كتاب 11

08:15 صباحًا EET

عن الدستور .. سألونى !!

 
تقـول الأمثال الشعبية المصرية العبقريـة : لقمة هنيَّة .. تكفِّـى 100 ؛ إدِّى ( العيش ) لخبَّازه ؛ويقول شاعرنا بيرم التونسى : قال إيه مُراد ابن آدم .. قلت له : طقَّـة ؛ قال ايه يكفِّى منامه ..قلت له : شقة !! قال ايه يعجِّل بمُوته .. قلت له : زقَّـة !! قال : حد فيها مخلَّد .. قلت له : لأه !!ويقولون أيضاً : ان الخبز رغيف الحياة !! أى أنه تعبير مرادف للحياة فى كل حضارات العالم القديم والحديث ؛مع اختلاف شكله ولونه ومذاقه من مكان الى آخر ؛ وحتى باختلاف مكوناته إلا أنه ظل رمزاً موحداً فى التاريخ والتقاليد الاجتماعية عبر آلاف السنين .

وتقول الأسطورة الخرافية : ان النساء كنَّ يشبهن ( العجين ) ببطن المرأة الحامل الذى يكبر شيئاً فشيئاً .. الى ان ينضج ويقدم لنا الحياة كما العجين الذى يرتفع بالخميرة ؛ الى ان يصبح جاهزاً ليتم خبزه ليؤكل . وفى ايطاليا كانت النساء الايطاليات يقفن امام ( المعجن ) ويقلدن أوجاع الولادة وألم انقباض العضلات وانبساطها .. املاً فى ان يرتفع العجين ويختمر !! ويقولون أيضاً ــ وانا أقتنع ــ ان الوثائق تؤكد ان مصر الفرعونية ، هى أول من اكتشفت ( الخميرة ) وأول من اكتشف عظمة ( حبَّة القمح ) التى يعتبرونها مثالاً صادقاً لانتاج الحياة . ولكن كانت الآفة القاتلة أن الأمراء والحكام من الملوك والسلاطين .. استكثروا على الشعب أن يأكل الرغيف الأبيض المصنوع من القمح الخالص مثلهم .. ليخترعوا للفقراء ( رغيف الخبز الأسمر !!) المخلوط بدقيق الذرة والشعير ؛ ويُحاكَمْ كل من يضبط متلبساً بأكل الرغيف الأبيض لأنه مخصص لطبقة الحكام والأمراء والكهنة فى المعابد .. ولا يتناوله العامة والدهماء من الشعب !!

ولعلنا نتذكر النكتة الشهيرة عن الملكة ( مارى انطوانيت ) .. عندما سألت عن سبب تظاهر الشعب غضباً .. فقيل لها : ان الشعب يريد أن يأكل ولا يجد ( الخبز ) .. فقالت لهم : إذا لم يكن هناك خبزاً فليأكلوا البسكويت !! وبصرف النظر عن كذب أو صدق تلك الروايات عن الملكة مارى انطوانيت ـ وهذا ليس موضوعنا الرئيس ـ إلا أنى اريد التاكيد على اهمية ( الخبز للحياة ) فى مصرنا المحروسة .. او التى كانت محروسة الى عهد قريب . ولكنى عزيزى قارىء سطورى . أحاول احاطتك بأهمية الخبز للحياة وكرمز لضروراتها .. خاصة مع أرضية فقيرة معدمة فى غالبية شعبنا المصرى العظيم والمقهور دوماً من حكامه الذين يصعدون الى سدة الحكم على أكتافه وبأيدى الغلابة .. ثم يقومالحكام بتطبيق المثل العربى الذى اخترعه الحكام للقهر ؛ وهو ( جوَّع كلبك .. يتبعك !! ) ؛ ولهذا ولكل تلك الحقائق .. قامت غضبة الجماهير للثورة وشعارها : عيش .. حرية . عدالة اجتماعية !! والطريق الى تحقيق ذلك .. لابد من حماية وغطاء لحماية مكتسبات الشعب من تلك الثورة .. والتى دفع ثمنها غالياً من الدماء التى أريقت على أسفلت الشوارع والميادين ح ولا يريد سوى تأمين الحدالأدنى من سبل الحياة الشريفة الكريمة لأجيال قادمة .. تنشد الحرية قبل الرغيف ؛ فمنذ رسالة الفلاح الفصيح والتى اعتبرت كصرخة فى وجه الفرعون .. عرفت مصر الطريق الى شكل الدولة واقامة دعائمها وتعلم منها الغرب .. وكان الاحتكام الى ( العُرف ) هو السائد.. الى ان توصلنا الى ( ميثاق شرف ) يلتزم به الحكام أمام الشعب .. وهذا الميثاق هو ماعرف فيما بعد باسم ( الدستور ) .. وهو الذى ينتظره الشعب المصرى الآن .. ليخرج الى النور حاملاً فى طياته ضمانات للحياة الكريمة .وقديقول قائل : أن هناك بعضاً من ( العوار ) فى مواد الدستور المزمع اصداره رغم جودته فى الغالبية العظمى من مواده .. ولكن دعونا الان نخرج من هذا النفق المظلم الذى وضعتنا فيه جماعة الارهاب المحظورة فى 367 لية سوداء فى تاريخ مصر .. ولكن وعلى رأى المثل المصرى العبرى ايضاً الذى يقول : ( اننا لن نحرق الجلباب .. من أجل برغوت !! ) ويالعبقرية هذا الشعب المصرى العظيم .

ترى .. عزيزى القارىء النبيل : هل استطعت تلخيص ماأريد توصيله الى ذهن معاليك .. و عماذا نريد من الدستور القادم .. رغم اننى لم اتحدث اطلاقاً عن الدستور الذى أتيت به اليك عنواناً لفتح الحديث معك .. سنقول لميثاق الشرف القادم : نعم بكل مافيه لأننا : ( لن نحرق الجلباب .. علشان برغـوت !! )

وتحياتى للجميع .. والبرغوت أمره سهل فيمابعد !!

التعليقات