظل قيمة فى حياة الشعوب العربية وغيرها من الشعوب التي طعنها الاستبداد.

وكانت آخر كلمات نجم التي ألقاها عقب إحياء أمسية شعرية بالعاصمة الأردنية عمان منذ يومين، إنه يرى ما حدث في 30 يونيو موجه ثالثة للثورة، وأن مصر “مامتتش” وأنه لا يريد الفريق السيسي أن يترشح للرئاسة قائلاً:”السيسي خليه للجيش وبس”، أما الإخوان فقال عنهم “خليهم يغوروا بقي”.

ولد شاعرنا في قرية كفر أبو نجم بمدينة أبو حماد فى محافظة الشرقية يوم 23 مايو من العام 1929ضمن 17 ابنًا، لم يتبق منهم سوى خمسة، وبوفاة والده انتقل لبيت خاله بمدينة الزقازيق، وضاق به البيت فاستقر به المقام في العام 1936بملجأ للأيتام، ولم يخرج إلا بعد بلوغه 17 عاما، ليعود إلى قريته، وضاق به العيش من جديد فقصد القاهرة، متنقلا بين مهن إلى أخرى، حينها تعلم القراءة والكتابة، ثم التحق بالعمل في النقل الميكانيكي بحي العباسية في العام 1959، وكان على موعد مع النضال حيث عمل بأحد معسكرات الإنجليز، وانخرط بين الفدائيين يعاونهم في حراكهم البطولي ضد الإنجليز، وقتها تعرف على رفيق دربه الشيخ إمام عيسى رحمه الله الذي تغنى باشعار نجم المفعمة بتجليات المحروسة، أشعار حملت آلام مصر وأحلامها .

في خمسينيات القرن المنصرم اكتشف نجم طريق الشعر، وفي الستينيات ذاع صيته كشاعر سياسي يمتك حسا اجتماعيا ويكتب للحرية والعدالة الاجتماعية متمتعا بشجاعة جعلته ضيفا على السجون في عهدي عبد الناصر والسادات.

واصبح من اهم الظواهر الشعرية السياسية بعد لقائه مع الملحن والمغني الراحل ولا يفوتنا أن الثنائي نجم وإمام اصبح الاثنان كان الوقود لمظاهرات الطلبة في مطلع السبعينيات، وكذلك في انتفاضة الخبز التي اندلعت يومي 18 و19 يناير من العام 1979 والتي أسماها السادات انتفاضة الحرامية، ولم يقتصر مد أشعار نجم وغناء إمام داخل حدود المحروسة، بل شاع في سائر الدول العربية، فقد كان نجم معارضا بأشعاره لكل الأنظمة الإستبدادية.

نجم الذي تردد على السجون مرات اختارته المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للأم المتحدة سفيرا للفقراء في العام 2007.

غدا تكتمل الأسطورة ونتحقق من فكرة عرفت باسم “أحمد فؤاد نجم”، فكرة نيرة عن عشق الوطن والحياة تتناقلها الأجيال، وأسطورة للنضال من أجل الحرية. 

التعليقات