مصر الكبرى

09:12 صباحًا EET

أبدا لم تكن مهيبة

اغسلي بدله الجيش ياما عشان مسافر,يا ضنايا أنت لحقت تقعد ! مالحقتش اشبع منك ,معلش ياما عاوزانا نسيب إسرائيل تاخد أرضنا !"قالها ثروت وباسم ومحمد سليم وستة عشر بطلا باغتتهم وغدرت بهم أياد نجسة تلوثت بدمائهم الذكية العاطرة . قالوها لآخر مرة !قالها الملازم ثروت الذي يبلغ من العمر أربعين سنة وهو يودع فرحته وأمله الذي طال انتظاره له ثمانية  عشر عاما  في أن ينجب طفلا وعندما تحقق الأمل ذهب هو !لتبكي عليه كل العائلة فقد كان حنونا عطوفا رأيت حرقة في عيون ابنة أخته تجمعن على ارض المسجد  ولم يكن العدد كبيرا جدا وذكرت لي إحدى الحاضرات انه يوم عمر سليمان كان العدد أكثر من ذلك تتحسر ابنة أخت الملازم ثروت على ينبوع الحب والحنان ,أما والدته أقعدها الكبر وهول الصدمة أن تحضر للصلاة عليه في مسجد آل رشدان قائلة "هو هيجيلي هنا البلد وأشوفه "لقد عرفت عائلة الملازم ثروت الخبر عن طريق ابن آخيه الذي يعمل بالسعودية !اتشح المسجد بالسواد وبدا الحزن والانكسار والقهر والحسرة على الجميع فالألم موجع قاسي لتقف بجانبي رحاب فتاة تبكي بهدوء وحسرة شديدة سعادتها وعمرها الذي غدروا به !أنها رحاب خطيبة باسم فتاة جميلة في العشرين من ع عمرها ظلت تتنظر الجثمان ينزل على السلالم  وزجرتها أمها "باسم يابت ! فرفعت رحاب رأسها لأعلى كي لايفوتها أي شئ ونادته"باسم …..باسم ..مع السلامة ياباسم في الجنة ياباسم في النعيم ياباسم !احتضنتها وهدأتها وقلت لها "اصبري حقه لن يضيع قلتها وأنا خائفة أن يبدو عدم صدقي على وجهي .من سيأتي بحقه وحق خمسة عشر شهيدا راحو ضحية للاهمال والخيانة والاستهتار بأرواحهم وآدميتهم !هل يوجد في العالم دولة تعرف إن انفاقا مفتوحة على حدودها وتلزم الصمت ليتسرب من خلالها المخدرات والإرهابيين والبلطجيين وتختفي عبرها واحد وأربعون ألف سيارة مسروقة وتصمت؟!!!!!!!!!!!!

اليس المشير وزير الدفاع مسئولا عن تامين المكان وإلا لان من ماتوا ليسوا أولاده والمصري بين يديه دمه رخيص ؟!لماذا حذر اليهود أبناءهم قبلها بعدة أيام في حين ضاع أولادنا في شربة ماء لأنه لم  يهتم احد أو يعمل لهم اعتبارا ويبلغهم أو يشدد الحراسة ا أي شئ ؟!وبعد ذلك لايعاقب المهمل الخائن على جريمته !اكتظ المسجد بالمعزين وسمعت من خارج الأسوار الحديدية أصوات تعلو شيئا فشيئا "اطلع برا اطلع برا "علمت بعدها أن المقصود منها هو الدكتور مرسي رئيس الجمهورية .كانت أنماط المعزين مختلفة الأكثر حزنا هم أهالي الشهداء الذين لم يعيرهم لاهتافات ولا شتائم فلم أرى  منهم سوى البكاء والنحيب يرتمون على كفن ابنهم الشهيد في نحيب  رجالا قبل النساء .انتابني إحساس مايحدث في الانتخابات وسادني شعورا بان هناك مجموعات كثيرة من الحاضرين مبرمجين ويسمعون مايحفظونه من الشتائم من السيدات وبصفة خاصة للدكتور مرسي والإخوان وحماس ويزداد حنقهم وانفعالهم الهستيري إذا جادلهم احد !الفلسطينيون خائنون يكرهوننا ..دول تربية إسرائيل فسألتها كيف ؟!قالت لي حماس وعلت على إثرها الأصوات إيه اللي جايب هنية يامرسي والله لنخلعك يامرسي .
يامرسي ياكلب دم ولادنا ضيعتوا هدر .حاولت أن افهمها أننا في عزاء وان المشير طنطاوي مسئول مع الرئيس مرسي أيضا فصرخت في وجهي بانفعال لا ..لا..لا…ماتقوليش طنطاوي وبصوت عال ..الجيش هو اللي حماهم .توالى نزول الأكفان لنتجه الى المنصة ووجدت أم الشهيد محمد سليم سلامة على الأرض وبجوارها ابنتها تبكي الأم وتنظر وصول ابنها نازلا من على سلالم المسجد تنتحب قائلة "يابني …يابني تحتضنها ابنتها قائلة ياما …ياما متعيطيش ياما شعرت أن الموت ذل وانكسار للغلبان والفقير احتضنتها وقبلتها على رأسها قائلة لها "الصبر يا أمي هو ملاك في الجنة بإذن الله "ردت علي قائلة "والله قال لي مش راجع ياما ..وقد رددت أمهات كثيرة هذه الجملة على لسان الشهداء كما لو كان كلهم قد اجمعوا على اليأس من حياتهم ومن المكان ومن الدنيا كلها .تحركنا بالهتافات والشتائم التي علا صوتها تنديدا بالإخوان ومرسي ركبنا أتوبيسات أعدتها القوات المسلحة لنصل الى المنصة وفي الأتوبيس  تبادل اثنان احدهما صديق احد الشهداء من الشرقية وانتهى الجدل الى الشتيمة بأفظع الألفاظ في حضور أم الشهيد طارق المغمى عليها .ووصلنا الى المنصة ومر بجوارنا الشيخ حافظ سلامة لينكب عليه الناس ويشدون ملابسه ويتهمونه بالذي حدث ووصل الأمر أن أتحفتني واحدة بان الشيخ سلامة مواليد السويس البطلة فلسطيني وانه ينتمي الى حماس !عندئذ جادلتها واحدة فقالت لها كيف ردت عليها هو كده "أنتي ماتتكلميش ".ظللنا ننتظر سيادة المشير أكثر من ثلاثة أرباع ساعة وعربات الإسعاف التي تحمل الشهداء في الشمس الحارقة !أنت المسئول الأول عن وفاتهم بسبب اهمالك وانشغالك طوال ثمانية عشر شهرا تحمي نفسك والمخلوع وزبائنته !أوهمك تحالفك مع الصهاينة إن مصر في أمان !مشت الجنازة وعلت الهتافات ليست الله اكبر كما كنت أتخيل ولكن بالسب في الرئيس والإخوان واخذ الأهالي شهداءهم واستمرت المسيرة التي علا فيها هتاف عمرو حتى عمرو ابن الميدان الذي لم يكن يردد ألا بسقوط حكم العسكر لم يفعل ولم يشير لامن قريب ولا من بعيد بل ردد وردد الناس الذين لم يكونوا كثيرين "يسقط يسقط حكم المرشد "تركتهم ولم أسير معهم في هذه المسيرة التي شممت فيها رائحة تقسيم بلدي والى فتنة بيننا وبين الإخوان والتي ارفضها مهما كانا اختلافنا معهم فهم جزء من نسيج مصر وشممت رائحة الخلاف مع الفلسطينيين وهم أخوتنا في العروبة على طول الزمان مصر هي الأم.

التعليقات